كشف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، "محدودية القضايا المتعلقة بالدعارة الإلكترونية" بالمغرب، الأمر الذي أثار النقاش داخل أوساط المنظمات النسائية التي تطالب بدراسة شاملة للظاهرة. وتحدث لفتيت، في جواب كتابي على سؤال لمجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، عن "اعتماد مصالح وزارة الداخلية مجموعة من التدابير للحد من الدعارة الإلكترونية". من بين هاته التدابير، وفق المصدر ذاته، "تقوية القدرات المتعلقة بالخبرة الرقمية، والتحقيق السيبيرياني لدى الموظفين المكلفين بالبحث الميداني، والتقصي في هذا النوع من القضايا، مع تمكين المصالح المختصة من الإمكانيات الضرورية". ويعتبر "تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة هذا النوع من الجرائم، باعتبارها عابرة للحدود"، من الوسائل الأخرى التي يعتمدها المغرب، إلى جانب التوعية والتحسيس. وكشف لفتيت أن "العمليات الأمنية التي باشرتها المصالح المختصة بتنسيق مع السلطات المحلية، خلال سنة 2023، تم خلالها تسجيل 83 قضية، مع توقيف 36 شخصا وإحالتهم إلى العدالة". وقالت فتيحة شتاتو، محامية عضو فدرالية رابطة حقوق النساء، إن "توصيف حالة الدعارة الرقمية بالمغرب بالمحدودة يطرح تساؤلات عدة، ما يعني أنه يجب تحديد هاته الظاهرة بدقة ومن خلال دراسة شاملة". وأضافت شتاتو، في تصريح لهسبريس، أن "هاته الظاهرة تطغى على النقاش العمومي، في ظل انتشار واسع لوسائل التواصل الاجتماعي، وغياب المراقبة، وتفشي ظاهرة الاتجار بالبشر التي تمس أيضا الأطفال وليس فقط النساء". وبينت المتحدثة أن "أي معطيات حول هاته الظاهرة، يجب أن ترافقها دراسة شاملة، لأن المسكوت عنه يحمل أرقاما لا نعرفها، وقد تكون أكبر مما نتوقع"، موردة أن "أرقام الداخلية وتوصيفها للحالة بأنها محدودة، ربما انطلقت من خلال القضايا المعروضة في المحاكم". وشددت شتاتو على أن "جواب وزير الداخلية مهم للغاية، من أجل تسليط الضوء على خطورة هذا الموضوع وأهمية مسألة التحسيس والتوعية في الحد منه". وأبرزت عضو فدرالية رابطة حقوق النساء أن "هنالك حالات لنساء يرغبن في الحصول على عمل، ومن خلال ما يتلقونه في مواقع التواصل الاجتماعي يدخلن في متاهات مثل هاته الظواهر الخطيرة". وطالبت شتاتو ب"تشديد العقوبات على هاته الجرائم، مع تكثيف عمليات التوعية والتحسيس، لأن العقوبات وحدها غير كافية لمعالجة مختلف الظواهر المجتمعية". من جانبها، اعتبرت أمينة التوبعلي، عضو ائتلاف "المناصفة دابا"، أن "وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى الخصوص تيك توك، أصبحت تعطي صورة مسيئة عن المرأة المغربية". وبينت التوبعلي أن "استمرار ظاهرة الدعارة الرقمية، راجع بالأساس إلى غياب التوعية على المستوى الرقمي، ما يستدعي تكثيف الجهود الحكومية في هذا الصدد". وأوردت المتحدثة أن "ظاهرة الدعارة منتشرة عبر العالم، وليس فقط المغرب، وما يجب العمل عليه في الوقت الحالي هو البحث عن الأسباب التي تقف وراء انتشارها، مع ضرورة التوعية". وأكدت الفاعلة الحقوقية أن "انتشار الدعارة الإلكترونية راجع أيضا إلى تكريس الصورة النمطية للمرأة المغربية على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، التي في الغالب لم تحتكم للصحة"، مشيرة إلى أن "هنالك أيضا ظاهرة الدعارة الرجولية في مواقع التواصل". وأفادت التوبعلي بأن "المعطيات حول انتشار الدعارة الرقمية بالمغرب غائبة تماما، ويصعب إطلاق أحكام حول نسبها، والأحكام التي أطلقتها الداخلية ربما تؤشر فعلا على انتشار الوعي في المجتمع المغربي بخطورة هاته الظاهرة".