قدم عبد اللطيف وهبي، رئيس المهمة الاستطلاعية المؤقتة "للوقوف على حقيقة ما يعانيه العديد من الأطفال والنساء والمواطنين المغاربة العالقين ببعض بؤر التوتر كسوريا والعراق"، ومقررها سليمان العمراني، اليوم الجمعة بمجلس النواب، نتائج هذه المهمة البرلمانية التي يتداخل فيها ما هو إنساني بالجانب الأمني، بالنظر إلى ما يمكن أن تشكله عودة "مقاتلين مغاربة" تدربوا على صناعة المتفجرات وحمل السلاح وتنفيذ عمليات إرهابية من خطورة. وكان وزير الداخلية كشف للمهمة الاستطلاعية البرلمانية أن 1659 جهاديا مغربيا غادروا المغرب للانضمام إلى حركات إرهابية مختلفة في المنطقة السورية العراقية، منهم 290 من النساء و628 من القاصرين، وعاد منهم 345 مقاتلا. وتشير المعطيات الأمنية المغربية إلى أنه مازال حاليا بالمنطقة ذاتها 250 مقاتلا معتقلا (232 في سوريا و12 بالعراق و6 بتركيا) إلى جانب 138 امرأة، من بينهن 134 بالمخيمات التي تحرسها القوات الكردية، إضافة إلى حوالي 400 قاصر، من بينهم 153 فقط تأكد أنهم مزدادون بالمغرب. وحول إمكانية استلهام تجربة "مصالحة" التي استفاد منها عشرات من معتقلي السلفية الجهادية بالمغرب، أوضح وهبي، في جوابه عن سؤال طرحته هسبريس، أن هذه التجربة "كانت إيجابية جدا وتبين أن كل من استفادوا منها لا يتوفرون على حالة العود"، مشيرا إلى أن السلطات المغربية تعد النسخة التاسعة من البرنامج؛ فيما أكد سليمان العمراني أنه يمكن استلهامه في ملف مغاربة سوريا والعراق. وشدد وهبي على أن هذا الملف "جد معقد، لأنه يوجد على أراضي دول أخرى، والدولة المغربية تحترم السيادة الوطنية للدول"، وزاد مستنتجا: "إذن علينا أن نساهم في حله من بعيد"، رافضا فكرة إسقاط الجنسية المغربية عن المعنيين كما تنادي بعض المقترحات، إذ قال: "الخطأ يقع لكن لا يمكن أن نحرمهم من الجنسية.. هناك قانون جنائي يمكن تطبيقه". وأشار وهبي أيضا إلى "الوضعية الكارثية التي عاشها أطفال المقاتلين المغاربة بسوريا والعراق"، مبرزا أن "بعض الأطفال كانوا يلعبون الكرة برؤوس البشر وحضروا عمليات إعدام وتدربوا على حمل السلاح"، مقرا بصعوبة حل الملف دون تضافر جهود جميع القطاعات المعنية. وتساءل رئيس المهمة الاستطلاعية عن ضمانات عدم عودة "المقاتلين" إلى تبني الفكر المتطرف في حالة إعادتهم إلى البلاد ومحاكمتهم وفق القانون المغربي، مشيرا إلى أن المقاربة الأمنية تخشى من حالة العود، خصوصا أن بعض "الجهاديين" نسجوا علاقات دولية في مجال شراء السلاح. من جهته، أوضح سليمان العمراني أنه "من الصعب استعادة هؤلاء دون أن الاكتراث بالأبعاد الأمنية الكبيرة جدا"، مشيرا إلى اختلاف مقاربات الدول في هذا الموضوع الأمني الحساس، وداعيا إلى التفكير في قانون عفو عام بشروط محددة ودقيقة دون مجازفة. وشدد النائب ذاته على أن توصيات المهمة دعت المغرب إلى تفعيل اتفاقية التعاون القضائي مع الحكومة السورية لاسترجاع الذين حوكموا بأحكام في هذا البلد، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية الموجودة وقعت منذ ماي 2011 لكنها تحتاج اليوم إلى تفعيل. كما لفت العمراني إلى أن المغرب كان قد بادر إلى التعاون مع الجانب العراقي في هذا الصدد، لكنه لم يوقع إلى اليوم اتفاقية للتعاون القضائي معه لاسترجاع "الجهاديين".