أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، أن المغرب، الوفي لالتزامه الإفريقي، سيواصل دعمه الثابت لكل المبادرات الهادفة إلى بناء فلاحة إفريقية مرنة، شاملة، ومزدهرة. وأوضح الوزير، في كلمته خلال افتتاح الدورة السابعة للمؤتمر الإفريقي للهندسة القروية، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن المملكة، انسجاماً مع الرؤية الملكية السامية، تولي أهمية كبرى لتعزيز التعاون جنوب-جنوب، من أجل تحسين تدبير الموارد المائية، وتطوير فلاحة مستدامة، وتحقيق السيادة الغذائية لدول القارة الإفريقية. وشدد البواري على أن هذا التعاون يجب أن يُترجم إلى تبادل فعلي للتجارب والخبرات والكفاءات بين الدول الإفريقية، عبر شراكات مربحة للجميع، مذكّراً بأن مبادرة "تأقلم الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية" (AAA) التي أطلقها المغرب خلال مؤتمر المناخ (كوب 22) بمراكش، تمثل رداً إفريقياً طموحاً لتعزيز قدرة الفلاحة على التكيف والصمود. وأضاف أن هذه المبادرة أصبحت اليوم منصة قارية مرجعية تجمع الحكومات والمؤسسات المالية والباحثين والفاعلين في مجال التنمية، ضمن رؤية مشتركة تجعل من الفلاحة رافعة أساسية لمستقبل إفريقيا. وفي السياق نفسه، أكد الوزير أن القطاع الفلاحي ظل على الدوام ركيزة محورية في السياسات العمومية للمغرب، نظراً لأهميته الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن المملكة اختارت، عن وعي واستشراف، وضع الفلاحة في قلب استراتيجيتها التنموية. وأشار البواري إلى أن الاستراتيجيات الوطنية، وعلى رأسها "مخطط المغرب الأخضر" و*"الجيل الأخضر 2020-2030″*، شكلت خطوات حاسمة نحو فلاحة عصرية ومستدامة، موضحاً أن ترشيد وتثمين المياه الموجهة للزراعة يحتلان موقعاً محورياً ضمن هذه البرامج. كما أبرز أن الوزارة أطلقت برامج طموحة ومهيكلة لتأمين الموارد المائية وتعزيز استدامة الفلاحة المسقية، من خلال تحديث شبكات الري، وتوسيع اعتماد الري الموضعي المقتصد للماء، وإنجاز سدود جديدة ومشاريع لربط الأحواض المائية، إضافة إلى محطات لتحلية مياه البحر تعتمد على الطاقات المتجددة. وأكد البواري أن هذه المشاريع جعلت من المغرب اليوم مختبراً إفريقياً للابتكار المائي، يجمع بين الرؤية، والتكنولوجيا، والحكامة الجيدة، معتبراً أن الحضور الإفريقي القوي في هذا المؤتمر يعكس الإرادة الجماعية لمواجهة التحديات الكبرى المرتبطة بالماء والفلاحة المستدامة والسيادة الغذائية. وأضاف أن هذه التحديات تمثل في الوقت نفسه فرصة حقيقية لإعادة التفكير في النماذج الفلاحية وفق مقاربة مستدامة، مرنة وتضامنية، قادرة على مواجهة آثار التغيرات المناخية. ويُنظم هذا المؤتمر بمبادرة من الجمعية الوطنية للتحسينات العقارية والري وصرف المياه والبيئة، بشراكة مع الجمعية الإفريقية للهندسة الفلاحية والجمعية الأمريكية للمهندسين الزراعيين والبيولوجيين، وبدعم من شركاء وطنيين ودوليين، من بينهم وزارة الفلاحة، اللجنة الدولية للري والصرف والمعهد الدولي لتدبير المياه. ويأتي تنظيم هذا الحدث بعد النجاحات التي حققتها الجمعية في تظاهرات دولية سابقة، منها المناظرة الجهوية الإفريقية الخامسة للجنة الدولية للري والصرف بمراكش سنة 2021، والمؤتمر الدولي العاشر حول الري الموضعي بمدينة الداخلة سنة 2023. ويهدف هذا اللقاء إلى خلق فضاء للتبادل والنقاش بين صناع القرار والباحثين والخبراء حول التحديات المائية التي تواجه إفريقيا في ظل التغيرات المناخية، وتقديم حلول مبتكرة تضمن الأمنين المائي والغذائي للقارة. وشهد حفل الافتتاح حضور عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم كاتب الدولة المكلف بالتشغيل هشام صابري، ورئيس المجلس العالمي للماء لويك فوشون، إلى جانب ممثلين عن منظمات إفريقية ودبلوماسيين، ما يعكس الاهتمام الإقليمي والدولي المتزايد بقضايا الماء والفلاحة المستدامة في إفريقيا.