أطلق نشطاء مغاربة عريضة إلكترونية لجمع التوقيعات تزامنا مع حملة # زيرو- كريساج، للمطالبة بتوفير الأمن، مؤكدين أن أهمية هذا الموضوع فرضتها "سلسلة من الجرائم الشنيعة التي عاشت على وقعها جل المدن المغربية مؤخراً، خصوصاً بعد أن توالت السرقات تحت التهديد بالسلاح الأبيض". النشطاء المغاربة التَمسوا من الملك محمد السادس، التدخُّل لوضع حدٍّ للعنف وللظواهر الإجرامية التي تُهدِّدُ أمن وسلامة وممتلكات المواطنين، وتفعيل القوانين المُرتبطة بحيازة الأسلحة البيضاء في المرافق العامة، التي يُمْنعُ فيها حمل السلاح الأبيض كالشوارع، الإدارات، الملاعب، المدارس، المحطّات ووسائل النقل..، آملين تغطية كل مناطق المغرب أمْنِيا، وحِرمان سُجناء الجريمة العُنْفِية من العفو الملكي، من أجل النهوض بالأمن في المغرب. قراءة في رسالة الشعب إلى ملكه: الصورة المُعَدَّةُ، تضُمُّ الملك ومواطنين متجمهرين أمام البرلمان أحدهم يحمل علما وطنيا كبيرا، وآخر يحمل لافتة تقول # زيرو- كريساج، وبالخط المغربي كُتِبَ على الصورة: رسالة من الشعب إلى مَلِكه، مما يدلُّ على المصداقية والقوة التي تحظى بها المؤسسة الملكية، وهو ما يُبرِّرُ استنجاد المغاربة بالملك في القضايا المصيرية، وأهمُّها أمن الوطن والمواطنين، وقضية الوحدة الترابية..، ومن جهة أخرى فإن النشطاء المغاربة عبر هذه الحملة يَدُقُّون ناقوس الخطر لتنامي ظاهرة العُنف والإجرام. ماذا عن الحكومة؟ رُغم الصلاحيات الدستورية الجديدة والتِّرسانة القانونية الضخمة التي يمتلكها المغرب، غير أن ضعف الحكومة حال دون تفعيلها وتنزيلها وظلت هذه القوانين حبرا على ورق، وأخفقت الحكومة في إصلاح العديد من الملفات، ملف القضاء، الأمن، التعليم، الصحة..، وتهرَّبتْ من المسؤولية في القضايا الحسّاسة، مُحمِّلةً المؤسَّسة الملكية المزيد من الأعباء، آخرها تصويت البرلمانيين بتفويت التعيين في مناصب عليا على رأس مؤسسات عمومية للملك، بدل تحمُّل المسؤولة الدستورية كاملة، بُغية التَّهرُّب من المُحاسبة، وهذا ما يُعمِّق المسافة بين المواطن وحكومته المنتخبة، والعاجزة على إيجاد حلول للكثير من المُعضلات، أخطرها مُعضلة العنف. وغير خفي أن ظاهرة العنف استفحلت في السنوات الأخيرة، وأصبحت تمتدُّ إلى كل مناحي الحياة في المغرب، مهدِّدةً الهوية المغربية التي كان التسامح والتعايش والتكافل أبرز ملامحها، اليوم هذه القيم الرفيعة مُهدَّدَة، بعدما تفاقمت مظاهر العدوانية والكراهية وغيرها من سلوكات العنف المَرَضِية، واستطاع العنف أن يتسلل إلى كل مفاصل مؤسسات الجسد المغربي، في الأسر، المؤسسات التعليمية، الملاعب، المساجد، الأسواق، المؤسسات الأمنية، السجون، المستشفيات.. معدلات العنف فاقت الدرجات المعتدلة الضَّامنة للاستقرار والسلم الاجتماعي. موضوع العنف، رغم كثرة الأبحاث والأطروحات والكتابات حوله، أصبح الآن أكثر من أي وقت مضى يحتاج مراجعة شاملة لكل المقاربات التي نبشته، والنبش الفكري في العنف هو سفر في مسالك ملغمة غير آمنة ماكرة أشبه بمكر العنف، تتطلب حذرا وحيطة وتركيزا ويقظة، وتتطلب قبل كل هذا حُكْمًا لا استئناف فيه يقضي برفض العنف بكل أشكاله، مادِّيِه ورمْزِيِّه، ظاهره وخَفِيِّه، مفرده وجمعه. فلاش باك (استرجاع): قبل سنتين، وتحديدا يوم الإثنين 7 أبريل 2014، ومن أجل تفعيل التعليمات الملكية، المُرتبطة بمناهضة العنف والجريمة وتوفير الأمن للمغاربة، إثر استفحال ظاهرة "التشرميل"، عَقَد وزير الداخلية محمد حصاد اجتماعا بمقر ولاية الدارالبيضاء، حضره العديد من المسؤولين لمختلف المصالح الأمنية، لإرساء "البرنامج الأمني" الذي وصفه بلاغ وزارة الداخلية بالبرنامج المتكامل الذي يشمل مختلف جهات المملكة مع الولاة والعمال ورجال السلطة، بغية تدارس الوضع الأمني بالبلاد، واتخاذ الإجراءات الأمنية الضرورية والمناسبة "لضمان نجاعة السياسة الأمنية، وتعزيز الثقة والشعور بالأمن لدى عموم المواطنين"، وقامت وزارة الداخلية بطمأنة المواطنين أنها وضعت "استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الجريمة بكل أشكالها والحفاظ على إشاعة الإحساس بالأمن والطمأنينة بين المواطنين". شرع حينها المسؤولون الأمنيون بإنجاز تقاريرهم حول الوضعية الأمنية "مُشكِّكين في ما تُروِّجه بعض المواقع الاجتماعية، والذي لا يعكس الوضع الحقيقي للحالة الأمنية" لكون بعض صُوَر المجرمين المدجَّجين بالسيوف والمعروضة على الفايسبوك مُفبركة عبر تقنيات الفوطوشوب وغيرها من التقنيات المعلوماتية، مؤكدين سهرهم على أمن المواطنين. في الحقيقة التَّدخل الملكي كان فعّالا، عكسته الإجراءات الأمنية التي انطلقت بسرعة بتنسيق مع كل مصالح الأمن عبر كل جهات المغرب، وثقيلة كانت حصيلة الموقوفين بتُهم الجُنح والجنايات، والاتجار في الممنوعات وحمل السلاح الأبيض..، إضافة إلى كمية ونوعية الأسلحة البيضاء الخطيرة التي تم حجزها، غير أن تلك الحملة التي بدأت قوية، وساهمت في انخفاض معدَّل الجريمة وإحساس المواطنين بالأمن، سُرعان ما بدأ الفتور يعتريها، وهو ماشجَّع المنحرفين والمجرمين من استئناف حملتهم المُضادّة بالاعتداء على المواطنين وسرقتهم ولم يسلم من شرهم صغير ولاكبير. الإجرام وعرقلة السير العادي للمستعجلات: الخطير أن العنف يكلف المغرب ميزانية كبيرة، تكفي الإشارة أن مصالح المستعجلات تستقبل يوميا حالات خطيرة ترفع معدل الطلب على الخدمات الصحية، وقد تفضي إلى تأجيل التعامل مع الحالات الأقل خطورة الوافدة إلى المستعجلات كالارتفاع في درجة الحرارة، حالة الدوار والغثيان..، وغيرها من الحالات التي تحتاج المباشرة المستعجلة، لكن يتم التعامل بمنطق الأوليات أمام وافد بُتِرتْ يده من طرف مجرم مدجج بالسيوف، وبالتالي فتجفيف منابع الجريمة سيسهم في تخفيف الاكتظاظ في المستعجلات وتحسين جودة الخدمات، نتيجة انخفاض الضغط على شغيلة الصحة. المُجرمون والتباهي بالساعات: الساعة رمز لاحترام الوقت والانضباط، وتقدير الحياة، لأن الحياة عمر يتكون من ساعات ودقائق..، معظم هؤلاء الشباب المجرمين يضعون ساعات في أيديهم للزينة، ساعات سُلِبت بالقوة من أصحابها، حاولت معرفة العلاقة بين مجرمون لا يُقيمون لحياة المواطنين اعتبارا، وبين الساعة التي ترمز إلى القيم العقلانية والانضباط والمسؤولية، بل إن الساعة هي أكبر رمز للحداثة التنويرية، وهذا ما يُبرٍّر وجود الساعات في الإدارات وواجهات المباني..، ربُّما أنها حسب سيكولوجية هؤلاء المُجرمين المُسَيَّفين، تُجسِّدُ العلاقة المجازية بين الوقت والسيف، "الوقت كالسيف". العفو الملكي: يجب فتح تحقيق في أرشيف العفو الملكي، لمعرفة المجرمين الذين استفادوا من العفو الملكي نظير تقديمهم رشاوى لمسؤولين استغلوا ثقة الملك، وأيضا الضحايا الذين حرموا من العفو، يجب كشف مافيا الاتجار في العفو الملكي، ومعرفة الذين يخدعون الملك ويقدمون له صورة جميلة لواقع سجون مر وبئيس. يجب فتح تحقيق لمعرفة الاختلالات الموجودة في السجون المغربية، من إهانة السجناء، وأيضا حالات وفاة بعض السجناء المرضى جراء اللامبالاة بخطورة وضعهم الصحي، وأخطر المشاكل الحقوقية، المرتبطة بكرامة السجناء بدءا من اكتظاظ السجون، وظاهرة العنف الذي يمارس على الكثير من السجناء من كبار المجرمين، والوقوف على معاناة سجناء الرأي، ووضع حد لتجارة المخدرات داخل السجون المغربية، وفتح المؤسسة السجنية في وجه الجمعيات الحقوقية والمدنية والصحافة، بغية الإدماج الحقيقي للسجناء المغاربة، لأنهم مغاربة في جميع الأحوال، وإنجاز ملف مشترك بين المؤسسة السجنية والمؤسسات الحقوقية، حول الأشخاص الذين يستحقون العفو الملكي، لحسن سيرتهم، لا المجرمون الذين يُروِّعون حياة الأبرياء. عودة شرطة القرب: شرطة القرب التي أطلقها الجنرال حميدو العنيكري، المدير العام الأسبق للأمن الوطني، تجربة أمنية رائدة في المغرب، رغم الانتقادات الكثيرة التي وُجِّهت لها، والتي كان فيها الكثير من التَّحامُل، بين من يرى أن تحركاتها (سيارات رباعية الدفع، دراحات نارية..) كانت مُكلِّفة للدولة، وآخرون تحدثوا عن خروقات بعض أفرادها، والنتيجة تجميد اشتغالها، وإغلاق مراكزها بالأحياء، وعودة الجريمة. وغداة تعيين عبداللطيف الحموشي مديرا عاما للأمن الوطني، سَيُطْلِقُ شرطة النجدة، وهي مبادرة تروم تكريس مبادئ القرب في العمل الأمني، والاستجابة السريعة والناجعة لاتصالات المواطنين وطلباتهم الواردة إلى المصالح الأمنية على مستوى الرقم 19، والاستجابة لنداءات المواطنين الاستعجالية التي تستدعي تدخلا سريعا، ونجاج هذه المبادرة رهين بزيادة مناصب التوظيف في الأمن الوطني، ورسالة نشطاء زيرو كريساج، هي تأكيد على أن المؤسسة الملكية هي الضمانة والضامنة للأمن والاستقرار في المغرب، أدام الله علينا نعمة الأمن والسلم والسلام.