تجنبت الأمانة العامة للأمم المتحدة الخوض في تفاصيل ما تم تداوله بشأن المسودة الأمريكية المعروضة على مجلس الأمن الدولي، والتي تشير تقارير إعلامية إلى أنها تقترح تمديد ولاية بعثة الأممالمتحدة في الصحراء "المينورسو" لمدة ثلاثة أشهر فقط، مع تضمين إشادة مباشرة بمقترح الحكم الذاتي المغربي المقدم سنة 2007 كحل واقعي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية. وجاء هذا الموقف خلال المؤتمر الصحافي اليومي لستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، الذي امتنع عن تأكيد أو نفي مضمون المشروع الأمريكي، مكتفيا بالتشديد على أن مجلس الأمن هو الجهة الوحيدة المخولة بالحسم في الولاية المقبلة للبعثة، مشيرا إلى أن "المبعوث الشخصي للأمين العام والبعثة الأممية يواصلان عملهما بشكل طبيعي في الميدان". وفي مقابل الغموض الذي لف الموقف الرسمي للأمانة العامة، تمسكت مصادر هسبريس الأممية بتوجه أكثر واقعية يقضي بتمديد ولاية بعثة "المينورسو" لمدة ستة أشهر بدل سنة كاملة؛ على خلاف ما أوصى به أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره السنوي الأخير الصادر مطلع الشهر الجاري. وأوضحت المصادر ذاتها أن هذا التوجه يروم وضع الأطراف المعنية تحت ضغط زمني ودبلوماسي أكبر من أجل الاستجابة الفورية للقرارات الأممية السابقة، والدفع في اتجاه استئناف المفاوضات المباشرة المتوقفة منذ سنوات؛ الشيء الذي ينسجم مع دعوات المبعوث الشخصي للأمين العام المتعلقة بإحياء المسار السياسي. ويأتي هذا التطور في سياق مشاورات مكثفة تشهدها أروقة مجلس الأمن قبل التصويت المرتقب على مشروع القرار في ال30 من شهر أكتوبر الجاري، وسط مؤشرات تؤكد أن "التوجه العام داخل المجلس يسير نحو تكريس الدعم للمقاربة المغربية". كما تتزامن هذه الأحداث مع ارتباك واضح في صفوف خصوم الوحدة الترابية، حيث أقر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتعرض بلاده لضغوط دولية للقبول بتسوية واقعية وتوافقية للنزاع؛ فيما خرج إبراهيم غالي، زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، بتصريحات مجافية للواقع، تحدث فيها عما أسماه "مؤامرات خطيرة" تستهدف، وفق زعمه، "تغيير الطبيعة القانونية للنزاع"، في محاولة لصرف الأنظار عن التحولات الجارية في مواقف العواصم المؤثرة داخل مجلس الأمن. وتشير معطيات دبلوماسية إلى أن مجلس الأمن الدولي سيختم أشغاله المتعلقة بالنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية في 30 أكتوبر الجاري، باعتماد القرار الجديد الخاص ببعثة "المينورسو" وتجديد ولايتها، في وقت تذهب فيه أغلب التقديرات إلى أن مدة التمديد قد لا تتجاوز ستة أشهر بدل سنة كاملة، انسجاما مع المسعى الرامي إلى إبقاء الملف حاضرا بشكل دوري على جدول أعمال الأممالمتحدة، وضمان انتظام النقاش حول تطوراته. وفي خضم هذه التطورات، تبرز عضوية الجزائر داخل مجلس الأمن كعامل مؤثر في مسار النقاشات المرتبطة بالملف، في ظل توجه واضح من الإدارة الأمريكية نحو تحميلها مسؤولية مباشرة في استمرار النزاع وتعقيد مسار التسوية؛ الشيء الذي سينعكس على طبيعة المشاورات الجارية وعلى مضامين القرار الأممي المرتقب، خاصة في ظل قناعة غالبية أعضاء المجلس بأن الحل لن يكون إلا عبر مقاربة واقعية تراعي الاستقرار الإقليمي وتكرس سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.