قبل أسابيع، ثارت موجة من الغضب قادها إسلاميون وعلماء وفقهاء، بالجارة الجنوبية موريتانيا، احتجاجا على قرار الحكومة استبدال عطلة يوم الجمعة بيوم الأحد، بداعي أنّ السّبت والأحد أو "الويك آند"، هي "عُطلة اليهود والنصارى"، وأن دين الدولة وفق دستور البلاد المغاربية هو الإسلام، ولا يتحتم بموجب ذلك مخالفته و"استفزاز مشاعر المسلمين"، إلا أن الحكومة الموريتانية نفذت قرارها في فاتح أكتوبر الماضي. موريتانيا لم تكن سوى آخر دولة عربية انضمت بذلك إلى أخواتها القلائل والاستثنائية في العالم العربي، مِمّن تتخذ من السبت والأحد نهايةً لعُطلة للأسبوع، أبرزها المغرب، الذي ظل يعتمد عطلة "الويك آند" لعقود، توافقا مع دول العالم الغربي، في أوروبا وأمريكا وعدد من دول آسيا، حفاظاً على علاقاته التجارية مع الخارج والانسجام مع محيطه الاقتصادي. ويستعد عدد من نشطاء الفايسبوك المغاربة، قالوا إنهم بعيدون عن أي انتماء سياسي أو ديني، لإطلاق حملة وطنية تطالب الحكومة بجعل يومي الجمعة والسبت عطلة أسبوعية، عوضا عن السبت والأحد، لضمان أداء صلاة الجمعة بشكل مريح، "لاعتبار الجمعة عيدا أسبوعيا عند المسلمين وجب تعطيل العمل فيه، كما يحدث في باقي الأعياد الدينية السنوية"، حيث تنطلق الحملة كون مطالبها تتناسب مع مضامين دستور 2011، "الذي يعتبر الإسلام ديناً للدولة والمجتمع"، فيما يستعد النشطاء لإطلاق عريضة تشمل توقيعات بإسم المواطنين، "من أجل الضغط أكثر على المسؤولين". قبل سنوات، انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعية حملات تدعو لجعل يوم الجمعة بالمغرب يوم عطلة أسبوعية، تماشيا مع عادة غالبية الدول العربية، حيث ظهرت تلك الحملات تحت اسم "معا من أجل جعل يوم الجمعة يوم عطلة رسمية بالمغرب" و"نريد الجمعة عطلة رسمية، و فتح المساجد في المغرب" و"مناشدة أمير المؤمنين محمد السادس لجعل يوم الجمعة عطلة رسمية في المغرب"، إلا أن كل تلك الشعارات فقدت توهجها مع مرور الوقت، ولم تجد لها سندا قانونيا أو سياسيا يوافقها في مطالبها. بعد فوز حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلاميّة، في الانتخابات التشريعية الاستثنائية ل25 نوفمبر 2011 لأول مرة في تاريخه، خرجت تعليقات ساخرة، من داخل المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن كون المغرب سيربح بعد نجاح "المصباح" في معركة "ذات الصناديق" مزيداً من المصلين يوم الجمعة، "وربما عطلة نصف يوم الجمعة"، على أن أولويات الحزب وقتها ستركز على تحويل عطلة "الويك آند" إلى الجمعة والسبت، كما محاربة الخمر والعري والتصدي لكل ما يتناقض مع الدين الإسلامي، لاعتباره مرجعية في دستور 2011. وتختلف دواعي الدول العربية الرافضة لجعل يوم الجمعة يوم عطلة أسبوعية، منها الجزائروموريتانيا، من كون الإبقاء على العطلة الأسبوعية في السبت والأحد، سيمكن الفاعلين الاقتصاديين والإدارات المرتبطة بدول الخارج، خاصة أوروبا، من تحسين تنافسيتها، فيما ترى أن الاحتفاظ بيوم الجمعة ضمن أيّام المداومة الأسبوعية على العمل لا يعني المس بمشاعر المسلمين والتأثير على أداهم لصلاة الجمعة، حيث غالبا ما يتم تخصيص حيز زمني لأدائها، قد يصل إلى 30 دقيقة إضافية. الفزازي: تعطيل يوم الجمعة مطلب حسن الداعية وخطيب الجمعة بمسجد طارق بن زياد بطنجة، أثنى على الداعين إلى جعل يوم الجمعة عطلة أسبوعية بالمغرب، واصفا مطلبهم ب"الحسن.. ولا أظن أحدا يختلف في ذلك"، مشيرا إلى أن العالم الإسلامي بأكمله لديه عطلة اليوم الجمعة، "مع استثناءات معدودة"، معتبرا أن تعطيل العمل يوم الجمعة يوافق "صلة الأرحام وزيارة المقابر واجتماع الأسرة وإعطاء الوقت الكافي للاستعداد للصلاة في المسجد". وفي رده على مبرر تعطل المصالح الاقتصادية في حالة تحويل الجمعة إلى عطلة، ذكّر الفزازي، ضمن تصريح لهسبريس، بدول إسلامية تعطل يومي الخميس والجمعة دون أن يمس الأمر بتلك المصالح "التي لا تتوقف سيما في دول الخليج البترولية"، مضيفا أن الدول الغربية تعطل السبت والأحد اعتمادا على طقوسها الدينية، من يوم القداس والكنسية وغيرها.. "هم لا يضعون مصالحهم الاقتصادية أمام مبادئهم احتراما لدينهم". واستبعد الفزازي أن تكون المؤسسات الدينية الرسمية في المغرب، ضمنها المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، غافلة عن الموضوع "لا أظنها تفضل الأحد على الجمعة.. لكن هناك اعتبارات أقوى وأعمق"، منبها إلى أن الذين يدعون إلى تعطيل يوم الجمعة لأن العمل فيه حرام غير صحيح، "العمل يوم الجمعة جائز، وليس عيبا، لأن الحرام هو العمل أثناء النداء للصلاة لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ"".