وجّه رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، سعيد بعزيز، انتقادات لاذعة للحكومة، متهماً إياها بصياغة مشروع قانون التعويض عن حوادث السير بشكل يخدم مصالح شركات التأمين، التي وصفها ب"مصّاصي دماء المواطنين". ورأى أن توقيت إحالة المشروع على الجلسة العامة "ليس بريئاً"، معتبراً أن هدفه منح سنة إضافية لشركات التأمين للاستفادة من النظام القديم، بما أن مقتضيات القانون الجديد لن تُفعّل إلا بعد سنة من نشره في الجريدة الرسمية. وخلال الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب صباح اليوم الثلاثاء، اعتبر بعزيز أن مشروع القانون رقم 70.24 المتعلق بتغيير الظهير المنظم لتعويض ضحايا حوادث السير "تشريعٌ على المقاس"، قائلاً إن المواطنين كانوا ينتظرون إصلاحاً حقيقياً منذ 1984 "لكن النتيجة هزيلة لا ترقى إلى حجم الإشكالات المطروحة". وسجّل المتحدث أن المشروع يكشف بوضوح "أن همّ الحكومة لم يعد منصباً على حماية المواطن، بل على خدمة فئات لها ارتباطات واضحة بمحيطها"، مضيفاً أن مواقف بعض المدافعين عن هذا النص "تتناقض مع خطاباتهم السابقة ضد الفراقشية"، على حد قوله، ومشيراً إلى "تسريب تعديلات وضعت لصالح فئات ضد أخرى". كما انتقد بعزيز إعلان الحكومة رفع التعويضات ب54 في المئة، معتبراً أن الأمر "ليس دقيقاً"، موضحاً أن السلطة التنفيذية كانت وعدت — داخل اللجنة — بالرفع من الحد الأدنى للتعويضات إلى 50 ألف درهم، "لكنها تراجعت عن التزامها". وأشار أيضاً إلى أن الحكومة كانت قد التزمت بأن تشمل المستجدات الملفات غير المسوية بعد، "قبل أن نتفاجأ بأنها ستطبق فقط على الحوادث التي ستقع بعد دخول القانون حيز التنفيذ، في انسجام تام مع مصالح شركات التأمين"، على حد قوله. وسجّل البرلماني أن الحكومة كانت تدافع بقوة عن تعميم تطبيق القانون على جميع المتضررين غير المسوين لوضعيتهم، معتبراً أن تقليص عدد الملفات التي ستُعرض على القضاء بعد دخول النص حيز التنفيذ "يكشف الخلفية الحقيقية للمشروع". وفي سياق انتقاداته، وصف بعزيز ما تقدمه الحكومة لشركات التأمين ب"الشيك على بياض"، متسائلاً إن كانت هذه الشركات "مواطِنة فعلاً طالما أنها تستفيد على حساب حقوق المواطنين؟". وأكد أنه من واجب المؤسسة التشريعية الوقوف ضد "مصّاصي الدماء، حتى إن كانوا جزءاً من البرلمان"، قبل أن يوضح أن المشروع تمت المصادقة عليه في اللجنة بتاريخ 3 نونبر، "لكن تحويله إلى الجلسة العامة تأخر قرابة شهر لأن شركات التأمين ليست راغبة في دخوله حيز التطبيق قبل يناير". وأضاف أن الطريقة التي يجري بها تدبير هذا النص ستُكسب شركات التأمين سنة إضافية، "لأنها ترغب في تأجيل تطبيقه إلى يناير 2026، ما يعني أن تفعيل مقتضياته لن يبدأ فعلياً إلا سنة 2027"، وفق تعبيره. وختم بعزيز مداخلته بانتقاد تأخر برمجة المشروع في الجلسة العامة، معتبراً أن اللجنة المختصة "قامت بواجبها، لكن البرلمان لم يؤدّ دوره كما ينبغي".