في الوقت الذي لا يزال الغموض يلف مصير زعيم تنظيم "داعش"، إبراهيم عواد، الشهير بأبي بكر البغدادي، على إثر الغارة الأمريكية، التي استهدفت، قبل أيام ثلاثة، قياديين في التنظيم قرب الموصل العراقية، يجد المتتبع نفسه أمام سؤال واقعي وملح: لماذا لم يظهر البغدادي سوى مرة واحدة حتى الآن؟. وعكس القيادات الحالية والسابقة ﻷكبر تنظيم إرهابي في العالم، من منظور غالبية الدول، وهو "القاعدة"، التي كانت تظهر بين الفينة والأخرى بأشرطة فيديو تعلن مواقفها تجاه قضايا دولية أو مسؤوليتها عن هجمات، كأسامة بن لادن، الذي قتل في ماي عام 2011، وخليفته أيمن الظواهري، إلا أن البغدادي اختار التواري عن الأنظار، والاكتفاء ببيانات منسوبة لتنظيمه، دون أن تحمل توقيعه. إشاعات الإصابة والقتل وكانت وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاغون، قد نفت تأكيدها بالدليل مقتل البغدادي، مقابل التأكد من مقتل ساعده الأيمن والرجل الثاني في الجهاز الأمني للتنظيم، المدعو أبو مسلم التركماني، ومساعدين له. إلا أن تغريدة على تويتر، منسوبة للناطق بإسم "داعش"، أبو محمد العدناني، فتحت باب التأويلات حول احتمال مقتله بعد تأكيد إصابته في الغارة الجوية، إذ تقول التغريدة، التي نفى عدد من الموالين للتنظيم صحة انتسابها للعدناني، " هل تظنون بأن الخلافة تنتهي باستشهاد الخليفة؟.. نطمئن الأمة بأن أميرها أبو بكر البغدادي بخير، ولله الحمد ، ادعوا له بالشفاء العاجل". وفي الوقت الذي تخرج فيه تقارير استخباراتية عراقية تؤكد بين الفينة والأخرى إصابة أو مقتل البغدادي، جراء استمرار الغارات الجوية التي ينفذها، منذ أسابيع، التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية وبتنسيق مع الجيش العراقي، إلا أن مواقع موالية للتنظيم ترى في هذه التقارير إشاعات تهدف لاستدراج مقاتلي "داعش" للكشف عن موقعه زعيمهم عبر إجراء الاتصالات. أول وآخر ظهور وكان أول وآخر ظهور لزعيم "داعش"، الذي يطلق عليه التنظيم "خليفة المسلمين"، حين ظهر يوم الخامس من يوليوز الماضي، وهو يخطب الجمعة في مسجد بمدينة الموصل في محافظة نينوى، وسط جموع من المصلين وعشرات من المسلحين والملثمين، مرتديا رداءاً وعمامة سوداء اللون، بلحية كثة، حيث دعا الناس إلى طاعته، وإلى تحكيم الشرع الإسلامي وإقامة الحدود الشرعية، وفق زعمه. ولم تكن هذه المرة الوحيدة التي تتحدث فيها وسائل الإعلام العربية والغربية عن إصابة البغدادي بسبب غارة جوية، حيث تحدثت تقارير إخبارية خلال شهر يونيو المنصرم، عن إصابة زعيم "داعش" بجروح بليغة، بعد قصف مكثف للطيران العراقي على مدينة القائم بمحافظة الأنبار الحدودية مع سوريا. حيث جاء الظهور العلني لعواد وقتها، لتفنيد تلك الإشاعات، ولإبراز الدور الإعلامي التي باتت "داعش" تستخدمه كسلاح لاستقطاب موالين جدد وللعب ورقة الحرب النفسية على باقي الجبهات المواجهة له في العراقوسوريا. وتعد خرجة البغدادي الإعلامية فريدة من نوعها، خاصة وأنها علنية منذ توليه زعامة تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" سنة 2010، إلى أن أعلن عن تأسيس "الدولة الإسلامية في العراق والشام" قبل سنة ونصف، قبل أن يعدل اسمها إلى "الدولة الإسلامية"، عقب خروج "خليفة" التنظيم. هل يتكرر سيناريو بن لادن قبل 3 سنوات، أعنلت واشنطن أن قواتها العسكرية تقوم بعمليات بحث وترصد لزعيم تنظيم القاعدة الأسبق، أسامة بن لادن، في باكستان، خاصة بعد ثبوت استقرار أخطر رجل مطلوب في العالم في هذا البلد، منذ العام 2002، وتجوله بكامل حرية رفقة أسرته، ودون أي مضايقات تذكر. في صبيحة الثاني من ماي عام 2011، تقوم فرقة خاصة تابعة للقوات الأمريكية، بتنفيذ عملية حصار لمنزل بن لادن ﻷزيد من نصف ساعة، ببلدة إبت آباد، انتهت باقتحامه وتوجيه رصاصة في رأسه أردته قتيلا، فيما قتل ابنه وعنصران من القاعدة، في الهجوم المسلح، وهو الخبر الذي صنف من أهم الأخبار في القرن الواحد والعشرين.