متاهات سياسية يعرفها ورش الأمازيغية بالمغرب، بالرغم من الطابع الدستوري الذي تحظى به منذ سنوات، نتيجة الخلافات المستعرة بين أحزاب الأغلبية الحكومية؛ وهو ما دفع حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة إلى الانسحاب من اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة التعليم والثقافة والاتصال بالغرفة الأولى، التي أنيطت بها مهمة مناقشة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكذلك مشروع القانون التنظيمي المرتبط بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. وبالعودة إلى مسار مناقشة مشروع القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بالأمازيغية، فقد أحيل على لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، التي تضم جميع الفرق البرلمانية والمجموعات النيابية، قبل أن يُحال من جديد على لجنة فرعية لا تضم سوى ممثلي الفرق؛ لكنها لم تكن تجتمع إلا لماماً، ليتم إحالته مرة أخرى على لجنة تقنية تتشكل من ممثلي أحزاب الأغلبية الحكومية، ليبقى رهين خلافات الائتلاف الحكومي. في هذا الصدد، قال أحمد أرحموش، رئيس الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، إن "مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية بقي حبيس اللجنة التقنية التي اكتست بعدا سياسيا، بفعل المزايدات التي تقع بين أحزاب الأغلبية الحكومية؛ وهو ما دفعني إلى تسميتها بلجنة الكولسة والتدليس، حيث بقيت تلك الأحزاب رهينة الاختلافات التي تخص الحرف الأمازيغي تيفيناغ بين مؤيد ومعارض". وأضاف أرحموش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "حزب العدالة والتنمية معروف بموقفه السلبي جدا من الأمازيغية، بحيث يدعي أنه لا يتفق مع الرؤية الحالية، بينما لا يريدها أصلا، باعتباره ينادي بالعربية والدين الإسلامي كركائز للبلاد فقط"، معتبرا أن "البيجيدي تسبب في البلوكاج الحالي للأمازيغية داخل البرلمان". ويرى المحامي بهيئة الرباط أن "القانون التنظيمي يجب أن يعود إلى اللجنة الأصلية (لجنة التعليم والثقافة والاتصال)، عوض بقائه في اللجنة التقنية أو الفرعية؛ لكن العدالة والتنمية من مصلحته أن يبقى داخل تلك اللجنة لأنه وسيلة للمزايدات السياسية، بل أكثر من ذلك وصل إلى مستوى المفاوضات على حقوق وواجبات الوطن مع أحزاب الأغلبية"، مبرزا أن "إخراجه من لجنة التدليس والكولسة والغبن سيجعل المناقشة علنية من جديد، ومن ثمة يمكننا محاسبة كل شخص على مواقفه، لا سيما أنه بقي مجمدا داخل اللجنة السياسية لمدة سنتين دون فائدة". وبخصوص تصوره لورش الأمازيغية في المستقبل، لاسيما مع دنو انتخابات 2021، اعتبر المتحدث أن "الأمور إذا ذهبت بنفس التوازنات والرؤى والأدوات، فإنني على يقين بأنه لن يكون للأمازيغية أي موقع في الفضاءات، بما فيها الحياة العامة؛ بل حتى القانون التنظيمي لن يرى النور قبل الانتخابات المقبلة، إلا إذا وقعت تحولات يمكن أن تلعب دورا في استنهاض قوى الوطن وإثارة الانتباه للبلوكاج الذي يقوم به العدالة والتنمية"، مردفا: "لقد قام بالتشويش أصلا على القانون لمدة سنتين ونصف من عمر الحكومة الحالية، ولأزيد من ثماني سنوات بعد دستور 2011". وتابع: "الرهانات مطروحة من زاويتين؛ فعلى الأحزاب السياسية، لاسيما المنتخبين، تحمل مسؤوليتهم الأخلاقية والسياسية والتشريعية تجاه ملف الأمازيغية، وهو ما يمكن أن يلعب دورا نسبيا في إصدار القانون التنظيمي بالجريدة الرسمية ونشره في أقرب وقت، مع الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات وانتظارات الحركة الأمازيغية التي قدمت للحكومة والفرق البرلمانية". أما الزاوية الثانية، حسب الناشط الأمازيغي، فإنها تتجلى في "توفير إمكانية التنزيل الفعلي للقانون التنظيمي، لأن القانون مجرد محطة، بينما يحتاج التنزيل إلى أدوات وآليات وميزانية؛ لكن وزارة المالية لم تقم بأي شيء حاليا، ومن ثمة سيكون القانون غير قابلا للتفعيل بصيغته الحالية". وأردف: "لا بد من الإشارة إلى مسؤولية الفاعلين على مستوى الحركة الأمازيغية لتطوير آليات الدفاع والنضال وخلق اللوبيات، لأن توقف القوانين بالبرلمان وداخل الحكومة يعكس ضعف تأثير الأدوات على مصدر القرار والمسؤولين أيضا؛ وهو ما يستلزم إعادة النظر في الخطاب والإستراتيجية والمخطط المنتهج".