التقدم المهم المحرز في الحوار الاجتماعي في صلب مباحثات بين الاتحاد المغربي للشغل ومنظمة العمل الدولية    المغرب يحتفي بذكرى ميلاد ولي العهد    مرصد أوربي ينبه إلى تسجيل درجات حرارة قياسية    كأس الكونفدرالية: الزمالك المصري يعترض على تعيين حكام تونسيين في "الفار" خلال مباراته مع بركان    اعتقال 5 أشخاص في عمليات ضد تهريب الأقراص المهلوسة    المغرب يزيد من طاقة إيواء السجون ب 5212 سريرا في إطار أنسنة ظروف الاعتقال    هيئة دستورية .. 1.5 مليون شاب لا يدرسون ولا يشتغلون    عمدة البيضاء تعلن موعد الانطلاقة الفعلية لخطوط الترامواي الجديدة    اعتقال سائق "تريبورتر" كان يقود بطريقة خطرة قرب مدرسة في الدار البيضاء    أسترازينكا تسحب لقاحاتها من الأسواق    الرياض توافق على مذكرة تفاهم مع الرباط    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    منصة "إفريقيا 50" تشيد بالتزام المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس لفائدة التنمية بإفريقيا    الرؤية الملكية في مجال النهوض بالاستثمارات الخارجية مكنت من تحويل التحديات الى فرص    إسرائيل تعيد فتح معبر كرم أبو سالم مع غزة    الحرارة تتجاوز المعدل الموسمي بالمغرب    محاضر جرائم الأموال تؤرق مسؤولين ومنتخبين بتطوان    تتويج إنتاجات تلفزيونية بمهرجان مكناس    برنامج متنوع للنيابة العامة بمعرض الكتاب    توقيع اتفاق تعاون بين الإيسيسكو وليبيا في المجالات التربوية    "زمن الجراح من الريف الى الحوز" اصدار جديد للكاتب خالد مسعودي    الاتحاد العام للشغالين بالحسيمة يشرف على تأسيس مكتب نقابي لأصحاب سيارات نقل البضائع    أسترازينيكا تسحب لقاح كورونا من الأسواق    طنجة.. ربيع جاكاراندا للمسرح المتوسطي يحتفي بتنوع الثقافات    شهر ماي ساخن: تصعيد واسع للجبهة الاجتماعية ضد الحكومة : إضرابات، وقفات واحتجاجات للعديد من القطاعات دفاعا عن مطالبها المشروع    الحكومة تبرر وقف الدعم الاجتماعي المباشر ب"الغش" في المعطيات    الرباط: يوم تواصلي تحسيسي لفائدة مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي    السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية    وسط استمرار القلق من الآثار الجانبية للقاح «أسترازينيكا»..    الجيش الملكي يواجه نهضة الزمامرة لتعبيد الطريق نحو ثنائية تاريخية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    مشروع قانون يتعلق بمناطق التسريع الصناعي يحظى بمصادقة مجلس المستشارين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    سلا تشهد ولادة عصبة جهوية للألعاب الإلكترونية    لوحة الجمال والعار    منتخب الصغار يواجه كرواتيا وإنجلترا وأمريكا    التقنيون يواصلون احتجاجهم ويستنكرون تغييب ملفهم عن جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    ياسمين عبد العزيز تصدم الجميع بحديثها عن طليقها أحمد العوضي (فيديو)    تأهيل ملاعب فوق عقار تابع لصوناداك يثير الخلاف داخل مجلس جماعة البيضاء    2026 هو موعد تشغيل محطة تحلية المياه بالدارالبيضاء    واشنطن تعلّق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب "مخاوف" بشأن رفح    مشاركة البطل الطنجاوي نزار بليل في بطولة العالم للقوة البدنية بهيوستن الأمريكية    الركراكي مدربا جديدا لسريع واد زم    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    الصين: انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في أبريل إلى 3,2 تريليون دولار    "من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن"    نور الدين مفتاح يكتب: ثورة الجامعات    بطولة انجلترا: رفض استئناف نوتنغهام بشأن عقوبة خصم 4 نقاط من رصيده    بطولة انجلترا: ثياغو سيلفا ينضم إلى نادي بداياته فلومينينسي في نهاية الموسم    مجلس جماعة فاس يقرر إقالة العمدة السابق حميد شباط من عضوية مجلسه    وقفة تضامن في الرباط تحذر من إبادة إسرائيلية جديدة متربصة بمدينة رفح    وفد من حركة "حماس" في "القاهرة"    غلاء دواء سرطان الثدي يجر "السخط" على الحكومة    حملة بيطرية تختتم "مهرجان الحمار"    وزارة الداخلية السعودية تعلن تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس كل بدعة ضلالة
نشر في هسبريس يوم 05 - 01 - 2017

صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعةٍ ضلالة ". رواه مسلم في الصحيح. زاد النسائي بإسنادٍ حسن: "وكل ضلالةٍ في النار". وقال أيضاً - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح: "إياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ". من خلال هذه الأحاديث الشريفة، تعلمنا من بعض مشايخنا كما قرأنا في الكثير من الكتب الإسلامية الصفراء والبيضاء أنّ كلّ ما لا نصّ فيه من قول أو فعل أو تقرير في باب العبادات مثل قول: "صدق الله العظيم" بعد قراءة القرآن، وقول: "تقبّل الله" بعد الصّلاة، وقراءة القرآن جماعة كما جرى به العرف في المغرب ونحو ذلك هو بدعة، وأن علينا أن نفهم كلامه صلّى الله عليه وسلّم "كل بدعة ضلالة" حرفيّا بلا تأويل، وأن نفهم أنّ الأصل في العبادات التّوقيف بلا تفصيل، هذا ما يقوله بعض المشايخ، وهو عندهم من المسلمات وﻻ جدال فيه؛ وإن لم تقتنع بهذا الفهم وتحاول أن تعمق النقاش في مفهوم البدعة مع هؤلاء، تتهم في دينك مباشرة، وأنك صاحب بدع..!!
هل فعلا ماقاله بعض ساداتنا العلماء في هذا اﻷمر هو الحق المطلق ولا يقبل أي تفسير آخر للبدعة؟ أم أن هناك تناقض في كلامهم وعدم إدراكهم لحقيقة البدعة الضلالة التي جاءت في الحديث النبوي؛ والتي تعني الزيادة أو النقص في معالم الدين الإسلامي؛ كأن تجعل من صيام شهر رمضان مثلا 40 يوما، أو تزيد أو تنقص من عدد ركعات صلاة الظهر وتجعلها 3 ركعات وهكذا..؟!! فهؤلاء لا يفرقون بين بدعة وبدعة، أي بين البدعة الحسنة والبدعة الضلالة، فكل البدع عندهم ضلالة وصاحبها في النار! مع أن الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم: "مَن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة حَسَنَة فله أجرُها وأجرُ من عمل بها من بعده ، من غير أن يَنْقُصَ من أجورهم شيء، ومن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة سيِّئة كان عليه وِزْرُها وَوِزْرُ مَنْ عمل بها من بعده ، من غير أن ينقُصَ من أوزارهم شيء " فهذا الحديث يوضع مما لا يدع مجالا للشك بأن هناك بدعة حسنة وبدعة ضلالة، وقد ثبت بالحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين قال :"نعمت البدعة هذه" فثبت أن إطلاق مفهوم البدعة الحسنة جائز، وروى ابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في الكبير عن الأعرج قال : سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال:" بدعة ونعمت البدعة ." ورواه أيضا البخاري في تاريخه الكبير.
وعلماء االسنة لما قسموا البدعة، إنما استنادا لأصول الشرع الحنيف، لا اعتمادا على تحسين الناس، وما ثبت أيضا في مصنف ابن أبي شيبة في باب كتاب الأذان والإقامة (في التثويب في أي صلاة هو) عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال :" ما ابتدعوا بدعة أحب إلي من التثويب في الصلاة يعني العشاء والفجر، والتثويب في الصلاة هو قول : " الصلاة خير من النوم " وما نقله السيوطي في كتابه الأمر بالإتباع والنهي عن الابتداع عن الحسن قال :" القصص بدعة ونعمت البدعة كم من أخ يستفيد ودعوة تستجاب."، هذا هو فهم السلف الصالح الصحيح ثناءٌ وتَحْسِينٌ للمحدثة إن كانت الشريعة تشهد لها، ولهذا الكثيرمن أقوال الصحابة أو أفعالهم وخاصة في أحوال مخصوصة كدعاء أبي بكر رضي الله عنه إذا مُدح: "اجعلني خيرا ممّا يظنّون ..."، وكدعاء ابن مسعود رضي الله عنه لإيجاد الضّالّة: "اللهمّ رادّ الضّالّة ..."، وكدعائه ودعاء إبن عبّاس رضي الله عنهما في الدّخول على السّلاطين: "اللهم كن لي جاراً من فلان ..."
ونحو ذلك ممّا لا يصحّ إلّا موقوفًا..هذا مع عدم إنكار السّلف ومنهم الصّحابة أيضًا لأصل التّخصيص في الدّعاء ب: "تقبّل الله" إذ كانوا ممّا يقول بعضهم لبعض ذلك في العيد، مع اتّفاقهم كذلك على تحرّي الدّعاء عند ختم القرآن واﻹجتماع له كما كان يفعل أنس رضي الله عنه، مع ما يلزم من مسلك هؤلاء من أن نلحق بدء القراءة في التّراويح من أوّل القرآن إلى أن نختمه في آخر الشّهر بالبدع، بل أن نلحق التّراويح نفسها على الشّكل الذي وجدت عليه بعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالبدع، ومن ذلك التّواعد لها والمواظبة عليها؛ بل وأن نلحق قولنا "رضي الله عنهم" نفسه بالبدع، وكذا يكون الحاجز بين النّساء والرّجال في المساجد، والمحراب والمئذنة والنّجم والهلال فوقها، وتزيين المساجد وزخرفتها بالرخام والزليج والأضواء الكهربائية، وجمع القرآن في مصحف واحد وتنقيطه وتشكيله بالنصبة والفتحة والكسرة والضمة وغير ذلك ممّا لا يُحصى كثرةً، من البدع الضلالة، وهكذا نجد ساداتنا العلماء الذين سلكوا هذا المسلك في تناقض بين وواضح ﻻ مخرج منه إﻻ بتراجعهم واعترافهم بأن هناك بدعة ضلالة وبدعة حسنة؛ كما أن هناك بدع حقيقية وبدع إضافية، ويحصل التناقض بينهما لكلّ من لا يفرّق بينهما لعدم تنقيحه المناط المنضبط للضّلال في البدع؛
ولهذا حصل الخلاف بين العلماء في هذه المسائل منها: التلفظ بالنية في الصلاة، الجهر بالبسملة، القنوت في الفجر، القنوت في الوتر، محاريب المساجد، السجود على الحجرالأسود، اللهم تقبل مني، اللهم منك وإليك عند ذبح الأضحية، إحياء ليلة النصف من شعبان، تلقين الميت، التغليظ باليمين بالحلف في المصحف، المعانقة في العيدين والقادم من السفر، اتخاذ مسبحة للذكر، دعاء ختم القرآن في صلاة التروايح أو القيام، بدء المحافل الخطابية بتلاوة القرآن الكريم، إقامة موعظة او درس في العقيقة أو العرس، التمايل أثناء قراءة القرآن الكريم، إقامة الإحتفالات لحفظة القرآن الكريم، احتفال بختم صحيح البخاري، تقبيل المصحف الشريف، رسم الخطوط على سجاد المساجد بغرض تنظيم الصفوف، قبض اليدين بعد الركوع، الزيادة على إحدى عشرة ركعة في رمضان، دعاء التهجد أثناء القيام، عقد ندوات وملتقيات بالتعريف بالعلماء، التهنئة بدخول العام الهجري، تحري السنة الهجرية بالكلام عن الهجرة، السابع عشر من رمضان للحديث عن غزوة بدر، الإحتفال بمولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والأمثلة تطول؛ علما أن أغلب هذه المسائل أقرها العلماء ولم يثبت فعلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أقر عليه الصلاة والسلام كذلك مجموعة من المحدثات الصادرة من الصحابة الكرام من أدعية وأذكار لكونها لا تنافي مقصود الدعاء، وفي هذا السياق قال العلامة عبد الله بن الصديق في كتابه: (إتقان الصنعة) "فمن زعم في فعلِ خير مُستحدثٍ أنه بدعة مذمومة فقد أخطأ وتجرأ على الله ورسوله حيث ذم ما ندب الله إليه في عموميات الكتاب والسنة" .
وختاما أقول: ليس كل بدعة ضلالة، وليس كل ضلالة في النار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.