بدعوة من جامعة "لافال" بمدينة كيبيك الكندية، ألقى يوسف العمراني، المكلف بمهمة في الديوان الملكي والوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون سابقا، محاضرة تناول من خلالها النموذج المغربي السياسي والاقتصادي وعلاقاته بدول بإفريقيا وأوروبا. وركز المتحدث، في البداية، على العلاقات المغربية الكندية المتميزة، التي يطمح البلدان إلى جعلها ترقى إلى مستوى تطلعات شعبيهما، وإلى ما تفرضه الظرفية السياسية والاقتصادية في مجالات عدة. كما قدم العمراني، أمام عدد من الطلبة والأساتذة بجامعة "لافال"، جردا بالإستراتيجيات القطاعية الطموحة ومناخ الأعمال والاستثمار الذي يتمتع به المغرب. وفي محور العلاقات المغربية الإفريقية أكد يوسف العمراني أن المغرب، وعيا منه بالمؤهلات التي تتمتع بها القارة الإفريقية، أصبح بفضل نموذجه السياسي والاقتصادي الناجح، الذي طوره على مدى أجيال، يشكل مركزا اقتصاديا وماليا منفتحا على القارتين الأوروبية والإفريقية، مضيفا أنه في سياق إقليمي غير مستقر استطاع أن يظل قطبا للاستقرار ومجالا لخلق فرص الاستثمار، مشرعا على الفضاء الأوروبي ومتجذرا في عمقه الإفريقي. وشدد العمراني في مداخلته على الأسس التي بنى عليها المغرب نموذجه السياسي، والتي "تتمثل في التزامه ببناء صرح ديمقراطي قوامه الحداثة والتعددية السياسية والليبرالية الاقتصادية" وفق تعبيره، مشيرا إلى أن "هذه العناصر منصوص عليها في دستور 2011". وعلى المستوى الدولي شدد المحاضر ذاته على أن المملكة أبانت عن قدرتها على التكيف مع التحولات الإقليمية والدولية بفعل الإصلاحات الهيكلية التي ترجمت تمسكها بالاستقرار كخيار دائم. وأبرز أهمية القرب الجغرافي من أوروبا، مركزا على الوضع المتقدم الذي يتمتع به المغرب في علاقته مع الاتحاد الأوروبي وتجذره الإفريقي، ما دفعه إلى اعتبار تطوير العلاقات جنوب- جنوب أحد أهم أولوياته على مستوى سياسته الخارجية؛ كما ذكر بأن البلد وقع أكثر من خمسة آلاف اتفاق تعاون مع الدول الإفريقية. وواصل العمراني حديثة مضيفا أنه واثق في مستقبل القارة الإفريقية، ومتيقن من نموها التصاعدي، ومشيرا إلى أن المملكة اختارت وراهنت على إفريقيا الغنية بمشاريعها، والمرتكزة على مؤهلات بشرية شابة تطمح إلى بناء مستقبل إفريقي واعد ومتحرر من إرهاصات الماضي . وفي تصريح لهسبريس، أكد العمراني على المقاربة المغربية تجاه القارة، المبنية على الاحترام المتبادل وبناء شراكات قوية هدفها خلق منفعة مشتركة بالنسبة لجميع الدول الإفريقية. وفي الصدد ذاته أكد المتحدث أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تعزز هذا التصور، مضيفا أن طلب انضمام المملكة إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا يمثل مرحلة أخرى من هذه الإستراتيجية، وأشار إلى أن العنصر البشري يظل في قلب كل هذه الإستراتيجيات؛ ما يجعل من البلد بوابة نحو الفضاء الأورو-إفريقي، نظرا للاتفاقيات التي أبرمها مع عدد كبير من الدول الإفريقية والأوروبية، مسترسلا بأنه أصبح فاعلا محترما ومسموعا وقادرا على بناء شراكات جديدة بآليات طموحة، قوامها المنفعة المشتركة وخلق ثروات بإفريقيا من خلال إنجاز مشاريع ثنائية. وقال العمراني إن نجاح الإستراتيجية المغربية في إفريقيا يبرز من خلال نجاح عدد من الشركات والمؤسسات المغربية التي تشتغل في إفريقيا اليوم في قطاعات مختلفة، كالمواصلات والأبناك والميدان المالي، مشيرا إلى أن المغرب له مقاربة متعددة الجوانب، لا تقتصر فقط على التواجد الاقتصادي، وإنما أصبح فاعلا أساسيا في حل العديد من الأزمات السياسية في إفريقيا ومساهما في عدد من عمليات حفظ السلام بدول القارة.