عندما تلج الباب الرئيسي، تخال نفسك داخل واحد من الأسواق التجارية العالمية. تجهيزات عصرية، سلع مرتبة بإتقان، وديكور يرحل بك إلى مداشر المغرب من شماله إلى جنوبه. داخل السوق التضامني بحي لوازيس بالدار البيضاء، إبداعات المرأة المغربية حاضرة بقوة، تعكس للزائر قدرات نساء داخل تعاونيات يحوّلن بواسطة أناملهن مواد طبيعية إلى منتجات تُسوّق بطريقة عصرية تجذب المغاربة والأجانب إليها. إقبال على منتوجات التعاونيات الساعة تشير إلى العاشرة إلا دقائق صباحا. نساء تجمعن على مقربة من بوابة السوق التضامني ينتظرن فتح المشرفين عليه لأبوابه قصد ولوجه. ما إن تتجاوز الحارس الأمني، حتى تجعلك ممرات السوق بطابقيه والطريقة التي نظمت بها السلع وسهولة البحث فيه عن ضالتك تخال نفسك داخل أحد المحلات العالمية. بني ملال، خنيفرة، مرورا بصفرو، تازة، وصولا إلى بركان، ثم الجنوب المغربي من تارودانت وكلميم وطانطان ومداشر جبال الأطلس، يقدم السوق لزواره منتجات طبيعية معدة بأنامل نساء تحدين الفقر والأمية، ليثبتن أنهن قادرات على تنمية ذواتهن والمساهمة في إعالة أسرهن دون الحاجة إلى الرجال. نادية سيدة في الأربعينيات من العمر، قدمت إلى السوق التضامني صباحا من أجل تبضع سلع خاصة بالتجميل المصنوعة أساسا من زيت أركان، لتنضاف بذلك إلى 80 ألف زائر توافدوا عليه منذ 16 مارس الماضي بعد تدشينه من لدن الملك محمد السادس. هذه السيدة أكدت، في حديثها لهسبريس، أن السوق "يشكل فرصة للنساء خاصة الباحثات عن المواد التجميلية الطبيعية، حيث توجد به منتجات طبيعية تستعمل لهذا الغرض"، مضيفة أن "السوق قلل، بفضل هذه التعاونيات، من عمليات البحث عن مواد تجميلية طبيعية، حيث يكفي أن تلجه لتجد ما تبحث عنه". لا يقتصر العرض هنا، فقط، على المواد التجميلية؛ فداخل السوق التضامني، الذي يعرض منتوجات التعاونيات النسائية، توجد أيضا سلع غذائية طبيعية، يقول مصطفى: "منذ افتتاح السوق، دأبت على الحضور له لتبضع منتجات طبيعية لفائدة الأسرة؛ من قبيل مربى مستخرج من نبتة التين الشوكي، والعسل، وأملو خالية من مواد حافظة عكس السلع الموجودة بالأسواق التجارية الأخرى". ويعتبر مصطفى أن السوق يشكل فرصة للأسر من أجل استهلاك مواد طبيعية خالية من أية مواد تشكل خطرا على صحة المواطنين، خاصة أن الأطباء يؤكدون أن لها علاقة بمرض السرطان. تزامنت زيارتنا للسوق التضامني لوازيس مع زيارة تقوم بها إليه دار للمسنين بالدار البيضاء؛ وهي الزيارة التي تقول فتيحة أمريكة، التي تشتغل كاتبة لإدارة مركز التنمية البشرية، أنها تروم "تعريف النساء المسنات اللواتي تلجن المركز بالمنتوج المغربي المعد من لدن نساء في القرى"، مضيفة أنها "فرصة للإطلاع على المنتجات الطبيعية التي تعمل أيادي النسوة على صناعتها واستخراجها من النباتات". فضاء ل200 تعاونية يمكن للزائر أن يجد ضالته من الفواكه الجافة، والأعشاب والتوابل، ومواد التجميل وكل ما يتعلق بالصناعة التقليدية من الزرابي والمنتوجات الجلدية وغيرها. هذه المواد توفرها، حسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس من مؤسسة محمد الخامس للتضامن، مائتي تعاونية نسائية تعرض منتوجاتها بالسوق. وقد ارتفع عددها ب50 تعاونية منذ افتتاحه منتصف مارس الماضي بعدما كان يصل إلى 150 تعاونية. سناء درديخ، مسؤولة التواصل بمؤسسة محمد الخامس للتضامن لهسبريس، كشفت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السوق يوفر 3650 منتوجا من المنتجات المحلية ومواد الصناعة التقليدية، مضيفة أن هذه "التعاونيات تمثل كل جهات المملكة من خلال منتجات 60 منطقة". ويهدف هذا "السوبر ماركيت"، حسب المسؤولة ذاتها دائما، إلى "تسويق مواد التعاونيات المحلية والمساعدة بالخصوص على ترويج منتوجات التعاونيات النسائية". كما يروم، أيضا، إلى "دعم وإعطاء قيمة مضافة لأنشطة القطاعات الإستراتيجية، وعلى وجه الخصوص مخطط المغرب الأخضر، لا سيما على مستوى تسويق وترويج المنتوجات المحلية التي تشرف عليها وكالة التنمية الفلاحية أو برنامج "مرافقة" الموجه إلى التعاونيات من لدن وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني". ترويج منتوجات النساء كثير من النساء في التعاونيات على الصعيد الوطني تكشفن عجزهن على تسويق منتوجاتهن، حيث لا تصل السلع التي تستخرجنها من المواد الطبيعية إلى المواطن، وهو ما يجعل بعضهن يتخلى عن هذه المشاريع؛ غير أن هذا السوق، حسب المشرفين عليه، يروم مساعدتهن في ترويج وبيع منتوجاتهن. تقول درديخ إن السوق التضامني موجه إلى "كل تعاونيات المملكة، وخصوصا المبادرات النسائية التي تفتقر إلى قنوات تسويق تمكن من وصول منتوجاتها إلى المستهلك". كما يعمل هذا المشروع المشيد بحوالي 16.5 ملايين درهم، أيضا، على "مواكبة العارضين من خلال برنامج يرفع معارفهم التقنية ويقربهم من مراحل عملية إنتاج منتوجات بمعايير عالمية". وبخصوص عائدات المبيعات في السوق، أوضحت المتحدثة نفسها أن التعاونيات تحدد أثمنة البيع، حيث تتوصل بعائدات السلع التي تم بيعها. ولأجل ذلك، تضيف درديخ، أنه جرى وضع نظام خاص يتضمن ملصقات محددة تبرز اسم التعاونية، وكذا أسعار ونوعية المنتوج ومدة صلاحيته. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن السوق التضامني مكن، منذ اليوم التالي لافتتاحه منتصف مارس الماضي حتى حدود أواخر الشهر الجاري، من بيع 151 ألف منتوج؛ وهو ما يعني أنه بات قبلة للمغاربة، خاصة أنه يوجد بالقرب من محطة القطار "لوازيس" وبالقرب من محطة الترامواي.