الجفاف يطال 52% من أراضي أوروبا وسواحل المتوسط    موجة "شركي" اليوم الثلاثاء    المغرب يرسل طائرتين للمساهمة في إطفاء حرائق غابات بالبرتغال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    وفاة السيناتور الكولومبي أوريبي.. الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإجراء تحقيق "معمق"    النقابة الوطنية للإعلام والصحافة تدين اغتيال صحافيي "الجزيرة" وتدعو لجبهة عربية لمواجهة السردية الصهيونية    اعتقال عسكريين في مالي بعد محاولة انقلابية على المجلس الحاكم    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    الرئيس الكوري يزور الولايات المتحدة لبحث قضايا الأمن والشراكة الاقتصادية    ضبط وحجز 1.8 طن من الآيس كريم غير صالح للاستهلاك بموسم مولاي عبد الله أمغار    ترامب يمدد الهدنة التجارية مع الصين    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    كان يُدَّعى أنه يعاني من خلل عقلي.. فحوصات تؤكد سلامة الشخص الذي اعترض السيارات وألحق بها خسائر بطنجة ومتابعته في حالة اعتقال    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    بعد نشر الخبر.. التعرف على عائلة مسن صدمته دراجة نارية بطنجة والبحث جار عن السائق    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    حكومة سانشيز تطعن في قرار بلدية خوميا بمنع صلاة العيد.. والقضاء الإداري يترقب            موجة حر خانقة تضرب المغرب غداً الثلاثاء    مطارات المغرب تجسد قيم الانتماء والوفاء لمغاربة العالم    التمويل التشاركي لقطاع الإسكان يواصل نموه متجاوزا 27 مليار درهم مقابل 23 مليارا العام الماضي    بنك المغرب: أسعار الفائدة على القروض تسجل انخفاضات جديدة خلال الفصل الثاني من 2025    المغرب يشارك في معرض بنما الدولي للكتاب    نادي الفتح الرباطي يتعاقد مع أمحيح    "لبؤات كرة المضرب" يتألقن بناميبيا    "الشان".. أوغندا تفوز على النيجر    مبادرة مغربية تطالب العالم بتصنيف البوليساريو ضمن المنظمات الإرهابية    تنظيمات مغربية تدين محاولة استهداف الحقيقة باغتيال الصحافيين في غزة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس تشاد    بورصة البيضاء تنتعش بنتائج إيجابية    كرة القدم.. أتلتيكو مدريد الإسباني يتعاقد مع مهاجم نابولي الإيطالي جاكومو راسبادوري    "ويبنز" يتصدر تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    كرة القدم.. النصر السعودي يتوصل إلى اتفاق مع بايرن ميونيخ لضم الدولي الفرنسي كينغسلي كومان (إعلام)    كريستال بالاس يخسر استئناف قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم باستبعاده من الدوري الأوروبي    توقيف "داعشي" كان يحضر لعمليات ارهابية    الدولة والطفولة والمستقبل    عمالة الحسيمة تحتفل باليوم الوطني للمهاجر    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    العاشر من غشت يوم الوفاء للجالية المغربية وهموم الإقامة في تونس        الوصية .. في رثاء أنس الشريف ومحمد قريقع    الخطوط المغربية تعزز شبكة "رحلات بلا توقف" انطلاقا من مراكش نحو فرنسا وبلجيكا    الخطوط الملكية المغربية تطلق خدمة ويفي مجانية على متن طائرات "دريم لاينر"    أشرف حكيمي يتمسك بطموح الفوز بالكرة الذهبية رغم انزعاج باريس سان جيرمان    وفاة أسطورة كرة القدم اليابانية كاماموتو عن 81 عاما    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    من أجل استقبال أكثر من 25 مليون طن سنويًا.. توسعة جديدة لميناء الجرف الأصفر    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقر والعزلة يخنقان شرايين الحياة في قبائل ضواحي ورزازات
نشر في هسبريس يوم 17 - 05 - 2017

تعيش حياة العزلة والتهميش اللذين فرضا عليها قصدا من قبل المسؤولين؛ بيوتها مشيدة بالطين والحجر، وفقدت الأمل في الحياة، حتى أصبحت تعتبر منطقتها مقبرة جماعية أفرادها فيها أحياء أموات؛ هو عنوان بارز لمعاناة قبيلة ايت حمو، التابعة إداريا للجماعة الترابية وسلسات بإقليم ورزازات، والتي يبدو من خلال ما استقصته جريدة هسبريس في جولتها الاستطلاعية إلى المنطقة أن الحياة توقفت بها، وآلة التنمية لم تتحرك بعد.
وتبدو قبيلة ايت حمو كما أنها لازالت في العصر الحجري، فأينما وليت وجهك تصادفك مظاهر التخلف والفقر المدقع.. كأنها ممسوحة من خريطة التنمية والعيش الكريم. حياة الساكنة تسيطر عليها البداوة والجاهلية، وتتجرع مرارة البؤس والحرمان، وقسوة التخلف والجهل، والفقر والحاجة، لتفرض العزلة الخانقة والتهميش سيطرتهما على هؤلاء البسطاء الذين حرموا من أبسط ضروريات العيش الكريم، رغم مناشداتهم الكثيرة المسؤولين رفع الغبن عنهم، وتوفير متطلبات العيش الكريم.
المواطنون القاطنون بهذه المنطقة، التي لا تليق حتى لعيش "الحيوانات"، فقدوا الأمل في غد أفضل ومستقبل يضمن لهم ولأطفالهم الكرامة والعزة؛ بدءا من انعدام أبسط ضروريات العيش الكريم، وصولا إلى صور التخلف واللامبالاة التي طغت على حياتهم المعدمة التي لا ترقى حتى إلى مستوى الفقر والعوز.
ينتظر المواطن التعيس ساعة الفرج وتغيير حالة التهميش وسياسة اللامبالاة التي رمت بكل تداعياتها على قبيلة ايت حمو، والتي أثرت سلبا على مستقبل شبابها وكسرت طموح متمدرسيها، ليجدوا أنفسهم وسط دائرة التخلف والإهمال.
الموت يتربص بالمرضى والحوامل
لا يختلف اثنان حول الوضع المزري الذي يعاني منه قطاع الصحة بالجنوب الشرقي، وقبيلة ايت حمو كباقي قبائل هذه المناطق بدورها تغوص منذ عقود في زوبعة المجهول، وتهيم وسط دوامة الضياع..مساكن منتشرة بجميع الدواوير التابعة لقبيلة ايت حمو، والبالغ عددها 17 دوارا، تجعلك بمجرد الدخول إليها تشعر بما مر به إنسان الكهوف سابقا؛ لما يعيشه المواطنون بهذه المنطقة من مفارقات عجيبة في بلد يتغنى دوما بحياة التحضر والتقدم التكنولوجي.
واقع الصحة هنا لا يختلف عن جميع المناطق بجهة درعة تافيلالت. وخلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها هسبريس إلى دواري أسيدان ايزدار واوفلا، أكدت الساكنة أن المنطقة تعيش عزلة قاتلة، بسبب غياب مرافق اجتماعية وصحية أساسية، أولها سيارة إسعاف لنقل المرضى إلى المركز الصحي بتزناخت، أو المستشفى الإقليمي بورزازات، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى استعمال الدواب في نقل المرضى.
قصة نقل المرضى على الدواب يحكيها أحد الأشخاص، قال إنه سبق أن نقل طفله الذي كان يعاني من مرض، بواسطة الدابة، إلى المستشفى، وكانت المسافة البعيدة والإرهاق كافيين ليلبي الطفل نداء ربه، مشددا على أن المنطقة تفتقر إلى سيارة إسعاف، وأن أحد أبناء المنطقة هو الذي يسخر سيارته لنقل المرضى.
وذكر المتحدث ذاته، في تصريحه لهسبريس، أن سيارة إسعاف لم يسبق لها أن زارت دواري أسيدان ازدار واوفلا، فضلا عن غياب أمصال سموم الأفاعي والعقارب بالمركز الصحي لتزناخت، ما عجل بوفاة إحدى الشابات بعد نقلها إليه، بعد أن كانت ترعى الماعز والغنم، فتعرضت للدغة أفعى سامة.
وأشارت سيدة أخرى اسمها فاطمة، تبلغ من العمر حوالي 65 سنة، إلى أن النساء الحوامل وأطفالهن هم الأكثر تضررا من الوضع الصحي الهش الذي تتخبط فيه المنطقة، وأبرزت أن النساء الحوامل يتألمن من الحمل، وبعد المستشفى، وغياب سيارة إسعاف، ما يزيد من تفاقم وضعهن الصحي، خاصة في فصل الشتاء، إذ تكون مجموعة من المسالك الطرقية مقطوعة.
وطالبت الساكنة غير ما مرة المسؤولين عن جماعة وسلسات وعمالة إقليم ورزازات، والمسؤولين مركزيا، بضرورة الالتفات إلى منطقتهم عبر وضع برنامج تنموي صحي واجتماعي، لانتشالها من عزلتها القاتلة، وتوفير متطلبات الحياة والعيش الكريم.
الكهرباء والماء..شريان الحياة يختنق
رغم أننا نعيش في سنة 2017، زمن التكنولوجيا الحديثة، إلا أن مناطق عديدة بالجنوب الشرقي، ومن ضمنها دواري أسيدان ازدار واوفلا، غير معنية بهذا التطور. في قبيلة ايت حمو هناك من لم يسبق له أن شاهد التلفاز، بسبب عدم استفادتها من الشبكة الكهربائية، ولازال "الراديو"، الذي يشتغل بالبطاريات، هو الرفيق، منه تسمع أخبار المغرب والخارج، حتى أصبح البعض يعتبر نفسه لاجئا إلى بلد أجني فقير يقع جنوب الصحراء.
منطقة ايت حمو، وكما عاينت هسبريس، لم تستفد بعد من الشبكة الكهربائية، وتم تزويد بعض الدواوير بألواح الطاقة الشمسية، وإقصاء بعضها الآخر، ضمنها دوارا أسيدان ايزدار واوفلا، اللذان قال المسؤولون عن تدبير الشأن المحلي إنه ليس بإمكان الجماعة القروية تحمل مصاريف ربطهما بالشبكة الكهربائية، معتبرا أن ذلك يعود إلى قلة الإمكانيات والموارد المالية.
وقال رئيس جمعية اسيدان ازدار ايت حمو، الحسين ايت مريم، إن الساكنة لازالت تستعمل الأدوات البسيطة والتقليدية في إنارة بيوتها الطينية والمبنية بالحجر، مشددا على أن الساكنة تعاني أيضا مشاكل كثيرة جراء النقص الحاد الحاصل في المياه الشروب، وأنه يتعين على الجهات المسؤولة القيام بتعميق البئر الحالي، وتحويل خزان الماء إلى قمة الجبل، لتمكين جميع المنازل من هذه المادة الحيوية.
ويقول المتحدث إن إحدى القبائل المجاورة لقبيلة ايت حمو قامت بوضع طلب تعرض على أشغال تعميق البئر بعد الحصول على تمويل من شركة خاصة، علاوة على أنها تمارس سياسة الإقصاء والقبلية والعنصرية في حق ايت حمو على مرأى ومسمع السلطات المعنية، إذ يتم اعتبارها غريبة وليست من ذوي الحقوق، بل إنها في الأصل من الرحل الوافدين على المنطقة، مشيرا إلى أن أحد مسؤولي السلطات العمومية بالمنطقة "هدد والده بأن "المخزن" سيقوم بإدخاله إلى السجن في حالة استمراره في مطالبة الجهات برفع التهميش عن القبيلة".
حياة مدرسية مرهقة
تفتقر قبيلة ايت حمو إلى طريق معبدة، أو مسلك طرقي صالح للاستعمال. ورغم أن المنطقة تعرف بطبيعة تضاريسها الوعرة، إلا أن هذا لم يشفع لها كي تستفيد من برنامج طموح وجدي لبناء وإصلاح الطريق الوحيدة المؤدية من دوار البرج ودواري أسيدان ازدار واوفلا والدواوير المجاورة. وتطالب الساكنة بضرورة إصلاح الطريق أو تعبيدها، لتسهيل عملية التنقل بين الدواوير ومركز جماعة وسلسات.
كما أن التمدرس بهذه القبيلة له حكاية أخرى أشبه بالخيال، إلا أنها الحقيقة، إذ إن أغلب التلاميذ والتلميذات لم يسبق لهم ولوج مستويات الإعدادية، بسبب غياب أماكنهم في دور الطالب والطالبة، وانعدام وسائل النقل المدرسي، ما يجبر أغلبيتهم على الانقطاع عن الدراسة وهم في المراحل الابتدائية، وصولا إلى قسوة التضاريس وبعد المسافة، ما يضطرهم إلى التنقل مشيا على الأقدام، وهو ما ساعد على انتشار ظاهرة الهدر الدراسي في وقت مبكر .
مطالب بالتحرك لإنقاذ الوضع
أرجعت ساكنة قبيلة ايت حمو مسؤولية تراجع وتدني مستواها المعيشي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للجهات الوصية، لاسيما أن المنطقة تزخر بمميزات سياحية عالية من شأنها تحويل المنطقة إلى وجهة سياحية من الطراز الأول، وموقع أثري فريد من نوعه، خاصة أنها تتميز بمساحتها الشاسعة وهوائها النقي، بينما تزيدها بعض الآثار والصخور المنقوشة جمالا.
وعلى هذا الأساس، وبناء على هذه الوضعية المزرية، يطالب سكان ايت حمو بجماعة وسلسات السلطات المعنية بأن تستمع لانشغالاتهم التي لا تخرج عن حيز المطالب الواقعية، في أفق تحقيق أبسط ظروف العيش الكريم لهم.
الجماعة لا ترد
منذ يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي وجريدة هسبريس الإلكترونية تحاول الاتصال برئيس المجلس الجماعي لوسلسات، وبمدير المصالح داخل الجماعة (الكاتب العام)، لنقل وجهة نظرهما في الموضوع، إلا أن هاتفيهما ظلا يرنان دون مجيب. كما تم إرسال رسالة قصيرة دون تلقي أي جواب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.