قدّمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اليوم بالرباط، تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2024، مسجلةً استمرار نفس أنماط الانتهاكات التي وسمت السنوات السابقة، وعلى رأسها التضييق على الحريات العامة، تفاقم أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وغياب مؤشرات فعلية على التزام الدولة بتوصيات الآليات الأممية. التقرير، الذي استند إلى رصد ميداني وشكايات ومعطيات إعلامية ورسمية، اعتبر أن الدولة واصلت خلال 2024 "تغليب المقاربة الأمنية وتسييج الفضاء العام"، ما أفرز استمرار محاكمات النشطاء والصحافيين والحقوقيين، وإبراز "اختيارات سياسية" تُغَلب التحكم على توسيع فضاء الحقوق. وسجل التقرير تعدد الوفيات الناتجة عن الإهمال وضعف البنيات الصحية وسوء شروط السلامة، إذ أحصت الجمعية 14 وفاة داخل السجون تعتبرها الأسر "غير طبيعية"، و57 وفاة بالمستشفيات بفعل الإهمال أو الأخطاء الطبية، إضافة إلى وفيات أطفال مرضى بالسرطان وفيروسات معدية، و57 وفاة مرتبطة بحوادث الشغل، و13 بسبب التسمم والغاز والكحول الفاسدة، و10 حالات مرتبطة بلسعات العقارب ولدغات الحيات. كما أحصى التقرير 46 وفاة نتيجة الغرق ومحاولات الهجرة غير النظامية، مشيراً إلى أن الأرقام الحقيقية تفوق المعطيات المتاحة. وفي ما يتعلق بالانتحار، اعتمد التقرير على معطيات دولية تضع المغرب في المرتبة 96 عالمياً سنة 2024 بمعدل 7.2 حالة لكل 100 ألف نسمة، ما يعادل تقديرياً 2650 حالة خلال السنة، مع تسجيل تركز للوقائع بجهة طنجةتطوانالحسيمة بنسبة تفوق 50%. وبخصوص عقوبة الإعدام، تسجل الجمعية استمرار المحاكم في إصدار أحكام جديدة رغم تصويت المغرب لأول مرة لصالح قرار أممي يدعو لوقف تنفيذ العقوبة، حيث رصدت أربعة أحكام بالإعدام خلال سنة 2024. وفي محور التعذيب وسوء المعاملة، شدد التقرير على أن التصريحات الرسمية التي تنفي استمرار الظاهرة "تكذبها المعطيات الميدانية"، مشيراً إلى أن آلية الوقاية من التعذيب التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان "لا أثر فعلياً لعملها"، وأن شكايات التعذيب وسوء المعاملة وفض الاحتجاجات بالقوة "تبقى دون متابعة قضائية جدية". واعتبرت الجمعية أن إصلاح المنظومة الجنائية "متوقف منذ سنوات"، داعية إلى التحقيق في جميع الشكايات، وتفعيل توصيات هيئات الأممالمتحدة وهيئة الإنصاف والمصالحة، وإلغاء عقوبة الإعدام والتصديق على قانون روما. ويبرز التقرير استمرار الاعتقال السياسي والمتابعات المرتبطة بالرأي والتعبير والاحتجاج، إذ بلغ مجموع المعتقلين بالسجون 105 معتقلين ومعتقلة سنة 2024، من بينهم 67 شخصاً متابعاً بسبب آرائهم أو مواقفهم، مع الإشارة إلى استمرار اعتقال ستة من قادة حراك الريف، و19 معتقلاً في ملف "أكديم إيزيك"، ومعتقلين صحراويين آخرين، إضافة إلى خمسة من مجموعة بلعيرج. كما أشار التقرير إلى متابعة واعتقال عدد من الصحافيين والنشطاء والحقوقيين والطلبة، فضلاً عن ملفات تتعلق بنشطاء مناهضين للتطبيع ومدونين فضحوا قضايا فساد. وسجل التقرير كذلك استمرار التضييق على الجمعيات، بما في ذلك منع تأسيس فروع جديدة أو تجديد الهياكل، وحرمان بعض التنظيمات من وصولات الإيداع بشكل "تعسفي وغير قانوني". وختمت الجمعية بتجديد مطلبها بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي، ووقف المحاكمات القائمة على التعبير السلمي، وتوفير ضمانات حقيقية لحرية الصحافة والتنظيم والتظاهر، مؤكدة أن احترام الحقوق الأساسية "شرط لبناء دولة الحق والقانون وصون كرامة المواطنات والمواطنين".