في خضم ردود الأفعال الصادرة ضد مواقف الناشط والباحث الإسلامي محمد عبد الوهاب رفيقي المعروف ب"أبي حفص" حول دعوته إلى مراجعة قوانين الإرث وإعادة النظر في التراث الفقهي، أعلنت "رابطة علماء المغرب العربي"، التي أسهم رفيقي ذاته في تأسيسها منذ ثلاثة أعوام في إسطنبول التركية، عن قرار إقالته وإبعاده بمبرر "الخلل الفكري والاضطراب العقدي". بلاغ صادر عن الهيئة المغاربية، التي تضم علماء ونشطاء سلفيين مغاربة بجانب آخرين من دول تونس وموريتانيا والجزائر وليبيا، كشف عن قرار إقالة أبي حفص، عضو الهيئة التأسيسيّة، "من عضوية الرابطة وإبعاده عن جميع أنشطتها وبرامجها المستقبلية، داعية الله عز وجل له بالهداية وأن يرده إلى سبيل الرشاد". وأشار البلاغ، الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، إلى أن القرار جاء "بعد المناصحات المتكررة والنقاشات العلمية الهادئة من الكثير من العلماء والدعاة له من أعضاء هذه الرابطة وغيرها، وأمام إصراره واستعلائه في الحوار وفي تصريحاته الإعلامية المثيرة"، وأيضا: "طبقًا لنص المادة العاشرة من النظام الداخلي، ونظرًا للتجاوزات المنهجية المتكررة والخلل الفكري والاضطراب العقدي الذي اتصف به الأخ أبو حفص محمد عبد الوهاب رفيقي من المغرب". ولم يكن قرار رابطة علماء المغرب العربي رد الفعل الوحيد حيال مواقف أبي حفص، الذي يرأس مركز الميزان للوساطة والدراسات والإعلام، من التراث الفقهي وقوانين الإرث والحريات الفردية وانفتاحه على عديد من التيارات الحداثية في المغرب؛ بل إن ردود الأفعال بلغت في محطات أخرى رميه بالتفكير والردة، والتحريض على قتله وتصفيته جسديا، وفق تدوينات منشورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وبادر إلى نشرها نشطاء سلفيون مغاربة. أبو حفص: أنا جريء يرد أبو حفص على موجة الهجوم ضده، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بقوله": "كنت أتوقع مثل هذا الهجوم، الذي ليس الأول ولا الأخير .. لأنني قررت، منذ سنوات، التفكير خارج النسق وأن أعلن عما أؤمن به دون خجل وممارسة لتقية كما يفعل الكثيرون، وأن أكون جريئا ومنسجما مع قناعاتي"، مشيرا إلى أن ما تعرض له "عادي، لأن تاريخيا كل من كانت له جرأة في طرح أفكار مخالفة لما عليه الغالبية تعرض لمثل هذه الهجمات". ويرى رفيقي أن الواقع "إيجابي وأمر صحي يدفعني إلى مواصلة المسار والاستمرار في طرح أطروحات يتخوف البعض من طرحها"، كاشفا أن مشروعه يتحدد في "أنسنة الفهم الديني عبر إشراك العلوم الإنسانية في صياغة الفهم الديني المعاصر"، بجانب "الدفاع عن القيم والهوية الدينية مع الانفتاح والمرونة في التعامل مع كل الوقائع التي يعرفها العصر"، وفق تعبيره. وأورد الناشط الإسلامي والسياسي كيف أن مشروعه الفكري، الذي يتماهى مع ما يطلق عليه في المشرق ب"الفكر التنويري"، يجد قاعدة من التيار العلمي داخل المنظومة الإسلامية بالمغرب وخارجه، "خاصة الفئات التي نشأت في ظلال التيار الإسلامي المؤمن بخوض معركة الاجتهاد والإصلاح الديني"، مضيفا: "أشتغل على محاربة الإرهاب والتطرف. وهذا ساعدني بعد محاولات لخلق نوع من الانسجام بين النص الديني والواقع باستخدام آليات تقليدية.. فرأيت أنها كانت محاولات فاشلة، ولا سبيل لمعالجة ذلك سوى بالطرح التنويري". ويبسط أبو حفص، في تصريحه، كيف أن أبرز ردود الفعل العنيفة تلقاها ممن وصفهم "أصدقاء الأمس وشيوخ التيارات السلفية"، مردفا أن "الأمر كان متوقعا بحكم أن مثل هذه الأطروحات تنقض بشدة منهجية التفكير عند السلفيين؛ فطبيعي أن ننتظر منهم ردود فعل عنيفة". وتابع رفيقي أن تلك الهجمات "لم تأت من التيار الإسلامي الحركي؛ لأن المنطق الذي تعاملت به هو نفسه ذاك الذي تعاملوا به، لما قبلوا بالدخول في العمل السياسي ووجدوا تأويلات جديدة ومعاصرة لآيات القتال والجهاد وغيرها من النصوص".