أطروحة تناقش إدارة الأزمات والكوارث

شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السوسي بالرباط، الأربعاء، مناقشة أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية تقدم بها الباحث عبد السلام لعريفي، بعنوان "إدارة الأزمات والكوارث بالمغرب بين التحديات والآفاق.. دراسة في إدارة أزمة كوفيد19 وكارثة زلزال الحوز نموذجا"، تحت إشراف الأستاذ الجامعي رشيد بنعياش؛ اعتبر فيها الباحث أن "الأزمات والكوارث، سواء كانت طبيعية أم ناتجة عن تدخل بشري، باتت تشكل تهديدا متزايدا لاستقرار المجتمعات، وتتطلب استجابة فورية ومخططا لها للتقليل من آثارها".
وركزت الأطروحة على حالتين بارزتين عرفهما المغرب خلال السنوات الأخيرة، هما أزمة كوفيد-19 وكارثة زلزال الحوز، باعتبارهما "محطتين حاسمتين لاختبار قدرات الدولة على التدبير والتدخل في سياقات غير متوقعة"، حيث أبرز الباحث كيف واجهت السلطات المغربية الجائحة بتدابير احترازية شاملة، بينما واجهت كارثة الزلزال بإجراءات ميدانية لإغاثة المتضررين وبرامج لإعادة الإعمار في مناطق شديدة الهشاشة.
واعتبر الباحث أن "أهمية الدراسة تكمن في تقييم فعالية الاستراتيجية الوطنية في مواجهة الأزمات، واستجلاء أوجه القوة والقصور في التدخلات العمومية، إلى جانب تحليل الأثر المجتمعي والاقتصادي والصحي للأزمات، ودور مختلف الفاعلين الرسميين وغير الرسميين في مواجهتها"، مشيرا إلى أن "الموضوع يكتسي راهنية كبيرة في ظل تصاعد التهديدات المرتبطة بالتغيرات المناخية والطبيعية؛ ما يفرض بناء سياسات أكثر نجاعة واستباقية في تدبير المخاطر".
وخلصت الأطروحة إلى أن "تجربة تدبير أزمة كوفيد-19 أبرزت استجابة سريعة في المراحل الأولى، من خلال فرض الحجر الصحي وإغلاق الحدود وإطلاق حملة التلقيح؛ لكنها كشفت في المقابل عن ثغرات تشريعية وصعوبات على مستوى التنسيق بين المتدخلين، فضلا عن محدودية في استجابة المنظومة الصحية الوطنية".
وفي ما يتعلق بكارثة زلزال الحوز، فقد بيّن الباحث أن "حجم الدمار ووعورة التضاريس شكّلا عائقا أمام التدخل السريع، رغم المجهودات المبذولة في الإغاثة وبرامج الإعمار؛ ما كشف عن تحديات بنيوية في البنية التحتية والجاهزية اللوجستيكية".
واستنتجت الدراسة أن "الأزمتين، رغم اختلاف طبيعتهما، شكلتا اختبارا صارما لمنظومة إدارة الأزمات بالمغرب؛ ما يفرض استخلاص دروس استراتيجية، من ضمنها تعزيز التنسيق بين الفاعلين، وتحديث الإطار القانوني والمؤسساتي، وتطوير قدرات المجتمع المدني والإعلام، إلى جانب الاستثمار في البنيات الصحية والاجتماعية، وبلورة آليات فعالة للتأهب والاستجابة".
واقتصر القسم الأول من الأطروحة على تأصيل نظري لمفهوم الأزمات والكوارث، واستعراض المرجعيات القانونية والتنظيمية التي تؤطر إدارة هذه الظواهر بالمغرب؛ في حين تناول القسم الثاني دراسة ميدانية لحالتي كوفيد19 وزلزال الحوز، من حيث الإجراءات المتخذة والتحديات التي واجهتها مختلف الأطراف وآفاق تحسين الأداء المؤسساتي.
وفي هذا السياق، توقف الباحث عند مجموعة من الأولويات التي من شأنها تحسين تدبير الأزمات مستقبلا؛ من أبرزها: "تعزيز منظومة الإنذار المبكر، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، وتنظيم تمويلات الطوارئ، وتقوية الشراكات الدولية، فضلا عن الرفع من جاهزية الفاعلين المحليين، وتمكين المواطنين من ثقافة الوقاية والمشاركة".