تراجع سعر صرف الدرهم مقابل الدولار    إسرائيل تشرع في تدمير الأبراج بغزة    ألمانيا تعتقل طالبا في هجوم بسكين    اتحاد يعقوب المنصور في أول موسم        بحرية سبتة تنتشل جثتين لقاصرين حاولا الوصول إلى المدينة سباحة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    منظمة الصحة العالمية ترفع حالة الطوارئ بشأن جدري القرود    قبل مقابلة النيجر.. الركراكي يعزز صفوف المنتخب بلاعب جديد    خط بحري جديد يربط المغرب ببريطانيا وشمال أوروبا يعزز صادرات الفواكه والخضر ويختصر زمن الشحن    بين الزفزافي وأويحيى: المغرب نموذج للرحمة الإنسانية والجزائر نموذج للقسوة    المغرب استقطب منذ 2020 ما يفوق 40 مليار دولار من الاستثمارات الصناعية    ميسي يقود الأرجنتين لاكتساح فنزويلا    سكان الدول منخفضة الدخل أكثر عرضة للظواهر المناخية القصوى مقارنة بسكان الدول الغنية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت        المحكمة الابتدائية بالحسيمة تدين مروج كوكايين بعقوبات مالية وسجنية ثقيلة    حينما يتحدث جاد المالح، ينثر الابتسامات، يؤجج العواطف، ويؤكد ارتباطه العميق بالمغرب    "التقدم والاشتراكية" يرفض مشروع قانون التعليم العالي ويعتبره تراجعاً عن مكتسبات الجامعة العمومية    بالصور .. ملعب "الأمير مولاي عبد الله"    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    في طريق المونديال..أسود الأطلس على موعد مع مباراة مصيرية أمام النيجر    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مجلة ذي إيكونوميست .. المغرب بقيادة جلالة الملك يرسخ مكانته كقوة تجارية وصناعية    10 مليارات درهم عمولات سنويّة.. "الأوليغوبول البنكي" قد يعرقل دخول بنك "رفولي" الرقمي بخدماته المجانية السوق المغربية        مالي تقاضي الجزائر بسبب إسقاط مسيرة    ارتفاع أسعار الذهب    الولايات المتحدة: دونالد ترامب يريد تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب    رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا        غانا.. مواجهات وأعمال عنف قبلية تخلف 31 قتيلا وتهجر حوالي 48 ألف مواطن        معتقلو حراك الريف بسجن طنجة يدينون رمي رجال الأمن بالحجارة.. إصابات واعتقالات        جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف    غياب التدابير الاستعجالية لمواجهة أزمة العطش تجر بركة للمساءلة    كيوسك الجمعة | أكثر من 8 ملايين تلميذ يلتحقون بمدارسهم    شاب يلقى حتفه طعنا إثر خلاف حول نعجة    شي جين بينغ وكيم جونغ أون يؤكدان متانة التحالف الاستراتيجي بين الصين وكوريا الشمالية    كوريا والولايات المتحدة واليابان يجرون تدريبات عسكرية مشتركة في شتنبر الجاري    الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    فضائح المال العام تُبعد المنتخبين عن سباق البرلمان القادم    ملايين الأطفال مهددون بفقدان حقهم في التعلم بنهاية 2026    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    اتحاد طنجة ينهي المرحلة الأولى من البطولة الوطنية لكرة القدم الشاطئية بفوز عريض على مارتيل    دياز يوجه رسالة مؤثرة بعد لقائه محمد التيمومي    إصابات في صفوف رجال الأمن واعتقالات على خلفية أعمال شغب أعقبت جنازة الزفزافي    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    غاستون باشلار: لهيب شمعة    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لباس "البرقع" وحماية الهوية المغربية
نشر في هسبريس يوم 13 - 01 - 2017

أثار قرار منع خياطة وبيع لباس "البرقع" مجموعة من الآراء المختلفة بين مؤيد ومعارض عكست في مجملها الخلفيات والمنطلقات التي استندت عليها هذه الآراء التي عبر عنها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي باختلاف انتماءاتهم ومرجعياتهم بين المرجعية الحقوقية والدينية والعلمانية.
والإشكال الذي ميز هذا الموضوع هو الخلط الكبير الذي سقط فيه مجموعة من نشطاء الفايسبوك في عدم قدرتهم على التمييز بين لباس "البرقع" الذي تم منعه وبين لباس النقاب أو اللثام، اللباس الذي لبسته المغربيات على مر العصور إلى يومنا هذا والذي يطابق المقتضيات الشرعية بإجماع علماء الأمة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على تحول "منصة الفايسبوك" إلى منصة الاعتراض من أجل الاعتراض على أي شيء تقوم به الدولة حتى وإن كان يهم تحصين الهوية المغربية بشتى مكوناتها من جهة، وتحصين المواطنين لدواعي أمنية حتى لا يتحول هذا الباس إلى وسيلة تنكرية للمجرمين ومدخلا لفكر رجعي هدام يحاول جاهدا أن يجد له موطئ قدم داخل التربة المغربية التي تميزت عبر تاريخها برفض كل النماذج المستوردة التي لا تتناسب والهوية المغربية، من جهة أخرى.
والغريب في الأمر هو المحاولات الحثيثة التي قام بها بعض النشطاء في تشبيه هذا اللباس مع ألبسة أخرى وكأنها معادلة تلازمية، بمعنى أن منع خياطة وبيع لباس البرقع يقابه تشجيع الألبسة الأخرى كيفما كان شكلها وإيحاءاتها، حيث يحاول بعض "المشايخ الفايسبوكيين" وفي عملية اجتهادية في الترويج لها وبفنيات عالية، في مشهد وصفي مقارن لا علاقة له بالموضوع جملة وتفصيلا، دون أن يتكبد عناء طرح سؤال بسيط حول الفرق بين معنى "لباس البرقع" ولباس النقاب أو اللثام، في عملية تثقيفية بهذه المناسبة، كما أن بعضهم يتجاهلون عمدا هذا الفرق، من أجل خلق التميز على مستوى الفايسبوك الذي تحول هذه الأيام إن جاز التعبير إلى "مؤسسة المشيخة الفايسبوكية".
وما يبعث على الاستغراب هو ذلك "التحليل العبقري" الذي نشره أحد مشايخ السلفية بالمغرب على حائطه على الفايسبوك، حيث رَبَط من خلاله العلاقة بين منع لباس "البرقع" والفشل في تشكيل الحكومة، مؤكدا أن الهدف من هذه العملية، أي عملية منع النقاب، هو أن "يشغلوا الشعب"، ضاربا عرض الحائط مختلف النظريات السياسية والقانونية والدستورية المتخصصة في مناقشة موضوع تشكيل الحكومة.
وليس غريبا على أمثال صاحب التحليل أعلاه، لا ينفكون في تصنيف أنفسهم كضحايا ومستهدفين من كل قرار تتخذه الدولة في ممارسة سيادتها وتدبير شؤونها اليومية، ومرد قصورهم هذا ناتج عن عملية تبنيهم لأفكار متطرفة دخيلة على الدين الاسلامي والثقافة المغربية، زمن تمدد حركات الاسلام السياسي في الوطن العربي، إبان الحرب السوفييتية الأفغانية، التي تصادمت مع الهوية المجتمعية المغربية، ليجدوا أنفسهم بشكل معزول عن حركة تطور المجتمع، ومعلنين إفلاسهم الفكري، بعد مراجعات فكرية، لينقل معركة التميز إلى المستوى الشكلي من خلال اعتماده للباس "البرقع" بالنسبة للنساء واللباس الأفغاني بالنسبة للرجال، كألبسة شرعية مقدسة غير قابلة للنقاش.
وبالتالي يبقى قرار منع لباس "البرقع" يتجاوز ما هو حقوقي، على اعتبار أنه لم يعد حرية فردية، كما عبر عن ذلك مجموعة من الحقوقيين الرافضين لقرار المنع، كعادتهم، في تضاد مع قرارات الدولة في إطار ممارستهم لما هو سياسي بواجهة حقوقية، بل أصبح رمزا للفكر المتطرف الذي قد يتحول من شكله الفكري والمادي إلى شكله المعنوي، وبالتالي فجوهر هذا المنع يتمثل في الحفاظ على الهوية المغربية كنموذج متميز في تشكلاتها وتمظهراتها.
* دكتور في القانون العام، تخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.