في ظل تزايد الانشغالات المجتمعية المرتبطة بظاهرة الحيوانات الضالة، وما تطرحه من إشكالات صحية وأمنية، أعلن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، عن الانتهاء من إعداد مشروع قانون شامل يرمي إلى تنظيم التعامل مع الكلاب والقطط الضالة والحد من مخاطرها. وقد تم إحالة هذا المشروع على مصالح الأمانة العامة للحكومة، تمهيدا لاعتماده ضمن الترسانة القانونية الوطنية. ويهدف هذا المشروع، وفق ما أكده الوزير في رد كتابي على سؤال للفريق الحركي بمجلس النواب، إلى ضبط تدخلات مختلف الفاعلين المعنيين بهذه الظاهرة، في إطار من التوازن بين حماية السلامة العامة وضمان شروط الرفق بالحيوان كما يشكل هذا التشريع المرتقب لبنة أساسية في سياسة متكاملة شرعت وزارة الداخلية في تنفيذها منذ عام 2019، وتمتد إلى غاية عام 2025. وفي هذا السياق، رصدت الوزارة دعما ماليا مهما للجماعات الترابية، بلغت قيمته الإجمالية 214 مليون درهم خلال السنوات الأخيرة من أجل النهوض بقدراتها في مجال حفظ الصحة العمومية. ويشمل المخطط إحداث 130 مكتبا جماعيا لحفظ الصحة، بشراكة بين الجماعات لتجاوز النقص الحاصل في التجهيزات والموارد البشرية. ويغطي البرنامج ما مجموعه 1,244 جماعة موزعة على 53 إقليما، بكلفة إجمالية تناهز 1.040 مليار درهم، ويعتبر تدبير الحيوانات الضالة إحدى ركائز هذا المشروع الوطني. ومن أجل ضمان فعاليته، سيتم تزويد هذه المكاتب ب 260 طبيبا، و260 ممرضا، و260 تقنيًا لحفظ الصحة، بالإضافة إلى 130 طبيبا بيطريا سيعهد إليهم الإشراف على مراكز جمع وإيواء الكلاب والقطط الضالة. وأكد لفتيت أن الكلاب الضالة تمثل مصدرا رئيسيا لعدة أمراض خطيرة، من بينها داء السعار والأكياس المائية، والليشمانيا، مما يستدعي مقاربة علمية ومندمجة للتدخل. وفي هذا الإطار، تم توقيع اتفاقية إطار للشراكة في عام 2019 بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمكتب الوطني للسلامة الصحية والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، تهدف إلى التنسيق المشترك لمحاصرة الظاهرة. وتعتمد هذه الاتفاقية مقاربة ترتكز على التعقيم الجراحي للحيوانات، لمنع تكاثرها، إضافة إلى تلقيحها ضد داء السعار، وهي إجراءات أثبتت فعاليتها في عدد من الدول. وتولي المقاربة اهتماما خاصا بإشراك الجمعيات المهتمة بحماية الحيوانات، من خلال تنظيم حملات تحسيسية لترسيخ ثقافة الرفق بالحيوان والتعريف بأهمية عمليات التعقيم والمتابعة البيطرية. وفي بعد علمي مواكب، أعلن الوزير عن انطلاق تنفيذ اتفاقية شراكة وقعت مع معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة في يوليوز 2023، وتم تفعيلها منذ مارس 2024، بهدف دعم البحث العلمي في مجال مكافحة داء السعار، عبر تجربة التلقيح عن طريق الفم باستخدام طعم خاص. كما أبرز لفتيت الجهود المبذولة لضمان توفر اللقاحات والمصول الخاصة بداء السعار في مختلف المراكز الصحية، خصوصا في المناطق القروية، حيث تقوم وزارة الداخلية بتحويل 40 مليون درهم سنويا إلى معهد باستور لاقتناء هذه المواد، إضافة إلى مساهمة سنوية موازية من الجماعات المحلية بنفس القيمة. ويتم توزيع هذه المواد على 565 مركزا صحيا تديره وزارة الصحة، إلى جانب 115 مركزا تابعا للجماعات. تجدر الإشارة إلى أن هذه الإجراءات تأتي في سياق وطني يسعى إلى التصدي بشكل منهجي ومستدام لمخاطر الحيوانات الضالة، عبر مقاربات قانونية، طبية، وتشاركية، تروم تحقيق التوازن بين الأمن الصحي العام ورفاهية الحيوان.