أخيرا، رفعت الرباط شكاية أمام القضاء الإسباني ضد يومية "إيل باييس"، التي كانت قد نشرت شريط الفيديو المنسوب إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، الذي كان بالفعل دعوة مباشرة إلى تنفيذ أعمال إرهابية في المغرب.. خطوة تأتي في الوقت المناسب، وإن تأخرت كثيرا، نظرا إلى تلك الضجة التي أثارها الشريط المذكور، والتي مسّت صورة المغرب وهددت استقراره. إسبانيا بلد ديمقراطي وعضو في الاتحاد الأوربي، وهناك قوانين منظمة لأخلاقيات المهنة التي لا يمكن التساهل معها، لأن الحكومات الإسبانية تتصرف باعتبارها جزءا من منظومة أوربية واحدة، وفي جميع التهديدات الإرهابية التي تمسّ بسيادتها وأمنها يتم إعمال القانون بصرامة، وأحيانا، بتشدد مبالغ فيه، لزجر المخالفات. بل إن إسبانيا لا تتردد في اعتقال أي مشتبه فيه وتقديمه للتحقيق، كما فعلت خلال وبعد تفجيرات محطة القطارات الإرهابية عام 2004، وأيضا من الطريقة الصارمة التي تعاملت بها مع صحافي "الجزيرة" تيسير علوني. ومقابل هذه السياسة، هناك طريقة مختلفة لتعامل الدولة الإسبانية مع جيرانها، وخاصة في الجنوب المتوسطي، إذ ترى أنها الأَولى بإعطاء الدروس في الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، وهو كيل بمكيالين يختلف حسب المصلحة الوطنية لإسبانيا، لذلك فإن خطوة المغرب اليوم تدخل ضمن حفظ كرامة البلاد وأمنها، وسيكون القضاء الإسباني أمام نازلة جديدة قد يكون لها ما بعدها.