كشفت التحقيقات الأمنية في قضية ما بات يُعرف بفضيحة الطبيب الجراح "م.ف"، بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا، عن توالي العديد من الشكايات التي عانى أصحابها من متابعات قضائية وصلت بعضها إلى السجن، أو أفضت إلى مشاكل أسرية عويصة من قبيل الطلاق، استنادا إلى تلك الشهادات الطبية المزورة التي كان يقدمها الطبيب بمساعدة وسيط له يدعى "احسينة". ليلى زريزر، إحدى "ضحايا" الطبيب الجراح، سردت لهسبريس قصتها، حيث اتصلت به في 15 نونبر الماضي بمستشفى ابن سينا، وسجلت فحوى اللقاء معه صوتيا على هاتفهما المحمول، وهو التسجيل الذي تتوفر عليه هسبريس، وقدمته زريزر إلى الوكيل العام للملك الذي أعطى تعليماته من أجل القبض على الطبيب. وأفادت زريزر، التي عاشت ردحا من الزمن في كندا قبل أن تفكر في العودة للوطن وإنجاز مشروع استثماري بأكادير، بأن قصتها بدأت عندما بنت منزلها في هذه المدينة، قبل أن يحدث لها شنآن مع إحدى جاراتها في 12 شتنبر 2012، حول جدار قصير تقول ليلى إن الجارة شيدته في ملكيتها الخاصة. وتابعت المتحدثة بأن جارتها سافرت إلى العاصمة الرباط لتحصل على شهادة طبية من الدكتور الجراح، تتضمن عجزا مؤقتا مدته 30 يوما، بالرغم من كونها "لم تتعرض لأذى" وفق رواية المشتكية ضد الطبيب المتهم بتزوير الشهادات الطبية. "حياتي انقلبت رأسا على عقب منذ ذلك اليوم، فقد غادرت منزلي طليقة، وصرت أتابع العلاج عند طبيب نفسي، كما أن ابنتي لم تعد ترغب في الاستمرار بالعيش في المغرب" تورد زريزر التي قررت أن تذهب عند الطبيب في نونبر الفائت لتكشف حقيقته، مدعية أن لديها مشكلا إداريا يتطلب شهادة طبية تثبت مرضها، فحصلت على الشهادة بمدة 35 يوما مقابل 200 درهم، وبتاريخ رجعي يعود إلى 12 شتنبر 2012، أي يوم النزاع مع جارتها. وفي سياق ذي صلة، وبحسب محاضر الاستماع للطبيب، اطلعت عليها هسبريس، فإنه قد تم حجز العديد من الشواهد الطبية لدى الوسيط الملقب ب"احسينة"، تحمل توقيع الطبيب وبطاقات التعريف خاصة بالأشخاص المنجزة لهم، ما دفع برجال التحقيق لسؤاله عن صلته بالوسيط. وتبعا للوثائق ذاتها فإن الطبيب الجراح حاول في البداية إنكار الصلة بالوسيط الذي يساعده في استقطاب الزبناء لتسليمهم الشواهد الطبية المزورة، غير أنه بعد بحث دقيق أقر بالمنسوب إليه، حيث اعترف بتسليم شواهد طبية لأشخاص بعد فحصهم، وبتقديمه شواهد طبية لآخرين دون أن يحضروا أو يجري لهم أي فحص. وباغت المحققون "م.ف" بأسئلة وجهوها له، من بينها سؤال مفاده: "هل مهامك تخول لك تسليم شواهد طبية لأشخاص لم يسبق لهم أن زاروا قسم المستعجلات، واستندوا على الشواهد لرفع شكايات ضد أشخاص تم اعتقالهم وإدانتهم".. الطبيب لم يجد بدا، وفق ما هو مدبج في محضر الاستماع، من الرد قائلا: "بحكم مهنتي كطبيب معروف، ونظرا لأقدميتي، فإني أتوفر على شبكة من المعارف والأصدقاء الذين أقدم لهم خدماتي، وأسلمهم في بعض الأحيان شواهد طبية دون فحص" على حد قوله. يُذكر أنه انهالت على الطبيب المزور شكايات من لدن العديد من الأشخاص ممن تمت إدانتهم قضائيا في وقت سابق بناء على شواهد مماثلة، ومن بينهم البرلماني السابق يوسف التازي الذي أدين بأربعة أشهر سجنا، بناء على شهادة منحها الطبيب نفسه لزوجة التازي تفيد تعرضها للضرب والجرح.