سعر صرف الدرهم يرتفع مقابل الأورو    "الفيفا" تحسم الجدل وتختار "سانتياغو برنابيو" لاحتضان نهائي مونديال 2030    البقالي يتألق في موناكو ويظفر بسباق 3000 متر موانع بالدوري الماسي    انقلاب سيارة بطنجة يُسفر عن 7 إصابات    "وول مارت" تستدعي 850 ألف عبوة مياه بسبب إصابات خطيرة في العين    المغرب يفتح باب المنافسة لمنح تراخيص الجيل الخامس "5G"    اجتماع حاسم بالدار البيضاء لتسريع أوراش الملاعب والبنيات التحتية قبل 2025 و2030        حجز 6000 قرص مهلوس وتوقيف أب وابنه القاصر بمحطة القطار بالدار البيضاء    سفيان البقالي يفوز بسباق 3000 متر موانع في ملتقى موناكو ضمن الدوري الماسي    بورصة البيضاء تنهي جلسة الجمعة بارتفاع    الحبس ستة أشهر لموقوف رفض مشاهدة نشاط الرئيس التونسي    مسيرة أيت بوكماز صرخة للإنصاف والعدالة الترابية.    اختتام المخيم الحقوقي لأطفال العالم القروي في دورته الرابعة    فن "لوناسة" يلتئم في مهرجان له بسيدي دحمان التثمين والمحافظة على احد أهم الفنون الإيقاعية المغربية الأصيلة    "اللبؤات" يتطلعن إلى الصدارة أمام السنغال .. وفيلدا يحذر من الأخطاء الدفاعية    وزير الداخلية الإسباني يُشيد بالتنسيق المثالي مع المغرب في عملية مرحبا 2025    الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى تعلن تأسيس شبكة وطنية لتعزيز التعاون بين الهيئات والجمعيات المهنية    الدولي المغربي إلياس شعيرة يوقع لريال أوفييدو حتى سنة 2028    سقوط نحو 800 شهيد في غزة أثناء انتظار المساعدات منذ أواخر ماي الماضي وفقا للأمم المتحدة        أثنار: شيراك طلب مني تسليم سبتة ومليلية إلى المغرب خلال أزمة جزيرة ليلى    محكمة طنجة تصدر حكمها في قضية "هتك عرض" فتاة قاصر    الجزائر ضمن "لائحة أوروبية سوداء"    "عقوبات محتملة" ترفع أسعار النفط    بإجماع أعضائها.. لجنة التعليم بالبرلمان تصادق على مشروع قانون "مؤسسة المغرب 2030"    بعد رحيله.. مودريتش: سأظل دائما أنتمي لريال مدريد    يوعابد ل"برلمان.كوم": المغرب مقبل على موجة حر تصاعدية وانخفاض نسبي في الحرارة نهاية الأسبوع    أسرة ضحية قاصر ترفض حكما "مخففا"    الرباط الصليبي يبعد لبحيري عن الميادين    شيرين تتجاوز أزمة موازين ب "حدوتة"    الجزائر على قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء للدول عالية المخاطر في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    الدار البيضاء.. السكوري يدعو إلى إصلاح مدونة الشغل بما يتلاءم مع التحولات المجتمعية والاقتصادية    كلمة السر في فهم دورة العمران و عدوى التنمية بشرق أسيا..    زلزال الحوز: القيمة الإجمالية للدعم والمساعدة تجاوزت 6.6 مليار درهم.. وأكثر من 46 ألف أسرة استكملت بناء منازلها    باحثون بريطانيون يطورون دواء يؤخر الإصابة بداء السكري من النوع الأول        الدار البيضاء تحتضن أول لقاء دولي مخصص لفنون الطباعة المعاصرة الناشئة    بنعبد الله: "مسيرة آيت بوكماز تجسد تعبيرا حيا عن تدهور المستوى المعيشي لفئات اجتماعية واسعة"    اتفاقية شراكة بين العيون وأكادير لتعزيز ثقافة الصورة وتثمين القيم الوطنية بمناسبة الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء    ممرضو طاطا يحتجون ضد التهميش والإهمال الإداري    تحذير رسمي لمؤسسة إسلامية في بريطانيا بسبب مقطع يدعم حماس    فتح الله ولعلو في حوار مع صحيفة "الشعب اليومية" الصينية: المغرب والصين يبنيان جسرًا للتنمية المشتركة    تقرير للأمم المتحدة يظهر عدم وجود "علاقات نشطة" بين الدولة السورية وتنظيم القاعدة    فضيحة تهز أركان حزب الأحرار بطنجة    في ضيافة أكاديمية المملكة .. مانزاري تقرأ الأدب بالتحليل النفسي والترجمة    الإنسانية تُدفن تحت ركام غزة .. 82 شهيدًا خلال 24 ساعة    نوستالجيا مغربية تعيد الروح إلى شالة في موسم جديد من الاحتفاء بالذاكرة    عدد المستفيدين من برنامج دعم السكن بلغ 55 ألفا و512    الحكومة تصادق على مشروع قانون لحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها    السجال السياسي‮ ‬بين‮ ‬«يوتيوب» وخامنئي!‮‬ 2    دراسة ترصد أمراض البشر منذ 37 ألف عام وأقدم طاعون في التاريخ    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم مغربية على مواقع التواصل الاجتماعي
نشر في هسبريس يوم 29 - 11 - 2019

كيف يمكن تقبل جريمة عنصرية ضد رضيع أسمر البشرة في عيادة طبية خاصة، في مدينة الدار البيضاء، كبرى مدن المغرب، تقوم بها سيدة تنتمي إلى نادي نجمات مواقع التواصل الاجتماعي؟
كيف يمكن أن نصدق كل الوصفات والنصائح والإرشادات في كل مجالات الحياة، تقدمها نساء أو يقترحها رجال، ليسوا في مجال اختصاصهم في ما يقدمونه، ولكنهم أناس يمارسون تجارة الكذب، ويثرثرون دون توقف، لتجميع الإعجابات والمشاهدات.
وثالثا، كيف يمكن تتبع ساعات بث مباشر، لأناس يثرثرون في كل المواضيع بأي شيء، يقولون كل شيء كي لا يقولوا أي شيء، فلا يتعبون لأنهم دون أي شغل آخر، فيه جلب للمنفعة لهم وللبشرية.
أعترف أنني كافر بمواقع التواصل الاجتماعي، وبما تقدمه من محتوى سطحي وتافه جدا، عبر ما تسمى بالأكثر انتشارا وتداولا؛ وتقنيا يجري الحديث عن التراند والطوندونس.
ضربت مواقع التواصل الاجتماعي بقوة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وطارد الإعلام في المنطقة مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبارها عاكسا مثل المرآة، لقضايا الشارع في المنطقة.
وهذا ليس صحيحا البتة، في تقديري الشخصي للموضوع، حتى أنني أرى مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، مجرد عاكس، في الغالب من الأحيان، لكل شيء سيئ، أو كأن مطابخ مواقع التواصل الاجتماعي، فيها من يتحكم في الأكثر تداولا وانتشارا.
أعتقد أن التراند أو الطوندونس أو الأكثر تداولا وانتشارا: سلاح ناعم جديد، يجري تمويله ماليا، أو استخدامه من جهات ما، تريد صناعة رأي عام على المقاس، يعني مواقع التواصل الاجتماعي لا تعكس الحقيقة، بل تصنع ما تريده أن يكون أو يبدو لنا كحقيقة.
هذا وساهم الصحافيون بشكل كبير، في الترويج لمواقع التواصل الاجتماعي، عبر العالم، باعتبارها دينا تواصليا جديدا، فتحولت إلى آفة حقيقية، في العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، وفي تقديري يبقى القادم من مواقع التواصل الاجتماعي، أسوأ بكثير.
فيما خسر الصحافيون التقليديون المهنيون، أكثر من ثلثي جمهورهم، باعتبارهم يشتغلون في وسائل إعلام تقليدية، أما معامل مواقع التواصل الاجتماعي، في وادي السيليكون، في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي مكاتبها الإقليمية، فاخترعت مصطلحات جديدة؛ أولها الإعلام الجديد، وصناع المحتوى، فضاع المحتوى نهائيا، وارتفعت أسهم الأخبار غير الصحيحة، وغير الدقيقة.
من خلال تتبعي، تساهم مواقع التواصل الاجتماعي، في صناعة الأخبار غير الصحيحة، وفي الترويج لها، وفي جعلها تظهر الأولى في مؤشرات الأكثر تداولا.
وفي محاولة لاسترجاع زمام الأمور من جديد، تشتغل غرف أخبار على مختبرات لمحاربة الأخبار الزائفة، والتي تنبت مثل الأعشاب الضارة، في مواقع التواصل الاجتماعي.
وما سعي دول أوروبية لفرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا إعلان حرب غير مسبوقة، من أنظمة ديمقراطية تشتعر خطرا حقيقيا مصدره مواقع التواصل الاجتماعي.
فأمسى الصحافيون المهنيون يعيشون تحت رحمة رهط جديد من الدخلاء، يقدمون بكل وقاحة أنفسهم على أنهم مؤثرون اجتماعيا، وصانعوا محتوى، أو صحافيون عاملون في مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يتناول بعضهم وليمة دجاج بالبطاطس والزيتون، برفقة رئيس الحكومة، في مقر حزبه، في حي الليمون في الرباط.
وما بين 2007 و2019، وقعت أكبر هجرة جماعية للبشرية من وسائل الإعلام الجماهيرية، بكل القوانين المهنية، والضوابط الأخلاقية، صوب الموقع الأزرق "فيسبوك"، والعصفور المغرد "تويتر"، وأكبر موقع لتقاسم الفيديوهات "يوتيوب"، واللائحة طويلة.
ففي المغرب، سطع نجم التفاهة فهيمنت على كل شيء، يوميات فلاحة قروية ترطن بعامية من البادية، ونساء صالونات التجميل يصورن كل شيء، وشباب يحاولون تقديم أعمال شبه درامية تلفزيونية، وبدأ الجميع يبحث عن أي طريقة ليخلق أي شيء.
هل الأهم عند المغنية ما تقدمه بصوتها من جديد غنائي أم صورها في الحمام وفي الصالون؟
قلبت مواقع التواصل الاجتماعي كل شيء صوب الأسوأ، فبات خبر نهود الفنانة أهم من صوتها، لأن الخبر مصدره حساب رسمي وموثق، للفنانة علانة في مواقع التواصل الاجتماعي.
بينما يتابع جمهور الممثل الفلاني طلاته في قاعة الرياضة أو مع المعجبات، ولا يهم آخر فيلم سينمائي أو دراما تلفزيونية قدمها الفنان فلان.
فتغيرت الثقافة الاجتماعية، وأصبح الهاتف المحمول يصور أي شيء، قبل التحميل السريع على مواقع التواصل الاجتماعي.
تنازل جزء من الصحافة في المغرب، وفي تجارب مهنية في جوارات المغرب، عن المهنية وقواعدها، وبدأت مطاردة جديدة مع الجمهور، بالنزول المهني إلى غاية الحضيض، بشعار مصري قديم: "الجمهور عاوز كده" أي أن المبرر الخاطئ مهنيا، هو أن الجمهور يريد هذه الاختيارات.
فعندما تنهزم الصحافة المغربية، أمام وافد جديد اسمه مواقع التواصل الاجتماعي، وعوض استخدام هذه المواقع لتكون حاملا لانتشار المواد الصحافية المهنية، تستسلم العائلة الصحافية المغربية، بشكل شبه كامل، لتركب الموجة الجديدة، وتضع القواعد المهنية في الثلاجة، وتشرع في الهرج والمرج.
فكيف يعقل أن تستثمر قناة تلفزيونية مغربية، تمولها أموال دافعي الضرائب، في برامج سطحية تروج لكل العاهات الاجتماعية!
ففي التجارب الصحافية المهنية عبر العالم، ما تزال الصحافة تشتغل وفق قواعد كلاسيكية، تعود لزمن "الكاسيطات"، أي الجرائد الورقية الأولى.
يمكن للصحافي المهني أن يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي أو الهاتف المحمول الذكي، أو اللوح الرقمي لضخ محتوى مهني، أما المادة الصحافية فهي نفسها منذ قرون.
فأمام تراجع مشاهدة قنوات التلفزيون المغربي، وانفجار المضمون السطحي والأجوف والفارغ، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو المشاهد المغربي تائها دون بوصلة.
"قبل أن تغادر، اضغط على زر الإعجاب ليصلك كل جديد، وفعل الجرس"، هذه جملة يسمعها اليوم الجميع على "يوتيوب".
لعمري هذا جرس إنذار ينبهنا إلى ضرورة محاصرة مواقع التواصل الاجتماعي لمحاربة المضامين غير الموثقة، والحاجة العاجلة إلى بناء سد عالي الارتفاع لإيقاف هذا الفيضان المدمر، لكل ما راكمته البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.