مولاي الحسن.. 22 سنة من الأمل والاستمرارية    تفكيك شبكة دولية للمخدرات بين العرائش وتطوان    اجتماع مغربي إسباني في قادس لتعزيز التنسيق لرؤية مشتركة لحسن تدبير عبور الجالية    أشرف حكيمي يقود سان جرمان للنهائي ويتوج بأفضل لاعب في مواجهته ارسنال    اتفاقية رقمنة تصدير منتجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي بالمغرب    حكيمي يقود سان جيرمان لتجديد الفوز على أرسنال وبلوغ نهائي الأبطال    عبد اللطيف حموشي في زيارة عمل إلى فيينا ويلتقي مسؤولي أجهزة استخبارات من قطر وتركيا والسعودية والإمارات وباكستان    الرئيس الشرع يؤكد إجراء "مفاوضات غير مباشرة" بين سوريا وإسرائيل    وهبي: "أشبال الأطلس" مستعدون لمواجهة أي منتخب في الدور القادم    بلقشور يكشف عن موعد إجراء مباراتي السد ويؤكد تواجد تقنية "الڤار"    غزة تُباد.. استشهاد 102 فلسطينيا في سلسلة مجازر إسرائيلية وإصابة 193 خلال 24 ساعة    التجسس على "واتساب": القضاء الأمريكي يغرم "إنزو" الإسرائيلية بمبلغ 168 مليون دولار لصالح "ميتا"    متابعة ناشطين من حراك فجيج بينهما "موفو" في حالة اعتقال وأولى جلسات محاكمتهما يوم الخميس    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    رئيس جامعة عبد المالك السعدي يوقع اتفاقيتين مع جامعتين مجريتين لتعزيز الشراكات الدولية    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    تصعيد خطير في جنوب آسيا: سلاح الجو الهندي يتكبد خسائر بمئات الملايين بعد هجوم باكستاني دقيق    لمواجهة الكوارث.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة للمخزون والاحتياطات الأولية    المصطفى الرميد: لا تعارض بين الانحياز لقضايا المغرب ونصرة غزة    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العصبة تكشف برنامج الجولة الأخيرة من البطولة الاحترافية    مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    الجزائر تواصل مطاردة المثقفين.. فرنسا تتلقى مذكرتي توقيف دوليتين ضد كمال داود    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    الأطرالصحية ونقابة الجامعة الوطنية للصحة بعمالة المضيق الفنيدق تضع يدها على ملف ساخن وتستنكر تعطيل خدمات تقويم البصر بمصحة النهاري بمرتيل    تعليمات جديدة من لفتيت للأمن والولاة: لا تساهل مع السياقة الاستعراضية والدراجات المعدلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    توقيف مواطنين فرنسيين من أصول مغربية يشتبه تورطهما في قضية تتعلق بالسكر العلني وارتكاب حادثة سير بدنية مع جنحة الفرار    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    "قانون بنعيسى" يُقصي الصحافيين من تغطية دورة جماعة أصيلة ويثير الجدل    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    من هي النقابة التي اتهمها وزير العدل بالكذب وقرر عدم استقبالها؟    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضعف الأداء الإداري في ظل أعطاب التدبير وخصاص الكفاءة
نشر في هسبريس يوم 25 - 06 - 2018

يعبّر المفهوم الكلاسيكي للإدارة عن بنيات تتمثل في توزيع مهام تسعى إلى تحقيق أهداف معينة، بناء على اتباع أساليب وممارسات ترتكز بدورها على أسس التخطيط المسبق، وتحديد الغطاء المالي اللازم، واستغلال الكفاءات في مختلف تخصصاتها، وتوفير مقومات الموارد العلمية والتكنولوجية. كل ذلك من أجل تحديد قرار التنفيذ وتقييم النتائج ورفع التقارير، مع الحرص على مداومة التجديد ومسايرة التحولات المتواترة، وضمان جودة الأداء وإدراك الفعالية اللازمة وقدرتها على التنافسية.
انطلاقا من هذا التعريف الشمولي لتحديد مفهوم الإدارة، وعلى ضوء الإكراهات التي يعرفها مجتمعنا المغربي، سنحاول ملامسة معيقات الأداء الإداري وتسليط الضوء على أعطاب التدبير والتسيير وظروف الإصلاح.
1- عواقب أعطاب التدبير والتسيير الإداري
سوء الإدارة والأخذ في معالجة الأعراض وإهمال الأسباب تمثل أبرز العوامل المسببة للعجز الاجتماعي، ويتجلى ذلك في مظاهر خصاص المعرفة وتدني منظومة التعليم، وما يتبع ذلك من تفاقم مشكلة الأمية، حيث تفوق نسبتها نصف ساكنة المغرب. أعطاب التدبير هي كذلك أسباب مباشرة في تدني مستوى الصحة، حيث تشمل الميزانية المخصصة لوزارة الصحة حوالي 6 بالمائة فقط من مجموع الميزانية العامة للدولة. كما يرصد الباحثون، في مختلف الدراسات، أن رداءة التدبير وخصاص المهنية يؤديان إلى عدم قدرة التعاطي مع النمو الديموغرافي السريع في ظل نمو اقتصادي متوسط، وما يتبع ذلك من إحداث خلل في تلبية الحاجيات الاجتماعية، التي تتفاقم أكثر كنتيجة لذلك، مع الارتفاع المتزايد في نسبة البطالة، والإسهام في تكريس ظروف الإقصاء والتهميش، التي تؤدي بدورها إلى تفاقم السلبيات الاجتماعية كالدعارة والانحراف وتفشي الجريمة.
2 - أسباب تدني مستوى الأداء الإداري
- ضعف التأهيل المهني وغياب الخلفية العلمية
أمام المستوى المتدني لمنظومة التعليم، وغياب برامج استراتيجية معقلنة تشمل كيفية استغلال الموارد البشرية وتأهيلها مهنيا، وتشابك وتباين آراء المتدخلين من قطاعات وزارية وقطاعات خاصة ومؤسسات أخرى مهنية، تظل مشاريع تأهيل المستفيد محدودة المردودية، مما يقلل فرص الإبداع والابتكار عند الأفراد المعنيين، وبالتالي التقليل من رصيدهم العلمي، وفقدان ثقافة العمل الجماعي "Team work" وحب المهنة والتفاني في العمل. كما أن فقدان قطاع التربية والتعليم الجسور بينه وبين المؤسسات التشغيلية، وطغيان التعليم النظري على التلقين التطبيقي، تزيد كلها في ضعف نتائج التأهيل المهني.
- ضعف الكفاءة في التخطيط الاستراتيجي
يعتمد التخطيط الاستراتيجي في مجال الإدارة على مقاربات علمية دقيقة تبدأ بتحليل المعطيات الظرفية وتقييمها مع النظر العميق في التطور المستقبلي لهذه المعطيات وتفاعلها مع تحولات محيطها، وبالتالي التنبؤ بالمستقبل والاستعداد المبكر من أجل التعامل السليم مع كل المتغيرات التي يمكن أن تحدث. هي عملية تتطلب إشراك كل الفعاليات المهنية والكفاءات على مختلف تخصصاتهم، انطلاقا من أقسام أنشئت خصيصا للدراسات الاستراتيجية.
لكن في مجتمعنا، وعند الرجوع إلى الإدارة العمومية بصفة عامة، أو الجماعات المحلية على وجه الخصوص، إضافة إلى بعض المؤسسات الخاصة، نجد أغلبها يغلب عليه طابع التسيير التقليدي، وغياب منهجية التنظيم المعقلن، وغياب آليات وأسس الرقابة المالية، حيث يترتب عن كل ذلك ركود في طرق التسيير، والحد من ثقافة بُعد النظر لدى العامل أو المسؤول. علاوة على ذلك، نجد أن خصاص الكفاءة تأثر بشكل مباشر وسلبي بتطوير الأداء الإداري، وذلك يظهر جليا، على سبيل المثال، في روتينية طريقة الخدمات المقدمة على مستوى المقاطعات.
الخصاص في الكفاءة تعززه، كذلك، القوانين والشروط المعمول بها لمزاولة إدارة الأقسام أو المؤسسات؛ حيث نجدها، على سبيل المثال، تحدد مستوى تعليميا يعادل على الأقل مستوى نهاية الدروس الابتدائية كشرط للترشح لرئاسة المجالس الجماعية. وهنا نتساءل: كيف لمسؤول بمستوى دراسي محدود أن يزاول تسيير نشاطات وتحديد التركيبة اللازمة لإدارته وأقسامها، وتوفير متطلبات التسيير والتخطيط وتحديد البرامج الاستراتيجية؟!
التأثير البيني لظاهرة الرشوة والفساد الإداري
تعتمد الدراسات والأبحاث في هذا المجال على أبعاد اجتماعية، تاريخية، سياسية واقتصادية، وهي مكملة لبعضها البعض. واعتبارا للشأن الإداري، وجب التركيز هنا على البعد الاقتصادي لتسليط الضوء على علاقة آفة الرشوة بالفساد الإداري، خصوصا أن الرشوة تشكل أقوى التحديات التي تواجه الدولة في إطار المجهودات المبذولة بهدف إصلاح الإدارة.
جريمة الاتجار بالوظيفة، أي ظاهرة الرشوة، هي آفة حرمتها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، كما شدد المشرّع على عقوبة مرتكبيها، على اعتبار أن كل ما يترتب عن هذه الظاهرة من محسوبية وعلاقات اجتماعية في الوظيفة يكون على حساب الكفاءة، في غياب الرقابة الإدارية الكافية، وغياب الصرامة في قرار العقوبات.
بهذا نجد دوامة النتائج الوخيمة للرشوة ترسم دائرة ذات تأثير بيني من حيث الأسباب، ذلك أن الفساد الإداري وغياب الرقابة يزيد من حدة انتشار الرشوة من جهة، ومن جهة أخرى نجد في الرشوة عاملا يساعد على خلق الأرضية الخصبة لممارسة المحسوبية، والحد من تكافؤ الفرص في الحصول على الوظائف، وما يترتب عن ذلك من تهميش وإهمال لدور الخلفية العلمية والكفاءة في تقييم وتأهيل الموارد البشرية للوظيفة، بالرغم من جميع الإجراءات المتخذة من طرف الدولة قصد الحد من التوظيف المباشر ومن توريث المناصب.
ختاما، وأمام كل الإكراهات والتحديات السالف ذكرها، يبقى المواطن، باعتباره موردا بشريا، عنصرا مهما في عملية الإصلاح الإداري. ولتنمية هذا العنصر البشري وتأهيله وجب على الدولة القيام بمراجعة شمولية. مراجعة تهم إصلاح منظومة التعليم، والتشجيع على التشبث بقيم الحريات واستقلالية الآراء، وتوفير فرص كسب رصيد علمي، وإشراك الشباب في العملية السياسية، مع إحداث برامج تحسيسية لتمتين العلاقة بين المواطنة والتنمية، وكذا إنشاء ورشات دورية لإشعار المستفيدين بأهمية التفاني في العمل والقدرة على تحمل المسؤولية بمفهوم التكليف وليس التشريف.
*باحث اقتصادي وخبير في الهندسة الميكانيكية للقطارات مقيم بألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.