نعت المؤسسة الوطنية للمتاحف التشكيلي المغربي محمد حميدي، أحد رواد الحركة التشكيلية المغربية، وأحد أبرز الفاعلين في مدرسة الدارالبيضاء للفنون الجميلة، بالغة الأثر في التشكيل المغربي، ونقاش الفنون الحديثة والمعاصرة المغربية. وفي سنة عيشه الرابعة بعد الثمانين نعت المؤسسة المشرفة على المتاحف بالمملكة "رائد الفن الحديث المغربي، والفاعل الكبير في مدرسة الدارالبيضاء، محمد حميدي، الذي تميز عبر لوحات متفردة، طبعتها جمالية متجذرة بعمق في الثقافة المغربية". وختمت المؤسسة الوطنية للمتاحف نعيها بقولها: "إبداعاته جزء من مجموعة متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، حيث ستستمر في الشهادة على عبقريته الإبداعية لدى الأجيال المستقبلية". ويُعرَف محمد حميدي باختياراته اللونية والشكلية المميزة، وقد اشتغل هو وجيل "مدرسة الدارالبيضاء" على جمالية حديثة لا تنصاع للجمالية الغربية، معيدين التفكير في الفنون المغربية والمدارس التشكيلية الغربية، من أجل جمالية "ما بعد استعمارية". وكوَّن الراحل محمد حميدي إلى جانب كل من فريد بلكاهية، ومحمد شبعة، ومحمد المليحي، وبيرت فلينت، وطوني ماريني، ومصطفى حفيظ، ومحمد أطاع الله، ما عُرِف ب"حلقة 65′′ أو "مجموعة مدرسة الدارالبيضاء" التي من أبرز أعمالها المناقشة بوفرة في تاريخ الفنون الحديثة المغربية عرض أعمال أعلامها في ساحة جامع الفنا الفنية الجماهيرية بمراكش، في رسالة "عمّا يُمكِن أن يكونَه الفنّ"، كما عبر عن ذلك المبادرُون إليها. وجالت أعمال حميدي لعقود معارض وجدرانا خارج بلاده، في دول من بينها على سبيل المثال لا الحصر ألمانيا، وفرنسا، ولبنان، وإسبانيا، والجزائر، والعراق، والإمارات، وقطر، وسوريا... وكانت له مبادرات تخرج الفنون التشكيلية للجمهور الواسع في مدن مغربية من قبيل مراكش، وأصيلة، وأزمور، كما ارتبطت بذكره مبادرات من بينها تفاعله تشكيليا مع مواطنين يعانون من صعوبات عقلية، داخل مستشفى برشيد للأمراض العقلية، قبل أزيد من أربعين سنة. وارتبطت بلوحات محمد حميدي نقاشات من بينها "الجرأة الاجتماعية"، لحضور أشكال تحيل على الخصوبة، والأنوثة والذكورة والاستمرارية البشرية في لوحاته ومنحوتاته، وطرحه عبرها أسئلة كانت "طابوهات" زمن طرحها في النصف الثاني من القرن العشرين، وتعرض لوحاته اليوم بمؤسسات عالمية من بينها "مركز بومبيدو" الباريسي بفرنسا، ومؤسسة دلول للفن البيروتية بلبنان، ومتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط. ومن بين ما اهتم بدراسته محمد حميدي فنون القارة الإفريقية، بما في ذلك تماثيل وأقنعة جنوب الصحراء الإفريقية، التي استثمرها بدورها في أعمال له، إلى جانب موروث مسقط رأسه؛ بلدِه الإفريقي المغرب، والفن الأوروبي الذي درسه بباريس الفرنسية، وتخصّص فيه بداية مختارا دراسة "الجداريات".