على الرغم من التطوّر الذي يشهده قطاع الطيران في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبُروز شركاتٍ للنقل الجوّي في المنطقة كأقوى الشركات الرائدة في هذا المجال، إلا أنّ قطاعَ الطيران في العالم العربي ما زالَ يواجهُ تحدّيات عديدة، سلّطَ عليها الضوء المشاركون في قمّة العرب للطيران والإعلام المنعقدة بالعاصمة البحرينية، المنامة، اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء. ففي الجلسة الأولى، عقِب حفل الافتتاح الذي حضره وزير المواصلات والاتصالات البحريني، كمال بن أحمد محمد، ناقشَ المتدخّلون راهنَ ومستقبل قطاع الطيران في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسلطوا الضوءَ على أهمّ التحديّات التي تواجهه، ومن أبرزها السلامة الأمنية، خاصّة في ظلِّ التهديدات الإرهابية المتنامية، والنزاعات المسلحة التي تؤثر على حركة المسافرين. في هذا الصدد، قالَ عبد الوهاب تفاحة، أمين عامّ "الاتحاد العربي للنقل الجوي"، إنَّ الأحداث الإرهابية التي استهدفتْ بُرجيْ التجارة العالمية بمدينة نيويوركالأمريكية، يوم 11 شتنبر من سنة 2001، وتبنّاه تنظيم "القاعدة"، جعلتْ تعزيزات السلامة الأمنية تتضاعف، لتصير الرحلات الجوية أكثرَ أمانا من أيِّ أعمال إرهابية. وشدّدَ المتحدّث على ضرورة إجراءات السلامة الأمنية المفروضة، في نقط العبور بالمطارات، وتلك التي تهمّ الطائرات، قائلا: "هناك من يرى أنّ هذه الإجراءات مبالغ فيها، لكنّ الأمرَ ليس كذلك، لأنَّ السلامة تقتضي ذلك"، وأضاف المتحدّث أنَّ إجراءات التفتيش يجبُ أنْ تشمل الجميع، وألا تستثني أحدا، "كيفما كان"، وبغضّ النظر عنْ دواعي سفره. وحظيَ موضوع السلامة الأمنية بأهميّة كبيرة في قمة الطيران والإعلام بالبحرين، خاصّة في ظلِّ النزاعات المسلحة التي تعرفها بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل العراق وسوريا وليبيا، والتي أثرتْ على حركة النقل الجوي بهذه البلدان، وجعلتْ شركاتِ طيرانٍ تُلغي رحلاتها الجويّة إليها، كما الحال بالنسبة لليبيا. ثمّة تحدٍّ آخرَ يواجهه قطاع الطيران في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويتعلّق بتأثير انخفاض أسعار النفط على هذا القطاع، وهُو ما جعل دُولا، تعتمد في مواردها المالية على عائدات النفط، تتحفّظ على إنجاز بعض الاستثمارات ذات العلاقة بالمجال، إضافة إلى تحدّي الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي أثرت على القطاع. أحمد النعمة، القائم بأعمال وكيل شؤون الطيران المدني بوزارة المواصلات والاتصالات في البحرين، قالَ إنّ معالجة مشكل انخفاض أسعار النفط لا يجبُ أن أنْ يكونَ في اتجاه زيادة الضرائب المفروضة على السفر على متن الطائرات، أوْ على السياحة، "فهذا سيؤدّي إلى قتل سوق النقل الجوي والسياحي"، يقول المسؤول البحريني. في السياق نفسه، دعا أمين عام "الاتحاد العربي للنقل الجوي"، عبد الوهاب تفاحة، إلى استمرار دعم النقل الجوّي، مشيرا إلى أنّ مسألة الدعم لا تعني دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوحدها، بلْ تعني باقي البلدان، وطُرحتْ بقوة في أوروبا وأمريكا عقبَ تفجيرات 11 شتنبر، مشددا على أن "مسألة الدعم لا يجب أن تكون موضوع نقاش، فهناك شركات أوروبية وأمريكية تستفيد من دعم حكوماتها". ولفتَ تفاحة إلى "مفارقة" تسمُ قطاع الطيران في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهيَ أنّ دولا صغيرة استطاعت أنْ تنشئ شركات طيران كبيرة، في حين إنَّ دولا أكبر لديها شركاتُ طيران صغيرة، وأضاف أمين عام "الاتحاد العربي للطيران": "يجبُ على هذه الدول أن تعيَ أنّ هذا القطاع يخلق مناصب الشغل ويُساهم في النموّ الاقتصادي". من جهته، قالَ عادل العلي، الرئيس التنفيذي لمجموعة "العربية للطيران"، إنَّ قطاعَ الطيران يكتسي أهميّة كبرى، للدور الذي يلعبه في النمو الاقتصادي، وما يدرّه من عائدات، وكذا مساهمته في تنمية السياحة، وانعكاسه الإيجابي على هذا القطاع، ومساهمته في خلق مناصب الشغل لامتصاص البطالة التي تعاني منها البلدان العربية، والتي تمسّ فئة الشباب بشكل أكبر. وفي خضمِّ المخاوفِ السائدة من تأثر قطاع الطيران في الدول العربية بالنزاعات التي تعرفها المنطقة، والتهديدات التي تطالُ النقل الجوي، قال العلي إنه "رغم الظروف الصعبة التي يجتازها العالم وما يشهده من مشاكل، إلا أنّ الناس سيسافرون دائما"، وفي رسالة غير مباشرة إلى الحكومات العربية أضاف: "لا يوجد استثمار ضائع في هذا القطاع". وأقيمتْ على هامش قمة العرب للطيران والإعلام بالمنامة، ورشة عمل "المهندس الصغير"، وهيَ ورشة يتمّ من خلالها تعريف الأطفال بعالم الطيران، وقال قؤاد عطار، مدير عام شركة "إيرباص الشرق الأوسط": "نحتاجُ إلى أن نجعل الأجيال الصاعدة شغوفة بهذا العالم"، وأضاف أنَّ المهارات لا يجبُ أن تتوفّر فقط في أوروبا، بل يجب أن تكون في مختلف بلدان العالم.