تتسابق كل من الجزائر والمغرب على امتلاك السلاح في الآونة الأخيرة، ويخفي هذا الطموح الجامح عدة أسباب، على رأسها الصراعات الإقليمية والتهديدات الإرهابية في القارة الإفريقية. وأكد التقرير الأخير الصادر في فبراير الجاري، عن المعهد الوطني للسلام في ستوكهولم (سيبري)، استمرار تسابق الجزائروالرباط لامتلاك السلاح، مصنفا البلدان على رأس الدول المستوردة للأسلحة، بمراكمتهما لأكثر من نصف مشتريات القارة، حيث بلغت نسبة مشتريات المغرب من الأسلحة 15 بالمائة، ونسبة مشتريات الجزائر 46 في المائة في الفترة الممتدة ما بين 2012 و2016، موردا ارتفاع واردات المغرب من الأسلحة ب528 بالمائة مقارنة بالفترة الممتدة مابين 2006 و2010. ورغم أن الجزائر ارتفعت نسبة وارداتها ب4.7 في المائة فقط مابين 2012 و2016، إلا أن البلد لازال يتصدر الدول المستوردة، للأسلحة بالقارة، حيث أن ذات التقرير صنفها، في المرتبة الخامسة، عالميا وراء الهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدةوالصين، بينما احتل المغرب المرتبة 24 عالميا. وقال داليا غانم-يزبك Dalia Ghanem-Yazbeck، الباحث في مركز "كارنيغي Carnegie" للشرق الأوسط في بيروت، إن الرباطوالجزائر نهجت سياسة خاصة على عكس جيرانها، مبرزا أن الإنفاق العسكري في إفريقيا انخفض بشكل عام بما نسبته 6.6 في المائة ما بين 2007-2011 و2012-2016. مرجعا ذلك إلى الوضع الاقتصادي في البلدان الإفريقية. وتعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، حسب ذات التقرير، المورد الرئيس للأسلحة للمغرب، (44 بالمائة)، فيما تستورد الجزائر أساسا من روسيا (60 في المائة) والصين (15 في المائة). وفي هذا الصدد قال الخبير إن الصين، طورت استراتيجية دبلوماسية فعالة، وحسنت قدرتها الإنتاجية عبر تعزيز خبرتها في الأسلحة، وهذا ما جعل البلدان (الصينوالجزائر) يكثفان علاقتهما الاقتصادية، خصوصا في السنوات الثلاث الماضية حيث أصبحت الجزائر الشريك الأول للصين في المغرب الكبير. "الأمر نفسه ينطبق على روسيا حيث حافظت الجزائر على التعاون القوي بينهما منذ وقت الحرب الباردة"، يورد ذات الباحث. وأضاف المتحدث أن هذه الرغبة الكبيرة في التسلح، بين البلدين تجعل القارة غير مستقرة، مشيرا إلى أن الدولتين، انخرطتا في تطوير الجيش من أجل أسباب إقليمية ومحلية، ومنها تهديدات الجهاديين في السنوات الأخيرة، والجماعات الإرهابية، وظهور تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في 2007، أضف إلى ذلك ظهور الدولة الإسلامية في سوريا، مشيرا إلى أن المغرب أصبح وكرا لتجنيد الجهاديين من الدولة الاسلامية. "كل هذه المؤشرات ساهمت في تكثيف الاستراتيجيات العسكرية في البلدين"، يقول ذات الخبير. وموازاة مع ذلك، أشار الباحث إلى أن السباق نحو التسلح بين البلدين تحفه مجموعة من الخلفيات الأخرى، على رأسها قضية رسم الحدود التي شكلت محور صراع بين البلدين من عقود خلت، بالإضافة إلى مناخ الحرب الباردة السائد بين البلدين بسبب قضية الصحراء، حيث أن المغرب يؤكد أن الصحراء جزء لا يتجزأ من أراضيه، واضعا حل الحكم الذاتي، بينما "البوليساريو" المدعومة الجزائر، تدافع عن الحق في تقرير المصير. وأورد الخبير أن هذا النزاع ظهر بشكل بارز على الصعيد الدبلوماسي، إبان عودة المغرب رسميا إلى الاتحاد الإفريقي في 30 يناير 2017، حيث عارضت الجزائر عودته بشدة. وتنبأ الخبير بعدم توقف المنافسة بين الجزائر والمغرب على مستوى التسلح، مشيرا إلى أن "كل بلد يكافح للحد من الطموحات الإقليمية للبلد الآخر"، قبل أن يبرز أن المختصين في مركز استخبارات الدفاع الاستراتيجي، توقعوا أن تبلغ ميزانية النفقات العسكرية في المغرب 3.4 مليار دولار عام 2017، و3.9 مليار دولار سنة 2022. مقال مترجم بتصرف من موقع orientlejour.com.