كشفت معطيات جديدة عن ارتفاع مهم في معدل البطالة، إذ انتقل من 12,9 في المائة إلى 13,7 خلال الفصل الأول من السنة الجارية، بزيادة 0,8 نقطة، بعدما قفز هذا المعدل من 17,1 في المائة إلى 17,6 في المائة بالوسط الحضري، ومن 5,7 في المائة إلى 6,8 في المائة بالوسط القروي. فيما تركزت الظاهرة لدى الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 سنة و24، بنسبة تجاوزت الثلث، أي 35,9 في المائة، وفي صفوف حاملي الشهادات بنسبة 20,3 في المائة، ووسط النساء بنسبة 20,1 في المائة. وجاءت هذه المعطيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط ضمن مذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل، متسقة مع تصريحات يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في مجلس النواب، الاثنين الماضي، حيث برر ارتفاع معدل البطالة بتداعيات الجفاف، مبرزا تركز الأرقام الخاصة بفقدان مناصب الشغل في العالم القروي. وشددت مندوبية التخطيط في مذكرتها على معاناة سوق الشغل من آثار الجفاف؛ فقد سجلت بين الفصل الأول من السنة الماضية والفترة ذاتها من السنة الجارية فقدان 159 ألف منصب شغل بالوسط القروي، معظمها غير مؤدى عنه، وإحداث 78 ألف منصب بالوسط الحضري، ليتراجع الحجم الاجمالي للشغل ب 80 ألف منصب. التداعيات المناخية أظهرت المذكرة الإخبارية الجديدة للمندوبية السامية للتخطيط حجم التداعيات المناخية على سوق الشغل، حيث فقد قطاع "الفلاحة والغابة والصيد" 206 آلاف منصب، فيما ساهمت القطاعات الاقتصادية الأخرى في المقابل في إحداث مناصب الشغل؛ فقد أحدث قطاع "الخدمات" 63 ألف منصب، متبوعا بقطاع "الصناعة، بما فيها الصناعة التقليدية"، ب 34 ألف منصب، وقطاع "البناء والأشغال العمومية" ب 25 ألف منصب. وأوضح رشيد قصور، خبير اقتصادي متخصص في المالية العمومية، في تصريح لهسبريس، أن الإحصائيات الجديدة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط تؤكد جملة وتفصيلا التوقعات الصادرة عن بنك المغرب فيما يخص المنحى التراجعي للموسم الفلاحي الحالي وتأثيره بشكل مباشر على مناصب الشغل في العالم القروي، موردا أن حصيلة الموسم لن تتجاوز سقف 25 مليون قنطار، مع معدل تضخم مرتقب في حدود 2.2 في المائة. وبالتالي، فالحكومة مطالبة بتكثيف الدعم خلال الفترة المقبلة للفلاحين ودعم المقاولات الفلاحية وتحصين فرص الشغل. وأضاف قصور أنه "من المهم أن نفهم أن الجفاف ليس العامل الوحيد المسؤول عن فقدان مناصب الشغل في العالم القروي، ولكنه يعتبر عاملا مهما قد يزيد من التحديات التي تواجهها البوادي. لذا، يجب أن تتخذ الحكومة وهيئات التمويل إجراءات مناسبة للتصدي لتأثيرات الجفاف، ودعم الاقتصاد التضامني، وتحسين قدرة المناطق المذكورة على التكيف مع التحولات البيئية والاقتصادية". وفي تفاصيل مذكرة مندوبية التخطيط، عرف الشغل غير المؤدى عنه فقدان 154 ألف منصب، نتيجة فقدان 8 آلاف منصب بالوسط الحضري و146 ألف منصب بالوسط القروي، فيما انخفض حجم الشغل ب 80 ألف منصب، بعد فقدان 159 ألف منصب بالبوادي، وإحداث 78 ألف منصب بالمدن، مؤكدة بخصوص نوع الشغل إحداث 75 ألف منصب شغل مؤدى عنه على الصعيد الوطني، نتيجة إحداث 87 ألف منصب بالمجال الحضري، وفقدان 12 ألف منصب بالمجال القروي. "جغرافيا البطالة" سجلت الجهة الإحصائية الوطنية ذاتها ارتفاع جيش العاطلين ب 96 ألف شخص بين الفصل الأول من السنة الماضية والفترة ذاتها من 2024، حيث انتقل عددهم من مليون و549 ألف عاطل إلى مليون و645، وهو ما يعادل ارتفاعا ب 6 في المائة، فيما جاء هذا اتطور نتيجة زيادة عدد العاطلين ب 59 ألف عاطل بالوسط الحضري وب 38 ألفا بالوسط القروي. وفيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للبطالة، فإن 71,2 في المائة من العاطلين تمركزوا بخمس جهات خلال أول فصول السنة الجارية، حلت جهة الدارالبيضاء-سطات في المقدمة بأزيد من ربع مجموع العاطلين، أي ب 25,4 في المائة، متبوعة بجهة فاس-مكناس ب13,4 في المائة، وجهة الرباط-سلا-القنيطرة ب13 في المائة، والجهة الشرقية ب 10 في المائة، وكذا جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ب9,4 في المائة. وبالنسبة إلى محمد أمين الحسني، خبير اقتصادي، فإن تركز معدل البطالة في نطاق جغرافي محدد يؤثر بشكل كبير على نمو الاقتصاد، إذ إن ارتفاع عدد الأفراد القادرين بدون عمل يؤدي إلى تقليل الإنتاجية، ذلك أن الموارد البشرية المتاحة لا تستخدم بشكل فعال لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، موضحا أن تطور البطالة في جهات معينة يبطئ النمو المحلي من خلال تقليص وتيرة الاستهلاك والطلب الداخلي. وأشار الحسني، في تصريح لهسبريس، إلى تأثير التركز الجغرافي للبطالة على الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث يؤثر ارتفاعها على الجاذبية الجهوية للاستثمار، فيما ينعكس فشل الاقتصاد المحلي في توفير فرص عمل كافية على وتيرة تدفق الاستثمارات والتكنولوجيا الجديدة إلى مناطق بعينها، مشددا على أن استمرار تركز البطالة في خمس جهات يزيد الضغط على الحكومة لتنفيذ سياسات اقتصادية واجتماعية للتصدي لهذه المشكلة، وذلك بشكل استعجالي يراعي طبيعة الظرفية الراهنة. يذكر أن أعلى معدلات البطالة سجلت بكل من الجهة الشرقية ب 21,4 في المائة، وجهات الجنوب ب 20,4 في المائة، وبحدة أقل، تجاوزت جهتان المعدل الوطني 13,7 في المائة، ويتعلق الأمر بجهة الدارالبيضاء-سطات (15,4 في المائة)، وجهة فاس-مكناس (15,9) في المائة، فيما سجلت أدنى مستويات البطالة في جهات مراكش-أسفي وطنجة-تطوان-الحسيمة ودرعة-تافيلالت ب 8,2 في المائة و10,9 في المائة و11,3 في المائة على التوالي.