يتجه المغرب بخطى متسارعة نحو تعميم استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، خاصة لدى التجار والمقاولات الصغرى، مثل أصحاب المحلات التجارية الصغيرة، في إطار استراتيجية وطنية لرقمنة المعاملات وتعزيز الشمول المالي. وتأتي هذه الخطوة في سياق جهود حكومية لدمج الاقتصاد غير المهيكل والحد من الاعتماد على التعامل النقدي، حيث بات "مول الحانوت" يمثل محورا أساسيا في هذه السياسة الجديدة، بحسب ما أكدته تصريحات سابقة لمسؤولين بوزارة الصناعة والتجارة. وفي مارس الماضي، تم توقيع اتفاقية شراكة بين الوزارة ومجموعة التجاري وفا بنك، تهدف إلى تمكين صغار التجار من ولوج خدمات الدفع الرقمي، عبر توفير وسائل تحويل إلكترونية بأسعار تفضيلية أو بشكل مجاني، كما تم إطلاق حملة توعوية وطنية لتشجيع الدفع عبر الهاتف، باستخدام تطبيق "MarocPay". كما يعتزم بنك المغرب إطلاق صندوق مخصص لدعم المقاولات الصغيرة في الانتقال نحو الرقمنة، إلى جانب العمل على تقليص تكاليف المعاملات الإلكترونية وإنشاء منصة موحدة للدفع الفوري. ويرى متتبعون أن هذا التحول يحمل بعدا استراتيجيا، بالنظر إلى اعتماد جزء كبير من الاقتصاد المغربي على أنشطة غير مهيكلة تدار غالبا بشكل نقدي، وهو ما يصعب عملية التتبع المالي والجبائي. وتطمح الدولة من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز الشفافية المالية، وتوسيع القاعدة الضريبية دون فرض ضرائب جديدة، فضلا عن محاربة غسل الأموال والتهرب الضريبي. ورغم أهمية هذه المبادرة، إلا أنها تواجه تحديات حقيقية تتعلق بضعف الثقافة الرقمية في بعض الأوساط، وتخوف بعض التجار من الانكشاف الضريبي أو التكاليف الإضافية، فضلا عن مقاومة التغيير لدى فئات ما تزال تفضل التعاملات التقليدية.