أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقريره الموضوعاتي حول أحداث جرادة التي هزت المغرب مطلع العام 2018، استمرت سنتين وشهدت أحداثا متقلبة. مجلس بوعياش قسم تقريره إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الاول خصص لرصد الأحداث التي وقعت في تسلسل زمني تبعا للوقائع، والثاني استنتاجات المجلس بخصوص هذه الأحداث، أما الجزء الثالث فقد أسفر عن توصيات المجلس بخصوص أحداث جرادة. وأكد التقرير أنه لم يسجل فريق اللجنة الجهوية الذي قام بزيارات متعددة للمعتقلين على خلفية احتجاجات جرادة أي تصريح بخصوص ادعاءات فعل التعذيب خلال الحراسة النظرية، إلا أنه سجل تصريحات بخصوص الممارسات المهينة والحاطة بالكرامة؛ كما أن المعتقلين لم يشتكوا من ظروف الاعتقال، ولم يسجل المجلس أي تصريح ذات الصلة بالاعتقال الانفرادي. وأشار المصدر إلى " تسجيل سلمية الاحتجاجات منذ انطلاقها، باستثناء خلال احتجاجات يوم 14 مارس 2018 التي عرفت أعمال عنف وإضرام نار ترتب عنهإ إصابة 312 جريح من القوا ت العمومية، من بينهم من هم في حالة خطيرة، و32 جريح من بين المحتجين، من بينهم قاصر في حالة حرجة، و استعمال القوة لتفريق الاحتجاجات . كما سجل المجلس بعض الصعوبات التي اعترضت لجنته الجهوية بالشرق في القيام بمهامها قبيل وبعد أحداث العنف التي عرفتها مدينة جرادة، لاسيما مهام رصد انتهاكات حقوق الإنسان بسائر المنطقة والتدخل بكيفية عاجلة كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر التي قد تفضي إلى وقوع انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية، وذلك ببذل كل مساعي الوساطة والصلح التي يراها مناسبة بتنسيق مع السلطات العمومية. * امتداد الاحتجاجات على سنتين بشكل متقطع وتسجيل فترات احتجاج متواترة وأخرى أقل حدة * مطالب الاحتجاجات كانت موضوع برمجة أو التزامات سابقة، بما فيها تلك ذات الصلة بالاتفاقيات الجماعية بين مفاحم جرادة والسلطات والنقابات. * عدم إعمال مقتضيات الاتفاقيات الجماعية بعد قرار إغلاق مناجم الفحم؛ * تعثر تنفيذ المشاريع التنموية في الإقليم وانعدام مفهوم الحكامة في تدبيرها وتعثر الوساطة قبل وأثناء وبعد الاحتجاجات. * تسجيل المبادرات ذات الصلة بالحكومة والسلطة التشريعية والسلطات المحلية والمنتخبة في تفاعلها مع مطالب المحتجين. * تمحور الشعارات التي رفعت أثناء مختلف الاحتجاجات حول مطالب ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية وتنموية محلية، وعلى وضع برامج بديلة للتنمية، * اعتماد المتظاهرين على أشكال احتجاجية جديدة واستعمال شبكات التواصل الاجتماعي للتعبئة ونشر أطوار التظاهر. * اعتبار منع السلطات العمومية بعض الاحتجاجات غير المصرح بها، أو التي لم يتم الإشعار بها من أي جهة منظمة، يمس بالحق في التظاهر السلمي. * يسجل المجلس تواصل السلطات المحلية مع الرأي العام بخصوص بعض الاحتجاجات. * يغاب تمثيلية ثابتة للمتظاهرين في لجنة الحوار مع السلطات العمومية، حيث كان يشارك كل مرة أشخاص مختلفون في الاجتماعات المتعاقبة. * تناوب وجوه مختلفة من المشاركين في هذه الاحتجاجات على المهام التنظيمية والكلمات التوجيهية والنقاشات التي كانت تعرفها مختلف الأحياء الشعبية للمدينة. * مشاركة النساء والشباب في النقاشات التي كانت تعرفها مختلف الأحياء وفي تأطير المتظاهرين. * تفعيل الآليات الحكومية والتشريعية ذات الصلة والالتزام بتنفيذ عدد من الاقتراحات ذات الصلة بمطالب الاحتجاجات. * صرح المعتقلون الذين دخلوا في الإضراب عزلهم جماعة عن باقي المعتقلين وذلك طبقا للإجراءات الساري بها العمل وخاصة بما يتعلق بالمراقبة الصحية للمضربين عن الطعام. * تداول معلومات وصور غير واقعية على شبكات التواصل الاجتماعي، ويدعو المجلس في هذا الصدد إلى نشر نتائج التحقيق الذي تم الإعلان عنه في هذا الصدد. استنتاجات متعلقة بملاحظة محاكمات المتابعين على خلفية احتجاجات جرادة: لاحظ المجلس أنه تمت متابعة عدد من المعتقلين بقضايا جنح عرضوا من أجلها أمام أنظار المحكمة الابتدائية، وبقضايا جنايات وجنح مرتبطة بها عرضت على أنظار غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بوجدة. وأبرز المجلس أنه تم الفصل في التهم المنسوبة إلى المعتقلين من طرف محكمة مختصة بالنظر إلى مكان وقوع الأحداث، مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون، ولم يثر دفاع المعتقلين أي دفع يتعلق باستقلالية المحكمة أو حيادها أو اختصاصها ما عدا ما يتعلق فقط بطلب إعادة تكييف الأفعال المنسوبة لبعض المعتقلين باعتبارها مجرد جنح تدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية وليس جنايات تدخل ضمن اختصاص غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف. وتميزت الجلسات حسب التقرير بالعلنية حيث سمح للصحافة ولحقوقيين ولجمهور واسع بمتابعة أطوارها، كما تم النطق بالأحكام بشكل علني، باستثناء قضايا الأحداث التي تعتبر سرية طبقا للمعايير الدولية ذات الصلة ولقانون المسطرة الجنائية والتي لم يتمكن المجلس من متابعة المحاكمات بشأنها. * وأضاف المجلس أن المحكمة حرصت طوال إجراءات المحاكمات على التأكيد على احترامها لقرينة البراءة، وتوبع عدد من المعتقلين في حالة سراح، بينما توبع آخرون في حالة اعتقال، وقد عللت النيابة العامة وقضاء التحقيق قرار المتابعة في حالة اعتقال، بخطورة الأفعال وانعدام ضمانات الحضور. تم تمتيع المعتقلين في ملف احتجاجات جرادة بالضمانات التالية: * إعلام كل متهم سريعا وبالتفصيل، وبلغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها؛ * إعطاء كل متهم الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه، وقد استجابت المحكمة للمهل التي طلبت لإعداد الدفاع، على الأقل مرة واحدة؛ * محاكمة المعتقلين دون تأخير وداخل أجل معقول بالنظر إلى عدد المعتقلين، وعدد الضحايا المفترضين ودرجة تعقيد القضية والمهل التي طلبها الأطراف؛ * محاكمة المعتقلين حضوريا، وسمحت المحكمة لكل متهم بأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره؛ * سمحت المحكمة لكل متهم ولدفاعه بمناقشة شهود الاتهام وهم أساسا الضحايا المفترضون في الملف من أفراد القوات العمومية؛ * يسجل المجلس رفض المحكمة استدعاء شهود النفي؛ * لم يتم إكراه أي متهم على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب، ولم يثر أي متهم أي ادعاء بخصوص تعرضه للتعذيب خلال مرحلة البحث التمهيدي، سواء عند عرضه على النيابة العامة، أو أثناء الاستنطاق أمام قاضي التحقيق، وصرح كل المعتقلين أن ظروف الاستماع إليهم من طرف الشرطة القضائية كانت جيدة، ودونت تصريحاتهم دون إكراه أو ضغط؛ * أفاد بعض المعتقلين أنهم وقعوا على محاضر الشرطة القضائية دون قراءة محتواها، ونازع بعض المعتقلين في اعترافاتهم الواردة في محاضر الدرك الملكي، نظرا لكونهم لم يوقعوا على المحاضر التي قدمت إلى المحكمة، وإنما وقعوا فقط على تصريحات دونت في دفتر التصريحات؛ * استجابت النيابة العامة لطلب إحضار دفتر التصريحات، ووضعته رهن إشارة المحكمة ودفاع المعتقلين، وتم التأكد من مطابقة التصريحات الواردة في المحاضر المقدمة إلى المحكمة للتصريحات المدونة في دفتر التصريحات. وأشار التقرير إلى ان المحكمة اعتمدت في بناء قناعتها بدرجة كبيرة على محاضر الشرطة القضائية، وما تضمنته من اعترافات للمتهمين، ومحاضر معاينة أنجزتها الشرطة القضائية تفيد تواجد المعتقلين في أماكن وقوع الاحتجاجات ومشاركتهم في الاحتجاجات رغم قرار المنع من طرف السلطات، وتفريغات الصور والفيديوهات الموثقة للاحتجاجات، وتصريحات عدد من الضحايا؛ فضلا عن الشواهد الطبية التي أدلى بها الضحايا. واستمعت المحكمة الابتدائية حسب نفس المصدر للضحايا وجلهم من القوات العمومية، الذين وصفوا الأضرار الجسدية والمادية التي أصيبوا بها نتيجة احتجاجات جرادة، وأعمال العنف التي تخللتها، وأكد دفاعهم الاقتصار في طلب التعويض على درهم رمزي نظرا للظروف الاجتماعية والمزرية للمتهمين، وعدم قدرتهم على دفع أي مبلغ تعويض، مؤكدين على أن المحاكمة العادلة تقتضي الأخذ بعين الاعتبار حق الضحايا في الانتصاف. وخول لكل متهم، أدين بالتهم المنسوبة إليه، الحق في اللجوء إلى محكمة أعلى درجة لإعادة النظر في قرار إدانته وفى العقاب الذي حكم به عليه طبقا لقانون المسطرة الجنائية الذي يكفل الحق في التقاضي على درجتين. وأبرزالمجلس أنه تم النطق في جلسة علنية بالأحكام والقرارات القضائية الصادرة في حق الرشداء المعتقلين في ملف احتجاجات جرادة، ووضعت الأحكام والقرارات رهن إشارة الأطراف داخل أجل معقول، وكانت معللة، ولم تكن جميعها مرقونة، خاصة القرارات الصادرة عن غرفة الجنايات الابتدائية حيث تم تحرير الجزء المتعلق بالتعليل بخط اليد. تم إصدار الأحكام في حق المتابعين إما ببراءتهم من بعض التهم الموجهة إليهم، أو بتخفيف أو تأكيد الأحكام التي تم البت فيها في المرحلة الابتدائية. استفاد 47 سجينا من معتقلي احتجاجات جرادة من العفو الملكي بتاريخ 05 يونيو 2019 بمناسبة عيد الفطر.