قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم الإيراني ضد قاعدة العديد        زغنون: في غضون شهرين ستتحول قناة 2m إلى شركة تابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    ترامب يطالب إسرائيل بعدم إلقاء المزيد من القنابل على إيران    جدول أعمال مجلس الحكومة الخميس    لفتيت مطلوب في البرلمان بسبب تصاعد ظاهرة "السياقة الاستعراضية" بالشواطئ المغربية    الهولوغرام يعيد عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين 2025    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    الهولوغرام يُعيد أنغام عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين    خورخي فيلدا يكشف عن قائمة المنتخب النسوي المشاركة في كأس إفريقيا    مونديال الأندية.. حكيمي يتوج بجائزة أفضل لاعب في مباراة باريس سان جيرمان وسياتل ساوندرز    الوداد يطمئن أنصاره عن الحالة الصحية لبنهاشم وهيفتي    المغرب وتركيا يتفقان على تعزيز التبادل التجاري وتوسيع التعاون الاقتصادي في ختام اجتماعات رفيعة المستوى بأنقرة    بلكوش: المنتدى العربي الإفريقي للمقاولة وحقوق الإنسان تعزيز لمواصلة الشراكة والتعاون بين المنطقة العربية وعمقها الإفريقي    مشروع ضخم لطاقة الرياح يرى النور في العيون بشراكة مغربية إماراتية    العراق يعيد فتح مجاله الجوي بعد هدنة إيران وإسرائيل    إسرائيل تعلن رصد إطلاق صواريخ إيرانية بعد إعلان وقف إطلاق النار وطهران تنفي    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    كأس العالم للأندية .. الأهلي خارج المنافسة وإنتر ميامي يصطدم بباريس    ترامب يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها على وقع الأخضر    بعد تداول أنباء إعفائها.. مديرة "أنابيك" توقع اتفاقية شراكة مع وزارة الشباب والثقافة    رغم الخسائر الثقيلة.. إيران استسلمت والتزمت بوقف إطلاق النار أولًا قبل إسرائيل    وفد من مؤسسة دار الصانع في مهمة استكشافية إلى أستراليا لتعزيز صادرات الصناعة التقليدية المغربية على الصعيد الدولي    ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    "بي واي دي" الصينية تسرّع خطواتها نحو الريادة العالمية في تصدير المركبات الكهربائية    رمسيس بولعيون يكتب... البرلماني أبرشان... عاد إليكم من جديد.. تشاطاراا، برويطة، اسعادات الوزاااار    توقعات حالة الطقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    النسخة السادسة والثلاثون من عرض الموضة Révélations صُنع في المغرب: تكريم للتميز في الإبداع المغربي    بركة: 300 كيلومتر من الطرق السريعة قيد الإنجاز وبرمجة 900 كيلومتر إضافية    ميناء الحسيمة يستقبل أول رحلة في إطار عملية مرحبا 2025    الدرك يقتحم "فيلا الماحيا" في الجديدة    بركة: انقطاعات مياه الشرب محدودة .. وعملية التحلية غير مضرة بالصحة    الهلال السعودي يتواصل مع النصيري    إيران ترد بقوة على اغتيال عالمها النووي    بين الآلي والإنساني .. "إيسيسكو" تناقش الجامعة في زمن الذكاء الاصطناعي    الحسيمة تترقب زيارة ملكية خلال الأيام المقبلة    الذهب يرتفع وسط الإقبال على أصول الملاذ الآمن مع ترقب رد إيران    27% من القضاة نساء.. لكن تمثيلهن في المناصب القيادية بالمحاكم لا يتجاوز 10%    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    كأس العالم للأندية.. "الفيفا" يحتفل بمشجعة مغربية باعتبارها المتفرج رقم مليون    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ عبد الكريم أكبر من أن يكون حلبة لتصفية حسابات شخصية‎
نشر في شبكة دليل الريف يوم 14 - 06 - 2016

تابعت مؤخرا كما تابع معنا المتتبعين والمهتمين نقاشا يتناول جوانب من شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي، هناك من أقر استنادا لمعطيات تاريخية استقاها أو خَلُص إليها أن عبد الكريم لم يكن إلا فقيه سلفي، وهناك من رأى فيه ذلك الرجل الحداثي (يشرب الخمر) عند البعض علامة توحي على الحداثة مستندا في ذلك لحكايات تاريخية، موظفا منهج "العنعنة"، مما فتح الباب لردود أفعال سُميت من طرف المتتبعين والمهتمين بالتهجم على أصحاب مبادرة زيارة جزيرة لا ريينون التي نُفي إليها محمد ابن عبد الكريم الخطابي.
فعلى الرغم من التوضيح الذي نشره "جمال الكتابي" على حائطه الفايسبوكي نافيا فيه ما نُسب إليه من كون "عبد الكريم يشرب الخمر" أو بالأحرى معلنا أن سوء فهم ما حصل في نقل ما قاله في ندوة بطنجة، ألح بعض المهتمين بتخصيص مقالات نُشرت في مجموعة من المواقع الإخبارية كتبت بلغة لا تخلو من التهكم والتسفيه والإستفزاز إن لم نقل بلغة لا ترقى إلى مستوى الحديث عن مدرسة نضالية ألهمت الحركات التحررية في العالم.
فاحتراما لذلك التاريخ ولتلك الدماء الطاهرة التي روت جبال الريف، كان لزما اختيار قاموس لغوي راقي يليق بتلك الحقبة التاريخية الذهبية، عوض السقوط في الشخصنة، ولأن كل الأطراف لم تعيش تلك الأحداث، تمنيت لو التزموا منطق الاجتهادات والنقاش الهادف والمثمر والنقد البناء بعيدا عن الشخصنة والذاتية التي غالبا ما تكون عائقا ابيستمولوجيا يسد كل أبواب المعرفة والحقيقة والإجتهاد.
لكن للأسف إختاروا التنابز بالألقاب والتخوين عوض المقارعة الفكرية، والمزايدات "كمنهج" عوض الاحتكام إلى المناهج العلمية الصارمة على الأقل لتعميم المعرفة والإستفادة. ماذا سنستفيد نحن كمتتبعين أو باحثين من كون أن محمد عبد الكريم كان يشرب الخمر؟ بتعبير أخر هل لهذه المعلومة قيمة علمية وتاريخية ستساعدنا على فهم وشرح تلك الحقبة التاريخية؟ كما يحق لنا أنا نتساءل أيضا حول الأهمية العلمية والتاريخية كون محمد ابن عبد الكريم الخطابي كان يصلي الفجر...؟ إن التفكير فقط في الإجابة هو تفكير في طرح أسئلة أخرى أكثر جرأة والجواب عنها سيكون خطوة لرفع اللبس عن نقاش اختلط فيه الحابل بالنابل، اختلط فيه الشخصي بالتاريخي، بل الجواب عليها سيبين أسباب سقوط هؤلاء في الشخصنة! ما معنى التاريخ؟ و لماذا التاريخ؟ ما أهمية التاريخ؟ أو قل ماذا نريد بهذا التاريخ الآن وهنا؟
هاته الأسئلة هي مفتاح فلسفة التاريخ وهنا لا يعني أن الفلسفة أو الفيلسوف يزاحم المؤرخ في مهامه وإنما محاولة إنارة طريقه بميكانيزمات حتى لا يتيه وسط طريق مليئ بالأحداث التاريخية، بل هي مغامرة من المؤرخ ما لم يكن مسلحا بسلاح علمي صارم.
ولتسليط الضوء على أهمية فلسفة التاريخ في خوض تجربة النبش في الماضي أجد نفسي ملزما باستحضار رؤى بعض الفلاسفة والمؤرخيين، سأبدأ باستحضار مفهوم التاريخ عند ابن خلدون، يقول في مقدمته " ...فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداوله الأمم والأجيال وتشد إليه الركاب والرجال. وتسمو إلى معرفته السُّوقة والأغفال. وتتنافس فيه الملوك والجُهال، إذ هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام و الدول...و في باطنه نظر و تحقيق و تعليل..." إذن فالتاريخ عند ابن خلدون ليس علم بظاهر الأحداث( شرب الخمر مثلا أو الصلاة..) وإنما علم باطني بكيفيات الوقائع والأسباب، نفس الشئ ذهب إليه المؤرخ الفرنسي هنري إيريني مارو، فعند إجابته عن السؤال ما التاريخ؟ قال: ... سأقترح الإجابة التالية: " التاريخ هو معرفة الماضي الإنساني، نقول معرفة وليس سردا للماضي الإنساني أو عملا أدبيا يتوخى إعادة كتابة ذلك الماضي كما قد يظن البعض..." إذن فحسب هنري فالتاريخ ليس سردا أدبيا بل معرفة علمية تستند إلى منهج علمي صارم، وبالتالي فلا مجال للمزايدات..
أما فيما يخص مناهج كتابة التاريخ والتحقق من مدى صحة الوقائع والأحداث ومسألة الموضوعية، فنحن ملزمين باستحضار موقف أحد رواد فلسفة التاريخ إنه الفيلسوف الألماني هيجل الذي ينبهنا إلى ثلاثة مناهج يمكن الاعتماد عليها لكتابة التاريخ ويمكن حصرها في ثلاثة: الأول: التاريخ الأصلي: يقصد هيجل بهذا النوع من المنهج ذلك التاريخ الذي يكتبه مؤرخ وهو يعيش الوقائع والأحداث. الثاني: التاريخ النظري: هذا النوع الثاني من الكتابة التاريخية سِمتها أن المؤرخ أو الباحث لم يعيشا الأحداث، وإنما يحاولا جمع معلومات حول أمة من الأمم في عصر من العصور وصياغتها بعدما تأكدا من صحتها وأهميتها. الثالث: التاريخ الفلسفي: يقصد به هيجل دراسة فلسفية للتاريخ بمعنى دراسة التاريخ من خلال الأفكار وإخضاعها لمنهجية التفلسف، لأن التاريخ هو تاريخ الإنسان.بمعنى الإهتمام بالأفكار لا بالعرض.
خلاصة القول، إن دراسة التاريخ يستدعي أن نعي أولا بأهميته وقيمته كتاريخ بأخطائه بسلبياته وإيجابياته حتى يكون درسا للاستفادة منه في الحاضر ودرسا لفهم المستقبل وليس مجالا للمزايدات، كما يستدعي منا أن نكون ملمين بالمناهج العلمية السليمة والصارمة لدراسته عبر تفسيره عقليا وليس سرده قصصيا ووجدانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.