يُعاني حيّ العيايدة الواقع في قلْب مدينة سلا من ضُعف لافت على مستوى البنية التحتية، كما يعاني من غياب عدد من المرافق الأساسية، خاصة وأنّه يعرف تحوّلا ديمغرافيا كبيرا، بازدياد أعداد قاطنيه بشكل لافت، خلال السنوات الأخيرة. مُستوصف مُغلق في الوقت الذي خصّصت فيه الحكومة، خلال الولاية السابقة، غلافا ماليا ضخْما بلغ 100 مليار سنتيم لتجهيز مستشفيات المملكة بالتجهيزات الطبيّة اللازمة، في ظلِّ تنامي شكاوى المواطنين المغاربة من الخدمات المقدمة لهم في المؤسسات الاستشفائية، يوجد في حيّ العْيايدة بمدينة سلا مُستوصف شُيّد وجُهّز منذ ثمانِ سنوات، ولمْ تُفتح أبوابه بعد. بحسب إفادة فاعلين جمعويين التقتهم هسبريس في العيايدة، فإنّ المستوصف سالف الذكر انتهتْ أشغال بنائه وتجهيزه، بفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منذ سنة 2008، وإلى حدّ الآن لا تزال أبوابه مُوصدة، بداعي عدم توفّر الأطر الطبية، في حين إنّ المركز الصحّي بالحي يشهد اكتظاظا كبيرا، ويصفه فاعل جمعوي ب"الشر الذي لا بدَّ منه". المركز الصحي سالف الذكر ليس هو المرفق العمومي الوحيد الذي انتهتْ به الأشغال في حي العيايدة ولم تُفتح أبوابه. ثمّة أيضا مسجد بُني منذ سنوات، ولمْ تُؤَدَّ فيه، حتى الآن، صلاة واحدة. أمّا مشروع النادي النسوي، الذي كان مُزمعا أن تستفيد منه نساء الحي، فقد توقفتْ أشغال بنائه فجأة، وتحوَّل إلى أطلال أضحتْ وكْرا للمشردين ولممارسة الفساد، بحسب فاعلين جمعويين. تبْدو بناية "النادي النسوي" المُجهض واقفة وسط ساحة متربة في قلب حي العيايدة، على بُعد بضع عشرات أمتار من مقر مجلس مقاطعة الحي، ويُنتظر أن يتمّ هدمه واتخاذ مكانه فضاء لبناء مقر جديد لمجلس المقاطعة، وفي انتظار ذلك "فإنّه يشكل مَرتعا لممارسة كافة أنواع الفساد، والأفعال المخلّة بالحياء"، يقول نور الدين تيكيطو، منسق مجموعة عمل التربية والتعليم التشاورية بالعيايدة. خطر التريبورتورات يُعتبر مشكل النقل العمومي واحدا من أبرز المشاكل التي يعاني منها سكان حي العيايدة بمدينة سلا. وسَط هذا الحيّ ثمّة ظاهرة مُلفتة للانتباه، وهي تنقل أعداد كبيرة من المواطنين على متْن الدراجات ثلاثية العجلات "تريبورتور"، مع ما تشكّله وسيلة النقل هذه من مخاطر على مستعمليها. يتكدّسُ ركاب الدراجات النارية ثلاثية العجلات التي يوجد منها عدد كبير في حي العيايدة، في غياب أيِّ حماية من المخاطر المحدّقة بهم. ويقول فاعل جمعوي إنَّ ما فاقَم هذه الظاهرة أكثر هو أنَّ هناك أشخاصا (موظفون وغيرهم) يقتنون الدراجات ثلاثية العجلات ويؤجّرونها لأشخاص من الطبقة الفقيرة يتخذونها وسيلة لكسْب لقمة عيشهم. "نحن على بُعد بضعة كيلومترات من العاصمة الرباط، ولكننا نعيش في وسط شبْه قروي. انظرْ إلى وسائل النقل البدائية هذه (التريبورتورات)، شوّْهونا على الصعيد العالمي"، يقول أحد أبناء حي العيايدة لهسبريس، قبل أن يُضيف: "الناس يضطرون إلى التنقل على متن هذه الدراجات لوجود خصاص كبير في وسائل النقل العمومي، لكنّ المسؤولين لا يفكرون في إيجاد حلول جذرية لهذا المشكل المؤرق". وإذا كان سكان حي العيايدة يلجؤون إلى "التريبورتورات" في تنقلهم داخل الحيّ، فإنَّ الطلبة الذين يدرسون في الجامعة يعانون بدورهم الأمرّين؛ إذ يضطرون إلى استقلال الحافلة إلى محطة "تلوين"، وهناك يستقلون حافلة ثانية في اتجاه الكلية الموجودة بسلاالجديدة. عمليا، يتطلب قطْع هذه المسافة، مع مدّة انتظار الحافلة، ساعتين من الزمن على الأقل، وهو ما يحتّم على الطالب أن يغادر بيته على الساعة السادسة صباحا للالتحاق بالكلية في الساعة الثامنة، بحسب نور الدين تيكيطو، الذي تساءل: "لماذا لا يفكّر المسؤولون في توفير النقل المدرسي الجماعي للطلاب؟". تيكيطو نوّه بمبادرة عمدة مدينة سلا لإشراكه المجتمع المدني في الحوار المتعلق بالنقل، ووضع دفتر تحملات جديد بعد الطعن الذي قدمه النسيج الجمعوي في دفتر التحملات السابق الذي أعدّه المجلس الجماعي، معتبرا أنّ دفتر التحملّات الجديد "جيّد إذا جرى تطبيقه بحذافيره، لكن يجب أن ننتظر التفعيل وآنذاك يُمكن تقييمه". صناديق إسمنتية حين تتجوّل بين أزقة حي العيايدة الشعبي، يُلفتُ انتباهك غياب مساحات خضراء، وفضاءات ترفيهية. ثمّة حارات شعبية أشبه بأحياء الصفيح، تقابلها إقامات سكنية حديثة مخصصة للسكن الاقتصادي، هي عبارة عن "صناديق إسمنتية"، أمّا الحدائق فلا أثر لها هنا، بينما تسود المخاوف وسط سكان الحي من أن يتحوّل ملعب مُترب، هو المتنفّس الوحيد لشباب الحي، إلى إقامة سكنية بدوره، بعد أن راجتْ أخبار عن الترتيب لبيْعه لمنعش عقاري لتشييد فيلات. يَعتبر أحد الفاعلين الجمعويين الذين التقتهم هسبريس أنّ المشاكل التي يتخبط فيها حي العيايْدة "مُمنْهجة"، متسائلا: "مدينة سلا هي ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث الكثافة السكانية بعد الدارالبيضاء، وحي العيايدة واحد من الأحياء التي بها كثافة سكانية عالية، فكيْف يرخّص المسؤولون لبناء إقامات سكنية ويتناسوْن مرافق أساسية مثل الحدائق والفضاءات الترفيهية، بل إنّ الحيَّ يعاني من نقص كبير في المؤسسات التعليمية؟".