عيد الشباب.. جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 591 شخصا    الداخلية تأمر بصرف التعويض عن الأخطار للممرضين وتقنيي الصحة بالجماعات الترابية        مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا للرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العفو الدولية تتهم واشنطن بتوظيف الذكاء الاصطناعي لمراقبة المهاجرين والطلاب المؤيدين للفلسطينيين    رسميا.. بورنموث الإنجليزي يعلن تعاقده مع عدلي قادما من باير ليفركوزن    سواريز يقود إنتر ميامي لنصف نهائي كأس الرابطتين في غياب ميسي    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    جامعة التخييم تدين هتك عرض طفل بمخيم رأس الماء وتؤكد أنه سلوك مشين لا يمت بصلة إلى الإدارة والأطر التربوية    المغرب يمد يد العون لإسبانيا والبرتغال في مواجهة الحرائق    ابتكار جهاز من الماس لتتبع الخلايا السرطانية دون الحاجة إلى مواد مشعة    بدء توزيع المساعدات المغربية على سكان غزة    مكناس.. توقيف شخصين بحوزتهما 1807 قرصا من "الإكستازي"، وكمية من "الحشيش" وسلاحين أبيضين    الحارس البرازيلي فابيو هو الأكثر خوضا للمباريات الرسمية    القبلية.. سرطان يفتك بالوطن    الصين تطلق أولمبياد الروبوتات الشبيهة بالبشر بمشاركة دولية واسعة    الصين: مدينة شنزن في الصدارة من حيث التجارة الخارجية    بلجيكا.. هجوم إلكتروني يستهدف بيانات 850 ألف زبون لشركة "أورانج"    334 ألف شقة فارغة في شمال المغرب.. ومدينة طنجة في الواجهة        سنة أولى بعد رحيل الدكتور عبد الفتاح فهدي    تقرير: المغرب يعتبر ثاني أكبر مصدر للهجرة اليهودية العالمية نحو فلسطين المحتلة    إسبانيا: زوجة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز متورطة في قضية جنائية جديدة    توقيف جانح قاصر حاول السرقة من محل تجاري تحت التهديد باستخدام طرد متفجر وهمي    إلغاء مباريات ولوج الماستر واعتماد انتقاء الملفات    ضربة قوية لتجار السموم.. أمن أكادير يحجز 7960 قرصا مهلوسا وكوكايين ويوقف شخصين    "أورار" يحتفي بالأعياد والجالية بالناظور    عفو ملكي على 591 شخصا بمناسبة "عيد الشباب"    بلال الخنوس قريب من الانتقال إلى كريستال بالاس في صفقة كبيرة    دلالات عيد الشباب    محمد السادس.. ملك الإصلاحات الهادئة    مدينة تمارة تحتضن أضخم حدث فني هذا الصيف    الأمم المتحدة تشيد ب"كرم" الملك محمد السادس على إثر المساعدات الإنسانية إلى غزة    الرابور مورو يحيي حفل ضخم بالبيضاء بشبابيك مغلقة    الخميس تحت الشمس والغيوم.. حرارة مرتفعة وأمطار متفرقة    قمة "تيكاد 9".. المغرب يعزز موقعه الاستراتيجي والجزائر تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة    سامويل ولُولي... حين قادهم الطريق إلى بيت الجار    حجز عجول بميناء طنجة .. ومستوردون يوقفون الاستيراد بسبب الرسوم    الملك يهنئ هنغاريا بالعيد الوطني    أوروبا تسجل رقماً قياسياً في إصابات الأمراض المنقولة عن طريق البعوض    دراسة: أجهزة السمع تقلل خطر الخرف لدى كبار السن بنسبة تفوق 60%    تقرير: ثلث شباب المغرب عاطلون والقطاع غير المهيكل يبتلع فرص الشغل    إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد            تمهيدا لتشغيل الميناء.. إطلاق دراسة لاستشراف احتياجات السكن في الناظور والدريوش    مبابي يقود ريال مدريد لتحقيق أول انتصار في الموسم الجديد    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    حجز 14 طنا من البطاطس بتطوان قبل توجيهها للبيع لانعدام شروط النظافة والسلامة    البطولة الإحترافية 2025/2026: المرشحون والوجوه الجديدة ومباريات الجولة الأولى في إعلان MelBet    بدر لحريزي يفوز بمنصب ممثل كرة القدم النسوية في عصبة الرباط سلا القنيطرة    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن تسمية "المغرب العربي" مرة أخرى!
نشر في هسبريس يوم 13 - 06 - 2013

يلاحظ خلال الشهور الأخيرة أن بعض الأطراف السياسية والثقافية والمؤسساتية، وكذا الأفراد والإطارات، وفيما كان منتظرا أن يراجعوا استعمالهم لبعض العبارات والتسميات المتداولة في السابق، صاروا يتعاملون معها كعبارة "المغرب العربي" بنوع من الإصرار الإصطلاحي والتداول القسري، سواء في الخطابات ومجالات التواصل الرسمي، أو في الكتابات والانتاجات والتواصل الاجتماعي.
فهذا التداول الاستبدادي يعكس نوعا من الرغبة في تأكيد مشروعية العبارة ومقاومة تغييرها، أو في استفزاز الأطراف والأفراد الآخرين الذين يرون في هذه التسمية نزوعا عنصريا وإقصائيا لا ينسجم والواقع الاجتماعي والتاريخي والثقافي الذي يطبع البلدان المنتمية إلى هذه الرقعة بشمال إفريقيا، وهم يطالبون بكل حس ديمقراطي وثقافي بتعويضها بتسمية تعكس تعددية مجتمعات هذا الجوار الإفريقي، كمصطلح "المغارب" أو "المغرب الكبير" أو "الاتحاد المغاربي". هذه التسميات التي لن يعترض عليها أو يشك في نزاهتها وطابعها الديمقراطي الذي يتسع لكل الإثنيات واللغات والثقافات، إلا جاحد أعماه مكر التاريخ وأحلام الماضي وزيف الإيديولوجي، أو أصابه داء مقاومة التصحيح والتغيير.
فتزامنا مع اطلاق مجموعة من الاطارات والنشطاء الأمازيغ لحملة تحت شعار "من أجل اسقاط عبارة المغرب العربي من التداول الرسمي"، جاءت أول الردود من وكالة المغرب العربي للأنباء التي احتفت مؤخرا بإطلاق نسخة بوابتها الإلكترونية باللغة الأمازيغية. فلا شك أن اعتماد الوكالة الرسمية للأخبار والإعلام لللغة الأمازيغية في موقعها الرسمي يمثل حدثا هاما بأبعاد سياسية ولغوية وتواصلية واضحة، كما أن هذا الاقرار يحمل في طياته جوابا على الأسئلة التي يحاول البعض إعادة إثارتها في سياق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، كمعيرة اللغة وحرف الكتابة. كما أنه من شأن هذه الخدمة الإعلامية أن تساهم بشكل كبير في تداول اللغة وتمكينها من وظائف جديدة، بل وتوحيد المصطلح والرفع من وثيرة التداول والاستعمال التي تبدو في غاية الأهمية في المرحلة الراهنة.
لكن هذا المنجز لا يعفي الحكومة والوكالة من الاقدام على خطوة بسيطة للغاية، وذات دلالات ورمزية سياسية حاسمة في هذا الإقرار، ونقصد تغيير تسمية المؤسسة انسجاما مع مقتضيات دستور2011، وذلك بتغيير وتعويض عبارة "المغرب العربي بعبارة "الاتحاد المغاربي". فأي تأخر في تصحيح هذه التسمية اللادستورية، في مقابل التقدم في توظيف اللغة الأمازيغية ضمن سجل خدمات الوكالة، لا يمكن فهمه إلا باعتباره خيارا سياسيا لا يرى إمكانية توظيف اللغة الأمازيغية في المجال الإعلامي إلا في إطار الثابت أو الإرث الإيديولوجي والسياسي السابق الذي يحظى فيه مصطلح "العربي" بدلالات الاستيعاب الهوياتي والهيمنة الثقافية.
فماذا يمنع الحكومة الحالية من استصدار مرسوم مثلا، يلزم جميع المؤسسات والقطاعات الحكومية والإدارات والجماعات المحلية ووسائل الإعلام بتغيير تسمية "المغرب العربي" في وثائقها وخطابها وتسميات مرافقها... بعبارة "الاتحاد المغاربي" أو "المغرب الكبير" تطبيقا لنص دستور 2011؟ وما ذا يمنع وسائل الاعلام الوطنية وقناة وإذاعة كميدي1 وميدي سات من إجراء هذا التغيير المطلوب على مستوى قاموسها الإعلامي؟
فلا جواب أو مبرر لهذا الإصرار والاستبداد الاصطلاحي سوى العامل الإيديولوجي والالتفاف السياسي وسوء التقدير الثقافي والأخلاقي، أو الاعتقاد الساذج في أن وصف "العربي"، وبعد سقوط العديد من الأنظمة التي غدت هذا الاحساس وهذه الانتهازية الثقافية والسياسية في شمال إفريفيا، لا يزال مدغدغا للوجدان وآسرا للعقول والأبدان!
ففي الدول والمجتمعات التي تحترم نفسها، تستطيع المؤسسات، بل الأفراد والجماعات، وبشكل سلس أن تمتلك الجرأة والنزاهة الكافية للتغلب على النزوات الذاتية والإيديولوجية لتحقيق الانتقالات التي يفرزها تطور الوعي الحقوقي والثقافي والسياسي في فضاء المجتمع وخيارات تدبير المشترك العام الوطني. لكن التحول في الدول والمجتمعات التي راكمت وابلا من المكبلات الذاتية وطرق الممانعة والالتفاف حول الحقائق والتعاقدات يبقى مستعصيا، وأحيانا يتطلب عمليات قيصرية وإجراءات حازمة، وهذا ما يحصل في مغرب ما بعد دستور 2011. فهذا التأخير والالتفاف المدعوم بنوع من التمييع والامبالاة الحكومية، لا يخفي رهانه السياسي على الزمن لتفريغ بريق التحول الديمقراطي والحقوقي وتدبير التعدد الحاصل من مضمونه وجدواه.
فالعديد من الأوصاف والتسميات التي ورثتها شعوب المنطقة عن سنوات الاستبداد السياسي لا وجود لها إلا في أذهان شيوخ ومريدي الايديولوجية القومية، ونسختها الإسلامية الحالية، وضحاياها من المواطنين والمواطنات المغاربيين. والتحولات التي تعرفها دول شمال افريقيا، وخاصة مع تساقط الانظمة الاستبدادية التي رعت الخيار القومي الاقصائي وبعض النخب السياسية والثقافية التي نابت عنها بالوكالة في دول المغرب الكبير، تؤكد أن طريق الديمقراطية لن يستوي دون تصحيح الخيارات الهوياتية انطلاقا من الحقائق التاريخية والواقع الاجتماعي، والتدبير العادل للتعدد اللغوي والثقافي، وتغيير جزء هام من العبارات والمفاهيم التي تأكد زيفها الاصطلاحي والسياسي، وعلى رأسها تسمية "المغرب العربي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.