من خلال مقاله المنشور في مدوّنته الشخصية، يحاول الناشط الحقوقي والكاتب الأمريكي ناثان بيسلي، أن يوضح ما اعتبره نفاقا تتميز به وسائل الإعلام الغربية، نفاق لا يظهر إلّا بمقارنة التغطيات الإعلامية التي تخصّ العمليات الإرهابية المقترفة من قبل المسلمين بالتي يقوم بها غيرهم، والتي تُظهر مضامينها وطرقها مدى التحامل الذي تتعرض له هذه الفئة على خلاف غيرها. وفيما يلي نصّ المقال مترجمًا: راح محمد بركات ورزان ويسرى محمد أبو صالحة ضحية جريمة بشعة قُتلوا أثناءها بالرصاص في قلب منزلهم، لكن على عكس جريمة شارلي إيبدو التي شغلتنا الشهر الماضي، كان هناك تعتيم إعلامي فما يتعلق بوفاة المسلمين الثلاثة. في الواقع، عرفتُ بالجريمة عبر تويتر، حيث انتشر الهاشتاغ المندد بها، وذلك بعد أن كتب الصحفي البريطاني بين وايت في الصفحة الرئيسية لشبكة فوكس نيوز، في سطر واحد أسفل الصفحة، عنوان "رجل يطلق النار على ثلاثة أشخاص ويتسبب في مقتلهم"، بعدما أخفى الصحفي عن قصد الهوية الإسلامية للضحايا، التي كانت الدافع الأساسي وراء جريمة القاتل. لم يفشل اليمين الأميركي وحده في تغطية هذه المأساة، فموقع بي بي سي أيضا التزم الصمت، ولم يذكر "الهجوم الإرهابي" في ولاية كارولينا الشمالية، كما لم يقم بتغطية نزول المتظاهرون إلى الشوارع في شابل هيل لإظهار التضامن مع الضحايا، ولم يعِر المعلقين من الملحدين في جميع أنحاء العالم حول الحادث أهمية، خاصة وأنهم نادوا بالحيطة والحذر من المتطرفين بينهم. حتى لا نخطئ، يجب التذكير أن مرتكب الجريمة، كريج ستيفن هيكس، قد كان متطرفًا، فقد أعرب بانتظام على دعمه وتبنيه لآراء كل من: ريتشارد دوكينز، بيل ماهر، وسام هاريس على حسابه الخاص على تويتر. لقد حان الوقت لاتباع العقل بدل الإيمان فقط، لنتأمل قليلا وندعو بعزم جديد ونقول "كفى تقتيلا"، علينا أن نحترم الناس وأفكارهم ومعتقداتهم بشكل فردي، بدلا من أن نعتبرهم مجموعات عقدية. مساء يوم الثلاثاء، حوالي الساعة الخامسة مساءً، لم يقل القاتل "كفى"، فقد كان يسير في المبنى السكني في Summerwalk في شابل هيل بهدوء، وقتل بدم بارد الشباب الثلاث: محمد وزوجته وشقيقتها رزان. صمت وسائل الإعلام حول عملية القتل هذه، تظهر أعراض مشكلة أعمق من ذلك بكثير، وهي المتمثلة في كون قيم وسائل الإعلام الغربية تعتبر حياة المسلمين أقل أهمية من حياة الأميركيين البيض أو الأوروبيين. ويجب التذكير في هذا الصدد، بأنه في اليوم نفسه الذي ارتكبت فيه هجمات شارلي إيبدو، كان هناك تفجير انتحاري في اليمن أسفر عن مقتل 37 شخصا وجرح 66 آخرون، وفي حين أصبحت القصة الأولى حدثا دوليا، لم يتم الانتباه للثانية إلا في بعض الصفحات على وسائل الإعلام الاجتماعية. النفاق نفسه يتجلى بوضوح من خلال تغطية وسائل الإعلام للأحداث الجارية في العراق وسوريا، حيث يتم تقديم تنظيم داعش الإرهابي، الذي يقتل الصحفيين الغربيين وعمال الإغاثة، كتهديد وجودي للحضارة الغربية. أما عندما يتعلق ببشار الأسد، الذي كان مسؤولا عن 85٪ من الوفيات بين المدنيين السوريين في دجنبر الماضي، فهو في نظرهم تهديد ثانوي. عندما قَتل "مسلمون " الصحفيين في باريس، تم تأجيج انتقادات دولية، لكن، ورغم قتل إسرائيل 17 صحفياً في غزة، انضم نتنياهو كغيره من قادة العالم إلى مسيرة دعم حرية التعبير. الأمر يجب أن يكون واضحاً أمام للجميع الآن، فحين يهجم الإرهابيون باسم الإسلام على باريس في استهداف للغربيين، فإن غالبية الذين يُقتلون من قبل الأسد أو إسرائيل هم أيضًا من المسلمين. حياة المسلمين، من شيكاربور إلى صنعاء، ومن غزة إلى اليرموك، يقع التعاطي معها باهتمام أقل من حياة الغربيين. إذا كان القتل الوحشي الذي تعرّض له المسلمون الثلاثة في ولاية كارولينا الشمالية سيعلمنا شيئاً، فهو أنّ الإرهاب لا دين له، ولا جنس له، وأن إدانته واجبة بغض النظر عن دين الضحايا أو أصولهم.