كما كان مُتوّقعاً، خصّص الملك محمد السادس استقبالاً، بالقصر الملكي بالرباط، للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، بصفته رئيس حزب الجمهوريّين، أو "الاتحاد من أجل حركة شعبية" سابقاً.. وقد أثنى القيادي السياسي الفرنسي على العاهل المغربي، واصفا إياه بالرجل "ذي الرؤية الثاقبة" وبكونه "يحمل طموحاً كبيرا للمغرب والمنطقة المغاربية وإفريقيا". زعيم المعارضة اليمينية، الذي قدم للمغرب يوم أمس لإثنين ضمن وفد كبير يضم، على وجه الخصوص، وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي، ذات الأصل المغربي، ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية بمجلس الشيوخ الفرنسي كريستيان كامبون، ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية بالجمعية الوطنية لوك شاتيل، أجرى مباحثات مع عدد من الوزراء المغاربة، تهم البعد الاستراتيجي لمسار العلاقات الفرنسية المغربية. ورغم أن قدوم ساركوزي للمغرب يأتي ضمن جولة دبلوماسية يقوم بها على المستوى الإقليمي، إلا أنه جاء عقب أيام قليلة من زيارة الرئيس الفرنسي الحالي، فرانسوا هولاند، نقلته للجزائر.. حيث يرى مراقبون دوليون في الاستقبال الملكي الخاص الذي حظي به الساكن السابق لقصر الإليزيه، وهو المرشح لرئاسيات 2017 بفرنسا، تعبيرا عن عدم الرضا تجاه هولاند الذي أكد تحالفه مع نظام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وهو الذي شدد من العاصمة الجزائرية على "تحقيق مزيد من التقارب بين البلدين في جميع المجالات". ويبدو لافتاً في زيارة ساركوزي للمغرب حجم الاستقبال الذي حظي به من طرف الملك محمد السادس إلى جانب برنامج الاستقبالات الرسمية ذات المستوى الرفيع، حيث جمعته محادثات مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ووزراء الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية" والعدل والحريات، وهو الوضع الذي يشابه إلى حد كبير التعاطي مع زيارة رسمية تصل لمستوى حلول رئيس دولة بالرباط، وليست لزعيم حزب فرنسي يتموقع بالمعارضة في بلده. ساركوزي، الذي ظهر مرتاحا خلال استقباله الملكي، قال إن الملك محمد السادس "صاحب رؤية ثاقبة لا تنحصر فقط في المغرب"، مشددا على أن لقاء الطرفين "يشكل مصدر إلهام بالنسبة له" كما "يكتسي دائماً أهمية قصوى م كون الملك يمتلك فكرةً دقيقةً جدا حول القضايا الكبرى في العالم"، على أن المغرب، من وجهة نظر ساركُوزي، يعد "نموذجا لأجرأة إصلاحات هادئة". من جهة أخرى، التقى الوفد الفرنسي المرافق لساركوزي برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ضمن مباحثات توقفت عند مستوى التعاون الثنائي بين الرباط وباريس في مختلف المجالات، إلى جانب الأوضاع في المنطقة المتوسطية وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، فيما شمل اللقاء مع وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، ووزير الداخلية، محمد حصاد، جوانب تهم تطوير إصلاح النظام القضائي المغربي وأوضاع المسلمين في فرنسا. وشملت المباحثات التي أجراها ساركوزي مع المسؤولين الحكوميين المغاربة، أيضا، قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف واتصالها بالأوضاع الإقليمية والدولية، فيما أشار الزعيم السياسي الفرنسي إلى ضرورة انخراط بلدان ضفتي المتوسط، بجوار المغرب وفرنسا، في العمل لأجل دعم معرفة أفضل لكل الأطراف والنهوض بالمشاريع التنموية المشتركة، معتبرا أن المغرب "يظل قطب استقرار مثيرا للإعجاب في خضم الأحداث الدولية التي تعيشها المنطقة" على حد تعبيره.