السعودية: "مبادرة الحكم الذاتي تتطابق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة الأممية"    غوغل تعتزم بناء مركز ضخم للذكاء الاصطناعي واستثمار 15 مليار دولار في الهند    سانشيز: المسؤولون عن "الإبادة الجماعية" في غزة يجب أن يُحاسَبوا قضائيا    جماعة كلميم تشتكي عرقلة مشاريعها التنموية وتعرض أعضائها للتهديد والترهيب    بايتاس: نسبة تفاعل الحكومة مع الأسئلة الكتابية للبرلمان بلغت 70 في المائة    مندوبية للتخطيط تتوقع نموا قدره 4,7 في المائة خلال الفصل الرابع من عام 2025    الذهب يلامس ذروة قياسية جديدة وسط إقبال على الملاذ الآمن    المغرب: الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في صلب مشروع تعميم الحماية الاجتماعية    نقابيو التعمير يستنكرون انتهاك حقوق الموظفين ويطالبون بتحسين أوضاعهم الاجتماعية    ترامب: سأقرر ما أراه "صائبا" لمستقبل الفلسطينيين    الحكومة الفرنسية الجديدة الهشة تعرض مشروع الميزانية    قصف يقتل 3 فلسطينيين شرق غزة    كوبا تقبل إطلاق سراح معارض بطلب أمريكي    فيديو.. المنتخب المغربي يخوض آخر حصة تدريبية على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله قبل مواجهة الكونغو    الديربي البيضاوي يوم 29 أكتوبر بالمركب الرياضي محمد الخامس ضمن الجولة الخامسة من البطولة الاحترافية    ال"فيفا" يكشف عن "تيلا" التميمة الرسمية لبطولة كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة المغرب 2025    الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يحذر من تفاقم الأوضاع الاجتماعية ويدعو إلى احترام الحق في الاحتجاج السلمي    طقس الثلاثاء: أجواء حارة بعدد من الجهات    حقوقيون يدقون ناقوس الخطر حول قسم يهدد حياة التلاميذ بمدرسة ابن الأثير بمراكش    كيوسك الثلاثاء | المغرب يسرع وتيرة تحوله في أفق 2035    وزارة الصحة تُعبئ طائرة طبية لنقل سيدة حامل من كلميم إلى مراكش    اصطدام سيارة بدراجة نارية يودي بحياة شابة في فاس    انفجار يقتل 3 عناصر من الدرك شمال إيطاليا    نحو ألفي قتيل و30 ألف جريح إسرائيلي منذ أكتوبر 2023.. تقرير يرصد امتداد الخسائر إلى خمس جبهات    سائقو الطاكسيات الصغيرة بالجديدة يحسمون الموقف: ''لا أمين للحرفة.. والعداد لن يشتغل حالياً!    سابقة.. مؤسسة خاصة للمهن شبه الطبية بالجديدة تعلن عن إطلاق سنتها الدراسية الأولى بالمجان    بميناء طنجة المتوسط: إحباط محاولة تهريب أدوية مخدّرة وحجز 9 آلاف قرص من "ريفوتريل"    تأخر التساقطات يقلق المزارعين ومربي الماشية من موسم فلاحي صعب    "جيتكس غلوبال" يبرز مستجدات الحلول الذكية ومستقبل الأصول الرقمية    المغرب يطلق مشروعا جديدا لصناعة محركات الطائرات باستثمار يفوق 3.4 مليارات درهم    من فرنسا... شباب الاتحاد يطلقون "نداء" رفضًا للولاية الرابعة للشكر ول"مسرحية" المؤتمر الوطني    المنتخب المغربي يصطدم بفرنسا في نصف نهائي مونديال أقل من 20 سنة    المغرب يضرب موعدا مع فرنسا في قبل نهائي كأس العالم للشباب    صحيفة إسبانية: المغرب يفرض نفسه كأبرز المرشحين لكأس العالم بعد أداء "لا يمكن وقفه"    بنسعيد: رهانات 2030 بالمغرب تتطلب تطوير المشهد الإعلامي الوطني    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    820 مليون درهم لتحويل ورزازات إلى وجهة مرجعية في السياحة الثقافية المستدامة    فوز 3 علماء بجائزة نوبل في الاقتصاد    منعم السليماني يتألق مع نجوم عالميين    لافونتين المغربي والخطاب السياسي..    معايير منح جائزة نوبل بين التشريف السياسي والاستحقاق الأكاديمي    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة إلى غاية 20 أكتوبر    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    منظمة الصحة تحذر: البكتيريا المقاومة للمضادات تهدد الأرواح    علماء كنديون يكتشفون طريقة بسيطة عن طريق تحليل عينات من أظفار القدم للكشف المبكر عن سرطان الرئة    جائزة نوبل للأدب بيان ضدّ الشعبوية الأوروبية    «بين حبيبات الرذاذ، خلسة صفاء» .. ما بين المبتدأ وشبه الجملة، ينهمر شعر مينة الأزهر    إدغار موران: فيلسوف العصر العاشق للحمراء    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    محمد وهبي: نطمح للوصول إلى النهائي والتتويج بلقب كأس العالم    إيطاليا.. العداء المغربي الحسين العزاوي يتوج بطلا للعالم في سباق "غولدن تريل ورلد سيريز"    نجيب أقصبي ل "لوموند": حركة "جيل زد" نتيجة مباشرة ل "رأسمالية التواطؤ" في المغرب التي سحقت الفقراء والطبقة الوسطى    العِبرة من مِحن خير أمة..    الإصابة بضعف المعصم .. الأسباب وسبل العلاج    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملكة زنوبيا .. من أسيرة الرومان إلى "سبية داعش"

تشتهر تدمر السورية بملكتها العربية الأسطورية زنوبيا، ملهمة المثقفين العرب وأيقونة الحركة النسائية. ولذلك فلا عجب من وصف هذه الملكة في وسائل الإعلام العربية على أنها "أسيرة في قبضة داعش". جوزيف كرواتورو يكتب لموقع قنطرة .
أثار استيلاء جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة تدمر حالة من الذعر والفزع في العالم العربي أيضًا. ويعود ذلك إلى أسباب من بينها أنَّ شخصية الملكة الأسطورية زنوبيا، ملكة تدمر - المدينة القديمة المعروفة بهذا الاسم عند العرب، كانت تثير منذ عدة قرون من الزمن وعلى نحو غير منقطع أعجاب الكتَّاب والمؤلفين العرب..
لقد أفرد لها أوائل المؤرِّخين العرب، الذين منحوها اسم "الزباء"، فصولاً كاملة تم فيها وصف هذه الملكة على أنَّها حاكمة شجاعة ومثقفة. بيد أنَّ صعود الملكة زنوبيا إلى أوَّل بطلة عربية في التاريخ حدث في أواخر القرن التاسع عشر. فقد غدت حينها هذه الملكة الأسطورية مصدر إلهام بالنسبة للمثقفين السوريين واللبنانيين في بحثهم عن هويتهم القومية العلمانية.
في عام 1871 نشر الكاتب اللبناني سليم البستاني رواية تاريخية حول ملكة تدمر. وبعد ثلاثة أعوام وصف إلياس مطر - الذي يعدُّ الأب المؤسِّس للتأريخ القومي السوري - مملكة تدمر في عهد زنوبيا على أنَّها مهد الشعب السوري، في كتابه الأساسي حول بدايات المملكة السورية "العقود الدررية في تاريخ المملكة السورية". ولكنه اضطر بسبب الخوف من الرقابة العثمانية إلى الامتناع عن الإشارة إلى طموحات أبناء جلدته ومساعيهم الرامية إلى الاستقلال.
وعلى الرغم من أنَّ الحرب العالمية الأولى قد حرَّرت العرب من سيطرة العثمانيين، إلاَّ أنَّ ذلك لم يمنحهم الحرية السياسية المنشودة. فقد حلت حينها القوى الغربية محل الأتراك في العديد من المناطق العربية.
أيقونة الحركة النسائية العربية
تحوَّلت زنوبيا في صورها العربية الأدبية والتأريخية الشعبية إلى متمرِّدة مناهضة للإمبريالية، كان يتم فهم كفاحها من أجل التحرِّر من الطغاة الرومانيين كرمز لطموحات العرب الوطنية. وكذلك لقد اكتشفت الحركة النسائية العربية الناشئة رمزًا لها في هذه الملكة الشجاعة، التي يُقال عنها بحسب الروايات إنَّها كانت على قدر خرافي من الجمال وكانت تجيد عدة لغات.
وفي المجلات النسائية المصرية والسورية كانت تتم الإشادة بها حتى حقبة الثلاثينيات من القرن العشرين باعتبارها قدوة للمرأة القومية العربية العصرية. كما أنَّ الصحفيات العربيات كنَّ يُفضِّلن العودة إلى اسمها العربي "الزباء"، وذلك من أجل الابتعاد عن استغلال اسم زنوبيا استغلالاً تجاريًا متزايدًا وعن إضفاء الطابع الرومانسي عليها في صناعة الترفيه الغربية.
وكذلك خلال فترة ازدهار حركات الوحدة العربية ظلت ملكة تدمر المحاطة بالأساطير شخصية محبوبة من قبل العلمانيين العرب الساعين إلى تحديد مصيرهم، حيث كان يتم استغلالها في سوريا بصورة خاصة من قبل نظام البعث بزعامة حافظ الأسد باعتبارها إيقونة رمزية، وذلك من أجل إضفاء المزيد من الشرعية على مشروعه القومي العربي العلماني، الذي كان في الوقت نفسه يدعو على الأقل ظاهريًا إلى تحرِّر المرأة العربية.
محاربة شجاعة حاربت الإمبراطورية الرومانية
إنَّ تصوير زنوبيا كأوَّل بطلة عربية وبالتالي تصوير سوريا أيضًا كأوَّل دولة عربية مهمة قبل الإسلام، ساهم هنا أيضًا في ترسيخ مطالبة دمشق بالقيادة في المنطقة. ومن هذا المنظور تم عرضها في أوائل السبعينيات في مسلسل تلفزيوني من إنتاج التلفزيون السوري.
وفي عام 1985 تم تصويرها بلهجة شديدة العداء للإمبريالية في صورة محاربة شجاعة حاربت الإمبراطورية الرومانية الغربية، وذلك ضمن كتاب لم يقم بتأليفه شخص أقل شأنًا من العماد مصطفى طلاس، الذي كان لفترة طويلة وزير الدفاع السوري بالإضافة إلى كونه كاتبًا والذراع اليمنى لحافظ الأسد.
في كتابه التاريخي الشعبي، الذي صدر في البداية باللغة العربية وبعد عام باللغة الفرنسية تحت عنوان "زنوبيا - ملكة تدمر"، تم تصوير الرومان على أنَّهم همجيون للغاية، بينما رفع هذا الكتاب تمرد زنوبيا إلى مستوى حرب تحرير عربية ضدَّ "البرابرة والمستعمرين" الرومانيين.
وعلى الرغم من دوافعه الإيديولوجية في عملية تعريب شخصية الملكة زنوبيا، إلاَّ أنَّ مصطفى طلاس التزم بتلك الفقرات المقتبسة من الروايات المتواترة ضمن مجموعة النصوص القديمة في كتاب "تاريخ أوغستا"، التي اعتمد عليها أيضًا تكوين الأساطير الغربية.
ومنذ ذلك الحين كثيرًا ما كان يتم في سوريا استخدام قصة زنوبيا باعتبارها واحدة من الروايات المفضلة في ثقافة الدولة، فقد تم إخراجها في مسلسل تلفزيوني وفي أعمال موسيقية ومسرحيات. وكان يتم عرض تلك المسرحيات بشكل منتظم في تدمر ضمن إطار مهرجانات ثقافية، كانت حتى اندلاع الحرب الأهلية السورية تجتذب الزوَّار من جميع أنحاء العالم العربي.
وعلى الرغم من جميع التصنيفات القومية العربية لشخصية ملكة تدمر الأسطورية، إلاَّ أنَّ المؤلفين السوريين العلمانيين التزموا في نهاية المطاف بالروايات الغربية إلى حدّ كبير، وقد أرسلوا بذلك إشارات تدل على انفتاحهم على العالم. وهذه هي بالذات العناصر الخاصة بالثقافة العربية العلمانية الحديثة التي يريد تدميرها جهاديو تنظيم "الدولة الإسلامية". ولذلك فلا عجب من أنَّ التعليقات الأخيرة في وسائل الإعلام العربية كانت تحمل وعن قصد عناوين مثل "زنوبيا في قبضة داعش"، أو كذلك "زنوبيا تحارب داعش".
* ينشر بموجب اتفاقية شراكة مع DW عربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.