أكدت الجمعية المغربية لحماية المال العام غياب إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، وأعلنت عن برنامج نضالي ضد الانحراف التشريعي المتعلق بمنع الجمعيات من التبليغ عن الفساد، يتضمن وقفة احتجاجية أمام البرلمان في 16 يونيو المقبل. وعبرت الجمعية في بلاغ لها عن رفضها القاطع لمضمون المادتين 3و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، واستنكارها الشديد لتوجه الحكومة الهادف إلى عزل وتحييد المجتمع أفرادا وجمعيات مدنية في معركة مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، بل والتطاول على صلاحيات ومهام النيابة العامة كجهاز قضائي مستقل في تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية.
واعتبر حماة المال العام أن المادتين تهدفان في العمق الى تمتيع المنتخبين والمسؤولين الذين يدبرون المال العام بالحصانة ومنع المجتمع من القيام بدوره في ممارسة الرقابة على الشأن العام والتبليغ عن جرائم الفساد، في تعارض تام مع الدستور واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب. ونبهت الجمعية إلى أن التشريع لفئة خاصة ودون استحضار الحاجة المجتمعية والمصلحة العامة وتطلعات المجتمع في مكافحة الفساد وبناء دولة الحق والقانون، بغاية تقويض ربط المسؤولية بالمحاسبة وتقنين امتياز قانوني وقضائي غير مشروع، يشكل انحرافا جسيما في استعمال السلطة وتوظيفا للمؤسسة التشريعية لخدمة مصالح ضيقة ريعية وسياسوية. واستنكر ذات البلاغ تحمس الأغلبية الحكومية لتمرير المادتين 3 و7 من المشروع وإصرارها على ذلك، بهدف حرمان المجتمع أفرادا وتنظيمات حقوقية من المساهمة في ورش تخليق الحياة العامة، وفي مقابل ذلك استنكافها عن مباشرة ورش تعزيز حكم القانون بما يقتضيه ذلك من تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح وتعديل قانون التصريح الاجباري بالممتلكات وغيرها من القوانين ذات الصلة بمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام. و توقف "حماة المال العام" على استفحال وتعمق الفساد والرشوة في مختلف مناحي الحياة العامة والمرافق العمومية، مستحضرين العديد من قضايا الفساد ونهب المال العام، وضمنها شبكة الفساد بجامعة ابن زهر بأكادير وما ارتبط بذلك من شبهات وفساد وتزوير في الشواهد الجامعية. وقالت الجمعية إن هذه الشبكة وظفت كل الوسائل غير المشروعة، و يشتبه في استفادة بعض الأشخاص من مهن ووظائف عمومية مختلفة ومنتخبين ورجال أعمال من تلك الديبلومات والشواهد، وهو أمر يدعو للقلق ويسائل المكانة الأكاديمية والعلمية للجامعة، والشواهد التي تمنحها، مما قد يؤثر على سمعتها ودورها كفضاء للتكوين والبحث العلمي والمعرفة والتنوير وكقاطرة للتنمية. وطالب البلاغ بتوسيع دائرة الأبحاث والتحقيقات القضائية لتشمل كل المعنيين دون أي تمييز وفي إطار المساواة أمام القانون مع فتح مسطرة الاشتباه في غسل الأموال ضد المتورطين في ذلك. وارتباطا بمنع الجمعيات من التبليغ عن الفساد، أعلن "حماة المال العام" عن برنامج نضالي يجمع بين التواصل والحوار والتعبئة المجتمعية والاحتجاج على هذا الانحراف التشريعي الذي يهدف إلى توفير الحماية للمتورطين في شبهات نهب المال العام وتقويض ربط المسؤولية بالمحاسبة؛ حيث تستعد الجمعية لعقد لقاءات مع كل الأحزاب، ومع المؤسسات الدستورية ذات الصلة. وخلص البلاغ إلى اعتباره معركة مكافحة الفساد ونهب المال العام والرشوة معركة مجتمعية تهم مؤسسات الدولة والمجتمع، داعيا إلى الانخراط الجماعي الواعي والمسؤول في مواجهة هذه الآفة الخطيرة.