بعد ‬موقف ‬جاكوب ‬زوما ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء.. ‬الجزائر ‬ترسل ‬مبعوثيها ‬إلى ‬بريتوريا    آلاف المغاربة يحتشدون في الرباط رفضا للحرب على غزة والتطبيع مع إسرائيل    البابا يدعو إلى وضع حدّ فوري لحرب غزة "الهمجية"    منتخب الشبان للجيدو يهيمن على بطولة إفريقيا    تجار "بوسيتو" في إمزورن يغلقون محلاتهم تضامناً مع المتضررين من الحريق    "رحلة استجمام تتحول لمأساة".. مصرع مفتش شرطة غرقا بشاطئ أشقار بمدينة طنجة    زلزالان قبالة أقصى الشرق الروسي    إسرائيل توسع العمليات في وسط غزة    الدفاع المدني في غزة يعلن استشهاد 57 فلسطينيا من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية    تحديد أسعار الأدوية بالمغرب يشعل "خلافات حادة" بين نقابات الصيادلة    احتجاجات بإسبانيا على معادلة رخص سائقي الشاحنات المغاربة    جدل "التهرب الضريبي".. بنكيران يطالب باستقالة وهبي لأنها "ضرورة تفرضها دولة القانون والمؤسسات"    العرائش ترفض طمس الشرفة الأطلسية    درك الجديدة يحبط تهريب المخدرات    جمهور قياسي يختتم مهرجان تيفلت    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    يهم الجالية.. إسبانيا ترفع من مدة سفر "العاطلين عن العمل" دون فقدان الدعم    أمرابط يرفض الرحيل ومورينيو يستبعده.. أزمة صامتة في فنربخشة    تراجع مفرغات الصيد الساحلي بميناء الصويرة إلى 7052 طنا        المغرب خارج قائمة ال50 الأوائل في الإنترنت المحمول.. وسرعة الثابت أقل بأكثر من أربعة أضعاف من فيتنام    بنكيران يطالب وهبي بالاستقالة بعد تسريبات التهرب الضريبي    رئيس الحكومة وسؤال السنة المرجعية وصدقية الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية (22)    مهرجان العيطة بآسفي.. أربع ليالٍ من الوفاء للتراث وروح الإبداع    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    بالفيديو.. الدورة الصيفية لموسم أصيلة 46.. فنٌّ ينمو على إيقاع المدينة        هونغ كونغ تصدر أعلى تحذير من إعصار "ويفا" وتوقف الخدمات العامة    توقيف مستشارة جماعية متلبسة بحيازة "الكوكايين"    طواف فرنسا.. الهولندي ثيمين آرينسمان بطلا للمرحلة 14 وإيفينيبويل ينسحب    تجديدات تنظيمية لحزب الاستقلال بجماعتي بني جرفط وخميس الساحل تعزز الحضور الحزبي بإقليم العرائش    غزة.. تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    الأرصاد الجوية تتوقع طقسا متقلبا الأحد.. انخفاض في الحرارة وأمطار في بعض المناطق    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتيفلت تطالب بفتح تحقيق في ظروف تنظيم مهرجان محلي        "كان" السيدات: المنتخب المغربي يخوض حصته التدريبية ما قبل الأخيرة تأهبا لمواجهة غانا    أزمة غير مسبوقة ب ENSA طنجة.. الأساتذة ينددون بسوء التسيير ويعلنون خطوات تصعيدية    تتويج منتخب المغرب للإناث بلقب إفريقيا في كرة المضرب "تحت 16 سنة" وتأهله لبطولة العالم    كوريا: مصرع 10 أشخاص وفقدان 9 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    العيطة تتألق في قلب الرباط.. ليلة فنية تسافر بالجمهور في أعماق التراث المغربي    تأخر صرف "منحة يوليوز" يؤرق طلبة مراكز جهوية للتربية والتكوين بالمغرب    الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام العمومي بين جرأة الأشعري وشجاعة المساري
نشر في هسبريس يوم 28 - 09 - 2019

إن أفضل وصف للخرجة الأخيرة لمحمد الأشعري، وزير الثقافة والإعلام في حكومة "التناوب" في نسختها الثانية ما بين 2000 و2002، هو الجرأة في التعاطي مع قضية حرية الصحافة وأداء الإعلام العمومي، خاصة منه السمعي البصري، الذي أضحى في نظره "بوقا للسلطة"، ويقوم بمهام "ضابط شرطة" عوض تقديم الخدمة العمومية.
فإذا كان الأمل يحدو الجميع بعد قرار وضع حد لاحتكار الدولة للسمعي البصري في أن تنتقل هذه الوسائل إلى "وضع تنافسي يلغي هذه الصيغة المرضية التي يعاني منها هذا القطاع" الإعلامي، فإن الأشعري اعتبر في مداخلته حول "هل الصحافة اليوم عامل لتقدم المغرب؟" أن "القنوات العمومية أصبحت لا تحمل من العمومية إلا الاسم فقط، في وقت يعد الإعلام العمومي قاطرة أساسية لتطوير الصحافة"..عوض ذلك، فشل في أن يقترح على المجتمع صيغة متحررة، حسب تقدير رئيس اتحاد كتاب المغرب الأسبق.
ويرى صاحب "رواية القوس والفراشة" أن صفحة الإعلام العمومي ينبغي أن تطوى بالصورة التي عليها الآن، والتي لم تعد مهمة، خاصة حينما أضحى السمعي البصري عاجزا عن ضمان الاستقلالية والتعدد والنقل الحي للوقائع والأحداث والفعالية.
وإذا كان "النقد المزدوج" الذي كاله الأشعري، صاحب ديواني الشعر "صهيل الخيل الجريحة" و"عينان بسعة الحلم"، لوضعية حرية الصحافة وواقع السمعي البصري، يأتي بعد نحو عقدين من الزمن، فإن سلفه محمد العربي المساري ( 1936-2015)، وزير الاتصال في النسخة الأولى لحكومة التناوب ما بين 1998 2000، كانت له الشجاعة الكافية ليصدح برأيه إبان مزاولته مهامه، ومنه التأكيد على أن من أولوياته إعادة رجال السلطة الذين عينوا منذ 1986 على رأس الإذاعة والتلفزة إلى إدارتهم الأصلية، وزارة الداخلية، وذلك رغبة منه في فك الارتباط بين سلطة الداخلية والإعلام، باعتبارها علاقة "زواج غير شرعي".
لقد كان المساري يؤمن بضرورة قيام إعلام عمومي ديناميكي، يتجاوب مع متطلبات الجمهور في الإخبار والتثقيف والترفيه، ومما قاله في هذا الصدد، في أحد اجتماعاته مع هيئة تحرير الأخبار بإذاعة وتلفزيون دار البريهي، إنه إذا لم يتم الانتقال إلى المستوى المهني المطلوب فإنه سيأتي وقت يكون المذيع يخاطب أهل بيته وهم ينتظرون عودته إلى المنزل. فنقيب الصحافيين الأسبق كان لا يخفي رغبته في إحداث التغيير، إلا أنه كان يعتبر أن التغيير المنشود هو ذاك الذي لا يتأتى بقرارات فوقية وبقرارات إدارية، بل يجب أن يحدث عبر مناهج بيداغوجية، وأن يتم بواسطة الإقناع، وأن يقوم به الصحافيون بأنفسهم؛ أولا لأنهم قادرون على التطور.
لقد كان المساري من أشد المدافعين عن شعار "إعلام الحقيقة" الذي يصفه بأنه هو ذاك الذي نكف فيه عن التنويم والتعتيم، ولسان الخشب، أي إن التلفزيون للنشاط الحكومي، مع التأمل في مفهوم المادة الخبرية، التي هي كل معطى يساعد الجمهور على التفاعل بكيفية واعية مع محيطه ويطرح التمييز بين حدين: كيف لا نقع في طمس الواقع، وكيف نتجنب التهويل، الذي يكون الغرض منه هو الاستغلال السياسي بمعناه الفئوي الضيق.
سيترجل المساري في شتنبر من سنة 2000 من سفينة "حكومة التناوب"، حينما استعصى عليه الإصلاح والتغيير، وبعد أن قضى بها سنتين، طرح فيها كثيرا من الأسئلة، وأيضا كثيرا من الحلول، ظلت إلى حد الآن حبيسة الرفوف، وليتخلص بذلك من "عبء منصب ووزارة، أيقن أنها مستعصية على الإصلاح"، فهو رفض أن يتحول إلى "وزير بلا وزارة، مسؤول بلا سلطة"، كما جاء في كتاب "التناوب المجهض" لمؤلفه محمد الطائع.
ليس الأشعري صاحب المجموعة القصصية "يوم صعب" والمساري مؤلف "صباح الخير للديمقراطية للغد"، وحدهما من استعصى عليهما "تحقيق حلم التغيير في السمعي البصري، في تلك المرحلة الدقيقة من تاريخ المغرب، بل الحكومات المتعاقبة فشلت بدورها في تحقيق الإصلاح المنشود في الصحافة والإعلام".
السمعي البصري "سار دائما وأبدا على إيقاع تقلبات الوضع السياسي، مطوقا بعدم الاحتكام إلى المنطق والقوانين والمفاهيم التي تسير هذا المرفق العمومي"، وهي الخلاصة التي استنتجها محمد العربي المساري بعد تجربته في الوزارة، والتي خطها بنفسه في تقديم كتاب "رحلتي مع الميكرفون" للإعلامي المخضرم محمد بن ددوش.
هل تغيرت أمور ووضعية إعلامنا العمومي منذ 1998؟ وهل تمكن هذا الإعلام بعد تحرير الفضاء السمعي البصري ودستور 2011 من إحداث التغيير المنشود والنقلة النوعية بهذا المرفق العمومي؟ وهل تحققت أيضا مصالحة المواطنات والمواطنين مع وسائل إعلامهم؟ أسئلة كثيرة تظل مؤجلة!!..
*كاتب صحافي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.