توفي الشاب السنغالي عبدو نغوم، الذي اشتهرت صورته وهو يعانق متطوعة من الصليب الأحمر الإسباني بعد وصوله سباحة إلى مدينة سبتة في ماي 2021، يوم الثلاثاء الماضي عن عمر يناهز 29 عامًا في مدينة مالقة الإسبانية، حيث كان يقيم منذ بضعة أشهر فقط. وكان مشهد عبدو، المنهك بعد أن قطع مياه البحر سباحة من المغرب إلى سبتة، وهو يرتمي في أحضان المتطوعة "لونا" قد انتشر كالنار في الهشيم، وأصبح رمزًا مأساويًا للأزمة الإنسانية التي شهدتها المدينة في ماي من نفس السنة، حين دخل ما يفوق عشرة آلاف مهاجر إلى المدينة في ظرف يومين فقط عبر معبر تراخال البحري. ورغم رمزية المشهد الإنسانية، تعرضت المتطوعة لهجوم إلكتروني عنيف أجبرها لاحقًا على حذف حساباتها من مواقع التواصل. عبدُو، الذي قضى قرابة ثماني سنوات في المغرب محاولًا عبور البحر نحو أوروبا، أُعيد بعد الحادثة إلى الأراضي المغربية. وهناك، التقت به مراسلة التلفزيون الإسباني في الدارالبيضاء وتحدثت معه بعد أسبوع من الواقعة، حيث عبّر عن امتنانه لذلك العناق قائلاً: "لن أنسى أبدًا ما فعلته. لقد أعادت لي إنسانيتي، كان تصرفًا نبيلًا". وفي نوفمبر 2024، خاض عبدو المحاولة الأخيرة، ونجح. عبر قاربًا صغيرًا (بَاتيرا) من السواحل المغربية إلى جزيرة لانزاروتي برفقة 58 مهاجرًا آخر، بعد رحلة بحرية دامت ثلاثة أيام وليلتين. من هناك، نُقل إلى برشلونة، ثم التحق بصديقه مباي الذي استقبله في مالقة، حيث بدأ يعمل في قطاع البناء رغم محدودية الفرص، وكان هدفه الوحيد أن يؤمن مستقبلًا كريمًا لابنته البالغة سنة واحدة، والتي بقيت رفقة والدتها في الدارالبيضاء. وعقب وفاته المفاجئة، التي لم تُعرف أسبابها بعد، تسعى عائلته وأصدقاؤه لجمع التبرعات من أجل إعادة جثمانه إلى السنغال، حتى يتمكن ذوو عبدو القلائل من توديعه في مسقط رأسه، بعد رحلة مليئة بالمعاناة انتهت في غربة لم يلبث فيها طويلًا.