فرض نفسه بقوة على صفحات الفايسبوك المغربية، وطريقة تعبيره تنم عن وجود فهم لأسس السخرية السياسية.. يدرج منشورات مصورة على قسمين؛ خبر وتعليق.. بمزج خاص ما بين قدسية الخبر وحرية التعليق. بنظاراته السميكة وشاربه الكث وقبعته الشتوية يتجول "سي قشوب" على الفايسبوك المغربي ينتقد ويسخر، لا خطوط حمراء عنده، ولا كلام من القاموس الدبلوماسي، منافسا بذلك باقي الشخصيات الفايسبوكية الساخرة. نستضيف إدارة صفحة "تقشاب سياسي" وسط رغبة منها في عدم الكشف عن هويات مكوناتها، مع اعتماد "با قشّوب" عوضا عن الأسماء الحقيقية، علما أنّ المستضافين يشتغلون ضمن مجالات الصحافة والهندسة والأبناك والتجارة. بداية، من هو سي قشوب؟ السي قشوب شخصية مغربية افتراضية، عكس الشخصيات الأخرى المستوردة، و إنتاج مغربي خالص غير متأثر بثقافة معينة إلا الثقافة المغربية، كان أول ظهور له في صفحة تقشاب سياسي على الموقع الاجتماعي فيسبوك، يحاول أن يكون ضميرا لكل مواطن مغربي يعيش تقلبات الحالة السياسية و الاجتماعية والاقتصادية، وكل مناحي الحياة بكل تفاصيلها. في صفحتك، تنتقد كل شيء بدءا بالمؤسسة الملكية وانتهاء بالحكومة ونادرا ما تشيد بمجهود معين، هل أنت مولع بالانتقاد لهذا الحد؟ ولا تشاهد الحياة إلا على أنها سوداء؟ أن يكون السي قشوب كثير النقد و أن لا يشيد بمجهود معين، فهذا أمر منطقي، لأن السي قشوب ضمير عدد من المغاربة فهو يقوم بالنقد و التأنيب و المراجعة و العتاب إسوة بعمل الضمير الحي المتحرق على ما يقع حوله من أحداث و مهازل... بشكل مختلف و ظريف. و لأن المواطن ليس في حاجة إلى ضغط و نكد إضافي و إلى نصائح و دروس فوقية أو أستاذية تمارس عليه من جهة من الجهات، لذا و ببساطة فإنه في تعليقاته على مختلف المواضيع السياسية و العامة عموما، ينتهج أسلوب خفة الدم و دماثة خلق مع اختيار المواضيع بدقة يراعي فيها حجم الموقف و حساسية الموضوع و أهميته، كما أنه لا ينتقد أو يعلق على الضعفاء الذين لا حيلة لهم، بل ينتقد من هم في أعلى الهرم ومن يمتلكون القرار ويظنون أنفسهم فوق أي نقد أو مراجعة، وهذا عكس ما تقوم به بعض الجهات عندما توجه سهام التعليق و السخرية إلى المواطن العادي، و لظواهر حياتية عادية بينما تسكت عن انتقاد من يستحقونه. لماذا لا يريد القائمون وراء صفحتك أن يعلنوا عن أنفسهم؟ هل هم خائفون؟ عدم الإعلان عن الأسماء المشرفة على الصفحة مسألة تقنية محضة؛ تخضع لعامل الزمن و شروط الإعلان و لا علاقة لها بالمسألة الأمنية لأن ما نمارسه ليس شتما أو قذفا أو تشهيرا أو افتراءا على أشخاص ما أو جهات ما، نحن نعلق على أحداث و شخصيات عامة تتخذ قرارات تعود بالسلب أو الإيجاب على كل المغاربة و بالتالي نمارس حقنا في النقد في حدود النقد، فكل من أراد أن لا يتعرض للنقد فما عليه إلا ترك الشأن العام و هجر المسؤولية التي يزاولها. لكن ربما أن هذا المبرر يخفي حقيقة أن خوف "سي قشوب " من الاعتقال.. لا على الاطلاق .. القضية ليس لها علاقة بالمسألة الأمنية، لأن سي قشوب مواطن مغربي كامل المواطنة، و هو يمارس حقه في التعبير بحضارية و سلمية دون أن يتعدى حدود الأدب. يعني أن سي قشوب تربي تربية حسنة مبنية على احترامه لوطنه وملكه ودينه، كما يتعلم الأطفال في المدارس المغربية؟ مسألة المنظومة التربوية متعلقة بمن يضعها، فبالنسبة للدولة المواطنة الصالحة هي مواطنة السمع و الطاعة و تقبيل الأيادي و الأرجل .. أما بالنسبة للمنظومة الغير الرسمية فترى أن المساواة و الكرامة و قيم المجتمع المدني هي عمود الزاوية لأخلاقيات المواطنة النموذجية، كما أنني مواطن صالح" راجل ومزلوط"، ما دامت أعيش في بلاد كالمغرب حيث توزع الثروات على المعارف و المقربين في منظومة اقتصاد الريع. من طريقة حديثك يظهر أنك إما عدلاوي، أو ماركسي. أنا مواطن بسيط مسكين، ليست لي اديولوجية غير الاديولوجية القشوبية، لدي اكتفاء ذاتي فكري من إنتاجي الخاص. بعد أن صرت نجما فايسبوكيا شهيرا، هل بدأت تحس بالتكبر؟ النجومية استأثر بها نجوم الكوميديا من وزارئنا ، أما فيما ما يخص التكبر، فأنا أبعد الناس عنه لا تفرش لي الزرابي الحمراء و لا أمارس أستاذيتي على الآخرين و صدري يتسع للشاتمين قبل المحبين. لك منافسون كثر أشهرهم بوزبال..فيما تختلف عنهم؟ طبيعي جدا أن تكون هناك منافسة فالساحة مفتوحة للجميع، ومن يتابع با قشوب يلمس بصمته المغربية الاصيلة فهو نموذج غير مستورد زيادة على أنه انتقل من الفردانية إلى العائلة القشوبية، قصد إيصال كلمته الى جميع الفئات العمرية. ولكن بوزبال اشتهر أكثر منك، ألا تحس بالغيرة؟ لم تكن الشهرة الدافع والمحفز لعمل سي قشوب، ولم تكن هدفا من أهدافه التي يتوق للوصول إليها، الهدف هو توضيح الرؤية بشأن المشهد السياسي للناس بكل صدق و موضوعية بهدف ترسيخ وعي معين في عقل المتتبع: وعي بحقوقه المهضومة ، وعي بالانتهاكات المخزنية في حق أبناء الشعب المقهور، وعي باستهتار المسؤولين الذين تخلوا عن مسؤولياتهم الحقيقية و اهتموا باختلاس أموال الشعب و تضخيم ثرواتهم ... قلت العائلة القشوبية، هل تزوجت؟ للأسف الشديد فقد تورطت في الزواج و أنجبت صغيرا اسمه قشيشيب .. قشيشيب قام بتأدية اغنية " غلي يا بنكيران " والتي لاقت تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن عائلتي تعكس صورة مصغرة قدر الإمكان للمجتمع المغربي بكل تفاصيله اليومية و همومه السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الرياضية ...هذا رابط أغنية صغيري: إذن فأنت مصمم على استمرار نسلك؟ النسل نعمة من الله مغبون فيها كثير من الناس، ونطلب العفو والعافية من النشل، فهو نقمة وداء متورط فيه كثير من الناس، وطالما المستقبل زاهر و واعد في المغرب والدولة تتكفل بالناشئ منذ الولادة و مرورا بمدارس الوفا وصولا إلى التوظيف المباشر بالأوراش الكبرى المحادية للبرلمان التي تتستقبل حاملي الشهادات و توظفهم على الفور بكل أريحية فما المانع إذن من تكثير النسل و استمراره؟ كيف يرى باقشوب بنكيران؟ أراه من الأوراش الكبرى الضرورية لاستمرار عملي، أدعو الله له بالتوفيق و التألق متمنيا له بالاستمرار في خرجاته و خرجات فريقه الحكومي أكثر الله منهم صراحة فهم من يعطون المصداقية لعملي، انتقادي له نابع من تسويقه في خطابه السياسي لحزبه و لشخصه على أنه رجل المهمات الصعبة الذي سينقذ المغرب من الأزمة و الثورة، لينتقل بعد ذلك إلى التطبيع مع الفساد باسم سياسة عفا الله عما سلف و خطاباته الطلاسمية عن التماسيح والعفاريت، وفي النهاية فبنكيران لا يختلف عن باقي "المفعولين السياسيين" ما دام الفاعل السياسي الكامل الإرادة و الاستقلالية غير موجود في المغرب. ألا تخاف من غضبة ملكية بسبب انتقاداتك الكثيرة للملك؟ الملك يعتبر شخصا غير مقدس بنص دستور 2011 يعني أنه قابل للنقد و المراجعة ، و يزيد حجم الانتقاد بقدر حجم الصلاحيات و المسؤوليات فهو الفاعل رقم واحد للسياسة العامة للبلاد والباقي موظفين و مستشارين، فلا يعقل أن نغض الطرف عن الفاعل المسؤول ونوجه كل سهام النقد للمفعولين، وإذا كان هناك غضبة يخشى منها فالأولى الخشية من غضبة الضمير ومن الغضبة الشعبية. هل ستترشح في حزب ما؟ لا يمكن لي أن أجمع بين نقيضين، بين الممارسة السياسية و بين تقييم و انتقاد العمل السياسي، وحدها المعارضة في المغرب التي تستطيع الجمع بينهما ، كما أنني لا أحتاج الى الترشح في حزب ما دمت أؤطر صفحة يبلغ عدد المنخرطين فيها ما يزيد عن 80 ألف منخرط نشيط ، وأنا بصدد فتح فروع لي عبر أقاليم و جهات المغرب، من طنجة إلى الكويرة و سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية. لما لا ينشئ سي قشوب حزبا فايسبوكيا معينا؟ الأحزاب الفيسبوكية أنظف من الاحزاب "الكوكوتمينوتية" .. و صراحة سي قشوب لا يحتاج للترشح لأي حزب، فهو إنسان بسيط و" حدو قدو". يعني ليس لك طموح سياسي؟ لا أسعى إلى أي منصب سياسي و إنما إلى ترشيد العمل السياسي. صفحة تقشاب سياسي لها دور إعلامي أكثر منه سياسي خاصة وأن الإعلام الرسمي المغربي أشبع مسامعنا إشادة بالإصلاحات الدستورية و دور الملكية في استقرار البلاد و تطورها في شتى المجالات، فلم يسبق أبدا أن سمعنا أو رأينا برنامجا إذاعيا أو تلفزيونيا يناقش القضايا الحساسة والخطوط الحمراء، فإما أن إعلامنا مصاب بالعمى أو أنه يتعامى. هل أنت متفاءل؟ طبعا أنا متفائل، لأن التفاؤل أكبر مصنع للابتسامة، والقفشات المرحة التي تحتاج إلى روح متفائلة لا يتسرب إليها التشاؤم أو الملل، كما أن التقشاب و التشاؤم لا يلتقيان. كلمة أخيرة أملي أن تكون صفحة تقشاب سياسي لبنة من لبنات التشخيص السياسي و المجتمعي للواقع المغربي بكل حيادية و موضوعية خدمة لرسالة المواطنة الصالحة الناصحة، فرب تعليق أو نكتة تترجم الواقع أبلغ من ألف تقرير إعلامي مضلل، كما لا يفوتني أن أشكر هسبريس على تواصلها المهني آملين لها التوفيق في مسارها الإعلامي.