تضمنت رسالة الملك محمد السادس إلى رئيس لجنة الأممالمتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، كولي سيك، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يحتفل به هذه السنة في 25 نونبر، الإعلان الصريح عن إشارات إلى دور مباشر في ترتيب ما بعد حرب غزة. ورسم في هاته الرسالة ملامح هذا التطلع الذي «يتماشي مع ثوابته في العمل من أجل القضية، على ضوء المتغيرات الجارية بخصوصها» ومن ذلك أن الملك: 1- ذكر بالدعم الذي قدمه المغرب تحت نيران الحرب الوحشية طيلة سنتين، ثم ما استجد من خلال فسحة الهدنة وسط شرور الحرب وأهمية الاتفاق الخاص بوقفها.. 2 نوه بدور الرئيس دونالد ترامب في تحقيق فسحة الهدنة، وما يتماشي معها من جهود للسلام، وهي إشارة تحمل ثقلها الجيوسياسي: أولا، باعتبار المغرب «شريكا موثوقا في قضايا السلم» للولايات المتحدة في المنطقة بلغة القيادات الأمريكية، سواء البيت الأبيض أو في الخارجية. ثانيا: هو الطرف الثاني في حوار استراتيجي منذ 2019، ومن ذلك منطقة الشرق الأوسط بالخصوص .. ولا يمكن أن نغفل أن هاته الشراكة عرفت طفرة أساسية منذ الاتفاق الثلاثي، ولاسيما في العلاقة بمنطقة الشرق الأوسط. ونذكر بأن الملك كان قد أجرى اتصالا مع الرئيس ترامب حول الموقف الأمريكي وحول محددات العلاقة مع القضية الفلسطينية. في نفس السياق، نذكر أن الديوان الملكي أعلن أن الملك محمد السادس كان قد أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أبو مازن لإطلاعه على فحوى الاتصال الهاتفي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدا «موقف المملكة الداعم للقضية الفلسطينية الثابت بلا تغيير والقاضي بحل الدولتين، وفق المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي كسبيل وحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع». 3- المغرب تربطه بأمريكا شراكة استراتيجية وحوار سياسي استراتيجي يهم المنطقة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وفي القضية الفلسطينية.. وقد أبدى الملك استعداد المملكة «التام للمساهمة الفاعلة في كافة المراحل والمسارات المتفق عليها في هذا الاتفاق» الذي وقع بين أطراف الصراع برعاية دولية، وفي هذا الباب تم اعتماد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2803 في 17 نونبر 2025 لتنفيذ خطة السلام الخاصة بغزة.. ولم يفت الملك التذكير باحتضان الرباط لمؤتمر التحالف من أجل حل الدولتين، في ماي 2025، مما يجعله حلقة في المسلسل الدولي المتنامي حول القضية والدفع بعملية السلام.. وعلى هذا الأساس كرر الاستعداد مرة أخرى «للانخراط في الجهود الدولية الرامية لتهيئة الظروف لإحياء مسار السلام في الشرق الأوسط»، مع التشديد على «معايير واضحة وأفق زمني معقول، بعيدا عن منطق تدبير الأزمة» .. وهنا يكمن التميز المغربي باعتبار أن المقترح يذهب بعيدا عن تدبير الأزمة إلى خلق الحل وصناعته، وذلك على عدة مرتكزات هي: -ضمان وحدة قطاع غزة والضفة الغربية، سياسيا وإداريا، تحت إشراف السلطة الوطنية. – إطلاق عملية تفاوض جادة بين الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي. – تحديد جدول زمني دقيق ومحدد، وضمن رؤية حل الدولتين. – تقوية الوحدة الفلسطينية، باعتبار أنها شرط وجوب لأي حل، وتضمن الحد الأدنى من التوافق الوطني.. – القدس الشرقية التي يترأس الملك لجنتها، عاصمة دولة فلسطين المستقلة. ولا شك أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أي شكل سيتخذ انخراط المغرب في المسلسل السياسي الذي أطلق في الشرق الأوسط؟ فهل سيعمل من خلال الديبلوماسية الصامتة؟ أو عبر وساطة سرية بين الطرفين، أم ستكون بلادنا، كما حدث في محطات سابقة، فضاء لاحتضان فصول من التفاوض؟ أو من خلال العمل مع واشنطن وباريس والرياض؟ والحال أن الملك أطر الدور المتوقع من خلال التأكيد على «استمرار التعبئة الإقليمية والدولية لضمان تنفيذ كافة بنود هذا الاتفاق والمضي في جميع مراحله»، وبالتالي فإن المغرب يعمل على واجهة ثنائية، مع واشنطن، وإقليميا مع الفلسطينيين والإسرائيليين والعواصم العربية المعنية، ودوليا من خلال الحزام الدولي للقرار الأممي..