مجلس المستشارين يصادق في قراءة ثانية على مشروع قانون المسطرة المدنية    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. تشلسي يحجز بطاقة النهائي بتغلبه على فلوميننسي (2-0)    الدوري الإنجليزي لكرة القدم.. سندرلاند يضم الظهير الأيسر رينيلدو ماندافا قادما من أتلتيكو مدريد الإسباني    تشيلسي يبلغ نهائي كأس العالم للأندية بثنائية جواو بيدرو في مرمى فلوميننسي    طقس الأربعاء: أجواء حارة بعدد من الجهات    بركة: نسبة تقدم أشغال إنجاز سد الرتبة بإقليم تاونات تصل إلى حوالي 30 في المائة    كيوسك الأربعاء | إجراءات جديدة بميناء طنجة المتوسط لتسهيل عبور الجالية    الجديدة: أزقة سيدي بوزيد تسائل جماعة مولاي عبد الله وعمالة الإقليم    محكمة الحسيمة تُدين منظّم هجرة سرّية بثلاث سنوات سجناً وغرامات مالية ثقيلة    فرص أكثر للشباب والنساء .. التشغيل يتصدر أجندة حكومة أخنوش    من أين جاءت هذه الصور الجديدة؟ .. الجواب داخل واتساب    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    حادثة سير مروعة بطنجة تخلف وفاة سيدة وإصابة ثلاثة أشخاص    إقليم شفشاون .. تنظيم يوم تواصلي حول تفعيل الميثاق المعماري والمشهدي لمركز جماعة تنقوب    العلمي يترأس وفدا برلمانيا في باريس    "اللبؤات" يجهزن للقاء الكونغوليات    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    تحقيقات أمنية في حادث رشق بالحجارة بحي مغوغة تسفر عن استدعاء أطراف مشتبَه فيها    المغرب يؤكد بجنيف التزامه بنظام ملكية فكرية "شامل وداعم للتنمية"    مجلس المستشارين يصادق على مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية    الطالبة ماجدة بن علي تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة مشرف جدا    قيوح: القطارات المغربية وصلت إلى نسبة انتظام في السير بلغت 85.6%    من الناظور إلى الصويرة.. تعاونيات شبابية تتألق في جائزة "الجيل المتضامن" الوطنية    أخنوش يتتبع تنزيل خارطة التشغيل    انخفاض معدل الاعتقال الاحتياطي بالمغرب إلى أقل من 30% من الساكنة السجنية        مجلة فرنسية: المغرب يرسخ موقعه كوجهة مفضلة لكبار المستثمرين        برقية تعزية ومواساة من الملك محمد السادس إلى دونالد ترامب إثر الفيضانات التي شهدتها تكساس    قطر: مفاوضات الهدنة تحتاج إلى وقت    بلغاريا تستعد للانضمام إلى "اليورو"    "واتساب" يضيف ميزة إنشاء خلفيات بواسطة الذكاء الاصطناعي    أداء الثلاثاء إيجابي في بورصة البيضاء    شهرزاد محمود الادريسي فنانة مغربية تسير على خطى الرواد    لوكا مودريتش يعزز صفوف ميلان الإيطالي    مجلس ‬المنافسة ‬يكشف ‬عن ‬هوامش ‬الربح ‬في ‬المواد ‬الغذائية ‬وعن ‬الأسواق ‬المتحكمة ‬فيها    المغرب ‬يواصل ‬تعزيز ‬صمود ‬المقدسيين ‬في ‬مواجهة ‬الاحتلال    قطاع الإسمنت بالمغرب يسجّل أداء إيجابيا في النصف الأول من 2025    جواد الزيات يعود لرئاسة الرجاء الرياضي لكرة القدم    توقعات احتياجات الخزينة تتراوح بين 12 و12,5 مليار درهم في يوليوز الجاري    المغرب وألمانيا يبحثان الارتقاء بعلاقتهما إلى "شراكة استراتيجية"    مبابي يسحب شكوى المضايقة الأخلاقية ضد سان جرمان        عواصف وأمطار غزيرة تتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية بعدة مناطق بإيطاليا    بعودة حنان الابراهيمي.. سعيد الناصري يصور "تسخسيخة"    مؤسسة منتدى أصيلة تسدل الستار على الدورة الصيفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي ال46 (صورة)    مقتل 5 جنود إسرائيليين بكمين لكتائب القسام في شمال قطاع غزة    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفعل الثقافي .. من الصدام إلى الهرولة
نشر في هسبريس يوم 16 - 03 - 2018

كان الفعل الثقافي في العقد السابع من القرن الذي انصرم، وكذا في العقد الذي أعقبه يوسم بأوصاف عديدة من قبيل الجاد والهادف والملتزم، وما إلى ذلك من التوصيفات المشيدة والمثمنة.
لقد كان يعتبره البعض واجهة من واجهات النضال، ويرى فيه البعض رهانا يمكن التعويل عليه في التغيير؛ ولذلك كان فعلا مهيبا، تترصده العيون، وتتوجس منه المخاوف، وتحسب له الحسابات؛ وتتخذ منه الاحتياطات، وكثيرا ما كانت تطوله يد التضييق الخشنة، فلا يسلم من قبضتها الضاغطة، أو من صفعتها الموجعة.
ولا شك في أن من شهد وقائع هذه المرحلة الكاوية، أو لفحه لهيبها، أو أصابته شظية من شظاياها الطائشة يتذكر، إن لم يتناس، مظاهر هذا التضييق الخانقة، فمن حجب تأسيس الجمعيات، والمماطلة بتسليم وصل الإيداع، إلى مصادرة المنشورات، إلى حظر الأنشطة بذرائع أو بدونها، إلى افتعال التشويش لزرع الارتباك، وإثارة الاضطراب..
وإلى جانب هذه الأساليب الممعنة في تضييق الخناق، والمفرطة في قمع حق من حقوق الإنسان الثابتة، ألا وهو الحق في التفكير وإبداء الرأي، كانت السلطة تستعين بحملة ثقافة التكريس المجندين والمتطوعين، تسخو عليهم بالامتيازات، وتفتح أمامهم مسالك الذيوع والشيوع، وتدفع بهم إلى معترك المزاحمة؛ كما كانت تلوذ بأساليب الاستدراج إلى شرك المقايضة والمساومة، والدفع إلى التردي في بؤرة الاحتواء وهاوية التدجين.
في خضم هذا الوضع المشحون، كان المثقف العنيد لا يتهيب الصدام، ولا يستنكف عن مناجزة الأسئلة الحارقة بمنتهى الجراءة، فبالرغم من كل ما كان يحدق به من صور المضايقة، كان يصر بأي شكل من الأشكال على الإطلال ولو من كوة صغيرة لإسماع كلمته، وإذا ما سنحت له فرصة التواصل واللقاء، جد في بسط أفكاره، وإذا ما حمي وطيس السجال خاض فيه مع الخائضين، وقارع، وأقنع.
فماذا عن مشهدنا الثقافي اليوم؟ من الملاحظ عموما على الآراء التي أقدمت على مساءلة هذا المشهد واستنطاقه غلبة قاموس الاستهجان والقدح؛ فهناك من يصفه بالبؤس، وهناك من ينعته بالسطحي، وهناك من يتحدث عن نكوص المثقف؛ بل والذهاب بعيدا إلى حد اتهامه بالخيانة، وهناك من يثير موضوع الريع الثقافي، وهناك...، وهناك...
في الحقيقة، وبلا تعميم قد يحمل في طياته كثيرا من التجني، يمكن القول إن بعض الممارسات الثقافية اليوم تعيبها فعلا كثير من المثالب، ومن ذلك ما يمكن تسميته بالهرولة الثقافية، حيث أضحى بعض المثقفين أو من يحسبون أنفسهم كذلك يمارسون الثقافة بلا وعي برسالتها، بلا رؤية واضحة، بلا غاية نبيلة، هدفهم الأول والأخير الظهور في المشهد لغنم شهادات تقدير ملونة، وتحريك تصفيقات ملفقة، ونشر صورهم الملتقطة بقصد، ومقاطع الفيديو المنتقاة بعناية، ولذلك تجدهم يقايضون في الثقافة، فيتبادلون الدعوات، وييسر بعضهم لبعض المشاركات، يجاملون، ويغالون في المجاملات الكاذبة، يسترضون ويسرفون في الاسترضاء الزائف، ويصرون على المشاركة فيما يعرفون، وفيما يهرفون، ولا يجدون ذرة من غضاضة في نسخ ولصق الجاهز، وتكرار المتشابه المعاد، ولا يتورعون عن اعتلاء المنابر، واقتعاد الكراسي في المنصات للإسهام بمداخلات مرتجلة جوفاء بلا رصيد معرفي ثر، وبلا قاعدة فكرية صلبة، وبلا أصالة إبداعية، والطريف في الأمر هو إلحاح بعضهم على الاشتراك في مجالات معرفية بعيدة كل البعد عن تكوينهم الأصلي.
إن المهرول الثقافي وهو يرتدي أزياء ثقافية فضفاضة أو ضيقة لا توائمه، ليبدو كما بدا علي في سرواله، وهذا بقدر ما يثير الضحك، يدعو إلى الحنق، ويبعث على القلق، فسلام على المثقف الصدامي الذي كان، ويا ساتر من المثقف القادم هرولة !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.