جبهة القوى الديمقراطية: الخطاب الملكي دعوة لتصحيح مسار التنمية واستعادة الثقة في العمل الحزبي    الخطاب الملكي الذي أوجد للجميع ضالته    "مال القدس" تدعم شركات فلسطينية    حادثة تخلف 5 قتلى و5 جرحى بورزازات    حين يتكلم العرش… تستيقظ الحقيقة و يتنفس الوطن    مسؤول في حماس: نزع سلاح الحركة "غير وارد وخارج النقاش"    بلال الخنوس.. الموهبة المغربية التي وجدت نفسها في "البوندسليغا"        أعمو ينتقد ضعف أداء رؤساء الجهات ويدعو إلى تنزيل فعلي للاختصاصات الجهوية    سيول جارفة وانقطاع طرق بسبب تساقطات مطرية غزيرة بجهة الشمال    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    رياض السلطان في النصف الثاني من شهر اكتوبر    الحسيمة تثمن الإبداع والتمكين النسائي‬    حفظ الله غزة وأهلها    اجتماع طارئ لبحث تداعيات إغلاق ملعب محمد الخامس    "الفيفا" يعين جلال جيد لقيادة مباراة الأرجنتين والمكسيك في ربع نهائي كأس العالم للشباب    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع بأداء سلبي    قبل مواجهة المغرب والكونغو.. اللجنة المنظمة تحدد موعد ومكان سحب تصاريح وقوف السيارات    من الاحتجاج إلى الإصلاح.. كيف حوّل الخطاب الملكي غضب الشباب إلى أمل جديد؟    أزمة القراءة... ما بين النص والتناص    "جيل زد" تٌعلق احتجاجاتها مؤقتا بعد خطاب الملك الذي حمل صدى مطالبها    إدانة متهمين على خلفية أحداث إمزورن بعقوبات وصلت إلى سنتين حبسا نافذا    أشبال الأطلس في اختبار ناري أمام الولايات المتحدة لتكرار إنجاز مونديال 2005    "بورشه" الألمانية تبحث تشديد السياسة التقشفية    "تخريب ليلي" يستنفر شرطة البيضاء    اتفاق مبدئي يقرب الأشخاص في وضعية إعاقة من مجانية التنقل بالرباط            الأمم المتحدة... متدخلون يحذرون من التواطؤ الثابت بين "البوليساريو" والجماعات الإرهابية    بعد 55 عاماً من العلاقات الدبلوماسية.. بكين وروما تجددان التزامهما بالحوار والانفتاح    ماكرون يعيد تعيين لوكورنو رئيسا للوزراء ويكلفه بتشكيل حكومة جديدة    اعتقال حوالي 30 من شباب "جيل Z" خلال افتتاح البرلمان    خطاب جلالة الملك في افتتاح البرلمان : مناشدة التنمية عبر الآلية الديمقراطية    تبون و«الدولة التي لا تُذكر»... عندما يتحول الحقد إلى سياسة رسمية في الجزائر    الصين وتايلاند والولايات المتحدة يتفقون على تعزيز التعاون في مجال مكافحة المخدرات    والدة قاصر منتحر تحذر من "روبوتات الدردشة"    قمة مرتقبة بين مولودية وجدة وسطاد المغربي    النازحون يعودون إلى مناطق في غزة    سحب بطاقة الصحافة من مدير موقع خالف أخلاقيات المهنة    للاطلاع على الخبرة المحاسبية.. غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمراكش تؤجل جلسة المتابعين في ملف "كوب 22"    كيوسك السبت | 66 ألف مستفيد من دعم السكن إلى حدود الشهر المنصرم    فنزويلية تفوز بجائزة نوبل للسلام 2025    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    السنغال: ارتفاع حصيلة ضحايا حمى الوادي المتصدع إلى 18 وفاة    الصيد البحري... تسويق حوالي 8,2 مليارات درهم من المنتجات حتى نهاية شتنبر 2025    طنجة تحتضن نقاشا إفريقيا واسعا يغذي أمل "استدامة حياة بحار القارة"    الخزينة.. مركز "التجاري غلوبال ريسورش" يتوقع عجزا متحكما فيه بنسبة 3,5% من الناتج الداخلي الخام سنة 2025    بورصة الدار البيضاء تغلق على تراجع    "مؤسسة منتدى أصيلة" تصدر كتابا تكريما لمحمد بن عيسى تضمن 78 شهادة عن مسار الراحل    مهرجان فيزا فور ميوزيك يكشف عن برنامج دورته الثانية عشرة    أطعمة شائعة لا يجب تناولها على معدة خاوية    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة القراءة... ما بين النص والتناص
نشر في لكم يوم 11 - 10 - 2025

يسود في الوقت الحالي بين المشتغلين في أوساط التعليم والثقافة والنشر نقاشات عن استفحال أزمة القراءة نتيجة تراجع الإقبال على الكتب وفقدان فعل القراءة لقيمته وأهميته. لكن هذا الاستنتاج العام قلما يستند إلى معطيات دقيقة تعتمد مقاربة واضحة لتحليل المعطيات وتميز بين أنواع وأشكال وأبعاد الفعل القرائي. أعتقد أن أحد أسباب ذلك هو عدم وجود تمييز واضح بين النصوص الأدبية وغير الأدبية. لذلك نجد أن أغلب الفرضيات لفهم القراءة لا تأخذ بعين الاعتبار اختلاف عملية القراءة لدى كل شخص مع إغفال شبه كلي لعملية التناص أثناء القراءة رغم أهميتها.
ففي جميع السياقات التي يتم فيها مشاركة القراءة النصية وتجربتها، والتي يكون فيها القارئ محور الفعل التواصلي، يتحقق التعلم الذي يتجاوز المعرفة البسيطة بالمحتوى ويتوسع إلى تطوير الإبداع والتفكير النقدي.
تُعتبر القراءة اليوم فعلاً أساسياً في حياة الإنسان المعاصر، فهي ليست مجرّد مهارة مدرسية، بل فضاء رحب لبناء وعي نقدي وجماعي يُسهم في قيام مجتمع ديمقراطي مبدع. غير أنّ المفارقة العجيبة تكمن في أنّنا نعيش زمنًا تُدافع فيه المؤسسات عن القراءة بشغف، بينما تتفاقم في الواقع أزمة القراءة.
فالمؤشرات كثيرة ومقلقة: الطلاب في مختلف المراحل يقرؤون أكثر من أي وقت مضى من حيث الكم، لكنّ قراءاتهم سطحية، آلية، بلا فهم أو تأمل. نشتري الكتب ونشارك صورها على مواقع التواصل، لكن كم منّا يقرأ فعلاً؟ بل كم منّا يعيش القراءة كتجربة فكرية وإنسانية؟
تذهب بعض الاتجاهات إلى جعل القراء مجرد متفرجين، مع تكليفهم بدور إعادة إنتاج ما يقترحه الخبراء أو المدرسون فقط؛ وإلا فإن مصيرهم سيكون الرسوب كقراء. لهذا، غالبًا ما يكون الهدف داخل الفصول الدراسية هو النجاح في مادة معينة، وبالتالي نيل رضا الأستاذ(ة)، دون أن يكون هناك أي مجال لمساءلة طريقة مقاربة النصوص المدرسة من الناحية المنهجية. بناءً على هذا المفهوم، يتم إقصاء القراء مع إهمال دورهم الإبداعي، إذ يصير دورهم مقتصر فقط على تكرار ما يقوله النص بالطريقة التي يفهمه بها المدرس أو الناقد لا غير. لذلك، صار من الضروري مراجعة الاستراتيجيات التي يتبعها المدرسون في أنشطتهم الصفية، بشكل يعيد الاعتبار لأدوار القراء/الطلاب كمشاركين في الإبداع وبناء النصوص.
تمثل القراءة الأدبية محور هذا التصور، إذ يُقترح تناولها من منظور متعدد الاتجاهات، وهو تصور عملي يعتمد القراءة التناصية كأداة للمشاركة الفعالة للقراء في "الإبداع الأدبي". ومن هذا الإطار المفاهيمي لا بد من الأخذ بعين الاعتبار القيمة المتعددة الأصوات والاتجاهات للنصوص الأدبية، سواء من حيث التناصّ أو من وجهة نظر القارئ.
المنظمات الدولية مثل اليونسكو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) دقّت ناقوس الخطر منذ سنوات، إذ تُظهر تقاريرها فجوة متزايدة بين تعلم القراءة وممارستها الفعلية. ولئن قدّمت بعض البرامج التعليمية حوافز مالية أو مسابقات لتحسين مهارات القراءة، فإنّها أحياناً تُحوّل القراءة إلى سباق للنتائج، بدل أن تكون بحثًا عن المعنى، وتواصلاً حيّاً مع النصوص والعالم.
لكن الأزمة ليست قدراً محتوماً. فمفهوم التناص – أي الحوار بين النصوص والأفكار والتجارب – يمكن أن يعيد للقراءة روحها الحيّة. حين يقرأ الطالب نصًا في ضوء ما قرأه أو عاشه سابقًا، حين يربط رواية بمشهد من فيلم، أو قصيدة بأغنية، فإنه يُصبح قارئًا فاعلاً، منتجًا للمعنى لا مستهلكًا له.
القراءة الحقيقية هي التي تُنصت لتعدّد الأصوات، وتمنح القارئ حرية التأويل والمشاركة. وهي أيضًا التي تستفيد من الإمكانات الهائلة التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصال، دون أن تفقد جوهرها الإنساني.
في النهاية، نحن جميعاً – معلمين وطلابًا وآباء – مسؤولون عن إحياء فعل القراءة. علينا أن نعيدها إلى مكانها الطبيعي: فضاءً للتفكير الحر، ولإعادة اكتشاف الذات والعالم. فالأمم لا تُقاس بعدد كتبها، بل بنوعية قرّائه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.