عند الساعة الواحدة صباحا من يوم الأحد الماضي كانت ساحة سيارات الأجرة الكبيرة التي تربط بين الرباطوسلا، وسط العاصمة، خالية إلا من "فاركونيط"، كان يُحشر في جوفها الناس حشرا، في غياب وسيلة نقل أخرى تقلّهم إلى وجهتهم. بعد أن امتلأ جوف السيارة بثمانية عشر راكبا، أحدهم ظلّ واقفا طيلة الرحلة، بعدما لم يجد مكانا يجلس فيه، انطلق سائقها بسرعة يطوي الطريق، أملا في العودة في أسرع وقت لنقل "فايَاج" جديد، وحين دخل إلى مدينة سلا، انعطف عن الطريق الرئيسية، وسلك مسالك هامشية، تفاديا لمصادفة الشرطة. سائق "الفاركونيط" ليس سوى واحد من أصحاب عربات النقل السري الذين ما فتئ عددهم يتزايد في الرباط؛ ورغم أنهم يشتغلون خارج إطار القانون، إلا أنّ الناس يضطرون إلى الاستعانة بخدماتهم، في ظلّ النقص الحاصل على مستوى وسائل النقل العمومي، رغم ما يشكله ذلك من خطر على سلامتهم. سيارات النقل السرِّي التي يُشحن فيها المسافرون كيفما اتُّفق، دون مراعاة لشروط السلامة، وفي غياب أي مراقبة، لا تتوفّر على تأمين يغطّي عدد المسافرين الذين تقلّهم، حسب أحد مهنيّي قطاع سيارات الأجرة بالرباط، موضحا: "عندهم لاصورانص ديال ربعا دْ البلايص وكايهزّو عشرين بلاصة". وإذا كان النقل السري يشكل خطرا على سلامة وحياة المسافرين، فإن مهنيي سيارات الأجرة يعتبرون أن "الخطافة" يشكلون أيضا خطرا عليهم، وعلى مستقبل مهنتهم، بسبب "المنافسة غير الشريفة"، كما يقولون، إذ لا يؤدون ضرائب، ولا يكترون مأذونيات النقل (الكْريمة). وحسب ما أفاد به حسن الدكالي، الكاتب العام الإقليمي لنقابة سيارات الأجرة الكبيرة بسلا، فإن "الخطافة" بمدينة الرباط لم يعودوا يشتغلون في السر، بل أصبحت لهم محطات خاصة بهم، في ساحة "جور إينوي"، وقرب حديقة نزهة حسان، وعند مقر حزب الاستقلال. "في السابق كانوا كايخدمو غير في وقت الذروة، ملي كايكون نقص في سيارات الأجرة، وكنا كانغمضو عينينا، دبا ولات عندهم الشرعية، ودارو محطات خاصة بهم، بْالكورتي والنوبة وكلشي"، يقول الدكالي، مضيفا: "حنا تابعينّا الطريطات ديال الطوموبيلات الجّداد، والكريمة ويجي واحد يتنافس معاك.. هادي منافسة غير شريفة". وأضاف المتحدث ذاته أنّ النقابات الممثلة للمهنيين العاملين في قطاع سيارات الأجرة قدمت شكايات إلى ولاية الأمن، والمحكمة الابتدائية بالرباط، دون أن يسفر ذلك عن أي نتيجة، مشيرا إلى أن الأمن يقوم بحملات لكنها تظل غير كافية، كما أن العقوبات الزجرية المطبقة على المشتغلين في قطاع النقل السري غير كافية لوقف نشاطهم. الدكالي أوضح أن دوريات الأمن تتفادى ملاحقة سيارات "الخطافة" حين يكون على متنها ركاب، لأن ذلك قد يشكل خطورة على سلامتهم، داعيا إلى منعهم من مزاولة النقل بقوّة القانون، أو أن يشتغلوا وفق الإطار القانوني المعمول به في قطاع النقل العمومي.. "وإلا حتى حْنا انغطّيو الطوابع ديال التاكسيات وما نبقاوش نبوانتيو ونخدمو بحالهم، حيت عيينا ما نشكيو وما كاين والو"، يقول المتحدث ذاته.