يورو 2016 فرصة تاريخية لديشان لتحقيق أول إنجاز كبير له في عالم التدريب

"لا لا، سوف يسألونني فقط عن كريم بنزيمه"، كانت هذه هي الجملة، التي قالها ديدييه ديشان، المدير الفني للمنتخب الفرنسي الأول لكرة القدم أثناء مروره متوترا داخل أحد الفنادق الفخمة بالعاصمة الفرنسية باريس في الثالث من أذار/مارس الماضي.
وأراد ديشان في تلك الأثناء، محاطا بصحفيين تابعين للاتحاد الفرنسي لكرة القدم وببعض عناصر الأمن، تحاشي التحدث مع الصحفيين الأسبان عن اللاعب كريم بنزيمه، مهاجم ريال مدريد، المتورط في فضيحة ابتزاز ضد زميله ومواطنه ماثيو فالبوينا.
وكان رد فعل ديشان دليلا على ضجره من هذا الموضوع، الذي أرهقه، بيد أن كلمة "لا" تلك التي قالها للصحافة تخفي جزءا من أسلوبه.
ولا يهتم المدرب الفرنسي بالأسماء ولكن بالجماعية، حيث تمتلك فرنسا فريقا قادرا على المنافسة بشكل كبير، وهو الفريق، الذي يؤكد البعض أنه أبرز المرشحين للفوز ببطولة كأس أمم أوروبا 2016 "يورو 2016"، والذي يسعى معه ديشان للفوز بلقب كبير كمدرب.
وفي ذلك اليوم (الثالث من مارس) اختفى ديشان/47 عاما/ وسط حشد الصحفيين والفريق الذي كان يصاحبه في فندق بولمان، الذي يبعد خطوات قليلة عن برج إيفيل الشهير.
ولم تساعد قامته، التي تبلغ متر و73 سنتيمترا، الباحثين عنه في تحديد موقعه من بين المديرين الفنيين ل 24 منتخبا مشاركين في "يورو 2016" تواجدوا في ذلك التاريخ داخل إحدى قاعات الفندق المذكور، بالإضافة إلى عشرات الصحفيين والكاميرات وأشخاص أخرين.
ورغم ذلك، لم تشكل قامة ديشان عائقا بالنسبة له خلال مسيرته كلاعب وسط ميدان فاز خلالها بكل ما يمكن الفوز به: المونديال وكأس أوروبا ودوري أبطال أوروبا والسوبر الأوروبي وكأس انتركونتينينتال، بالإضافة إلى الدوريات المحلية وبطولات الكأس في فرنسا وإيطاليا وإنجلترا.
وتعد مغامرة ديشان على مقاعد المدير الفني أقل زخما فهو لا يزال يبحث عن لقبه الكبير الأول، ولكن أي فرصة يمكن أن تكون أفضل من قيادة البلد المضيف ليورو 2016 من أجل تحقيق هذا الإنجاز؟.
ويمتلك المدرب الفرنسي تحت إمرته أحد أكثر الفرق تألقا على مستوى العالم، ولاعبين يتمتعون بمواهب ضخمة وقدرات بدنية لا تقارن، بالإضافة إلى الثقل الذي يمنحه استضافة البطولة وتصنيف الفريق من بين أبرز المرشحين للفوز باللقب.
وبعد أن قاد موناكو إلى نهائي دوري أبطال اوروبا عام 2004 وصعد مع يوفنتوس إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي عام 2007 والفوز ببعض الألقاب المحلية مع مارسيليا، اختار الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ديشان لخلافة لوران بلان في منصب المدير الفني للمنتخب الأول لكرة القدم في تموز/يوليو 2012.
وقالت صحيفة "ليكيب" الفرنسية الرياضية بعد تعيين اللاعب الفرنسي السابق مدربا للمنتخب الفرنسي: "أخيرا ديشان".
وأضاف فيديريك ثيريز رئيس رابطة الدوري الفرنسي: "إنه شخص رائع، شخص مثله هو من كنا نحتاجه".
وفي ذلك العام، 2012، كانت لا تزال فرنسا تعيش أثار خيبة أمالها في مونديال 2010 وكان الجميع ينظر لديشان على أنه المنقذ والقادر على استعادة النظام داخل المنتخب، كما وصفه الحارس الدولي السابق جيان لوك ايتوري، الذي عمل معه مساعدا في موناكو.
وبدأ المدرب الجديد ثورة هادئة في منتخب الديوك أينعت ثمارها في مونديال البرازيل 2014، عندما سقطت فرنسا أمام ألمانيا في دور الثمانية بهدف نظيف في مباراة متكافئة للغاية.
وقال ديشان آنذاك: "هناك خامة لصناعة المستقبل ورغم أن الخروج كان قاسيا علينا أن نتمسك بالإيجابيات، أنا فخور بما حققه اللاعبون داخل وخارج الملعب".
ونجح ديشان، الذي صنع تاريخا كلاعب بالفوز بمونديال 1998 ثم البطولة الأوروبية بعد ذلك التاريخ بعامين، في إبهار فرنسا كمدرب ومدد في شباط/فبراير 2015 تعاقده لعامين مقلبين ليستمر مع "الديوك" حتى مونديال 2018 بروسيا.
وصرح ديشان، اللاعب السابق لأولمبيك مارسيليا ويوفنتوس وتشيلسي وبلنسية وأندية أخرى، عند تجديد تعاقده قبل عام مضى، قائلا: "الاستقرار والاستمرارية عاملان مهمان في كرة القدم حتى عندما يكون الوصول لهما أمرا صعبا".
ولعب ديشان 52 من أصل 103 مباراة دولية خاضها خلال مسيرته كقائد للمنتخب الفرنسي وسجل أربعة أهداف، وبات يحتاج الآن إلى إنجازات أخرى لكي يعيد فرنسا إلى تبوء مقعدا بين الكبار في الكرة العالمية، رغم أنه لن يكون هو أول من يرفع الكأس هذه المرة.