في سياق تنزيل توجيهات المدير العام للأمن الوطني لمراقبة التراب الوطني: صرف منحة استثنائية لفائدة أرامل ومتقاعدي الأمن الوطني    الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة: الفساد يهدر الحقوق ويجهز على كرامة الإنسان    المغرب يستقبل 8,9 ملايين سائح خلال النصف الأول لسنة 2025    "الفيفا" يثبت تصنيف المغرب في المركز 12 عالميا والأول عربيا وقاريا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    عمر بلمير يكشف موعد طرح "ديالي"    "المغرب الفاسي" يضم "يوسف الدالوزي"    بنموسى يحذر من استغلال القضايا الديموغرافية ويدعو لتجريب "سياسات الغد"    "أنصار الله" تضرب مطار اللد وتتوعد إسرائيل    مطالب ساكنة آيت بوكماز الاجتماعية تُخرجهم للاحتجاج في مسيرة على الأقدام بعد سنوات من الانتظار    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    إنريكي: الظفر بكأس العالم للأندية هدفنا وديمبيلي الأحق بالكرة الذهبية    نجاة الوافي: "سيوف العرب" يعيد إحياء أمجاد التاريخ العربي برؤية فنية احترافية    إعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق تنفيذا للتعليمات السامية للملك محمد السادس    د.الحسن عبيابة: مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بدون عنوان للمرحلة المقبلة    لبلايلي تنفي "بلوكاج" إصلاح المدونة    23 قتيلاً في قطاع غزة بينهم 8 أطفال    رسوم ترامب تشمل الجزائر وعدة دول    أكثر من 90 % من "ملاحظات المجتمع" على منصة إكس لا تُنشر    تفاصيل مشروع قانون أمريكي يخيّر البوليساريو بين الحكم الذاتي والإرهاب    "أوكسفام": أربعة أثرياء في إفريقيا أغنى من نصف سكان القارة    جمعية الناشرين: المشروع يحصن المهنة    "ريمالد" تعتني بزراعة القنب الهندي    دراسة ترصد أمراض البشر منذ 37 ألف عام وأقدم طاعون في التاريخ    أحمد بوكريزية ل"رسالة 24″: برشيد تعيش توسعا عمرانيا مع وقف التنفيذ بسبب تأخر وثائق التعمير    النفط ينخفض وسط مخاوف من تصاعد التوترات التجارية    الخطوط الملكية المغربية تجري محادثات لشراء طائرات من "إمبراير"    المتصرفون بجهة فاس مكناس يطالبون بإنصافهم الإداري ورد الاعتبار لمهامهم داخل قطاع التعليم    حقوقيون يدينون "الملاحقات الكيدية" ضد الناشط إبراهيم ڭيني ويطالبون بحمايته    هل ‬هو ‬الظلام ‬الذي ‬ينبثق ‬عنه ‬الفجر ‬الصادق ‬؟    سقوط سيارة في وادٍ قرب مدرسة أجدير بسبب السرعة المفرطة    استفحال ظاهرة الاعتداء على أعوان السلطة ببرشيد وسلطات الأمن تتحرك بحزم    حسن الزيتوني.. عامل الحسيمة الذي بصم المرحلة بأداء ميداني وتنموي متميز    خورخي فيلدا: الانتصار على الكونغو أعاد الثقة ل"لبؤات الأطلس" قبل مواجهة السنغال    أشرف حكيمي: الرحيل عن ريال مدريد لم يكن قراري    تحسيس بمخاطر السباحة في السدود والوديان من طرف وكالة الحوض المائي لكير-زيز-غريس    مجلس ‬المستشارين ‬يصادق ‬على ‬قوانين ‬مهمة    بعد ‬الإعلان ‬عن ‬نمو ‬اقتصادي ‬بنسبة ‬4.‬8 % ‬وتراجع ‬التضخم ‬    محكمة كورية جنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق    تحطم مقاتلة تابعة لسلاح الجو الهندي ومصرع طياريها    الإيطالي سينر والصربي ديوكوفيتش يتأهلان لنصف نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    المدرسة الدولية بالجديدة تميز وتألق مستمر في الباكالوريا المغربية وباكالوريا البعثة الفرنسية    مجزرة كروية في أمريكا .. الملكي يتهاوى أمام إعصار باريس    "غي -تا" تكشف عن ملامح عملها الفني الجديد "كروا غوج"    في سابقة طبية إفريقية.. المغرب يشهد أول عملية جراحية بتقنية "v-NOTES" لاستئصال الرحم    مازغان يطلق المطعم الموسمي الجديد    عندما ينقلب "الحياد الأكسيولوجي" إلى سلسلة ثنائيات شاردة!    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتظار
نشر في هسبريس يوم 02 - 09 - 2013

لا أدري كم من الوقت ستستمر الحياة، لكني أريد أن أتذكر ما دامت هناك حياة...
أنا المسافر الذي يجتاز الصحراء، لكن أين الوجهة ؟ الحياة قصيرة، و حتى بأهداف مسطرة نحن نخطو بعناية الهية... الماضي فات، و لعله لم يمت، فهو حاضر فينا بقوة وسحر الذكريات... لكن الحاضر كد يومي، و المستقبل بيد الله...
فرنسا... الزمن الذي مضى... زمن العلم و العمل و الفرح و اللامبالاة...
لقد قضيت أزيد من إحدى عشرة سنة في الضفة الأخرى، و أجزم أني أعرف المعنى الحقيقي للذكرى و الأمل و الالم و الحب و المعاناة. منذ صغري أردت أن أهاجر، أن أترك هذا الوطن، و لم أكن أعلم أني سأعود في يوم من الأيام.
اسمي عبد الحق و اتعهد في هذه الأسطر يا سادتي الكرام أن أقول الحق بدون مغالاة، غير أن كل تشابه مع أحداث إضافية تم تخيلها ليس من محض الصدفة. جلي أن الزمن قصير و أني حين أعزف على قيثارة الذكريات تنثال و تنهال من ذهني صور و وجوه و شخوص و حيوات كاملة تتقاطع في مفترق القدر...
لا أبتغي مجدا بتدبيج هذه الكلمات و لا شهرة أدبية و لا أن يقول الناس عني أني صاحب قلم... و حتى إن كنت صاحب قلم أو أي شيء آخر، فاني سأموت يوما، و أدفن وحدي دون قلم أو كتاب أو أي شيء من اشياء الدنيا الفانية.
لا شيء من كل هذا أيها الأعزاء و لكني أتوق الى تشكيل الماضي و الحنين إليه و استرجاع لحظات تعبق باريج الانطلاق و متعة أن يكون تفكيرك في يومك و تترك تدبير شؤون الخلق لخالق العباد.
أمضيت صيفا كاملا في البحث عن عمل، عن عمل أستطيع أن أوفر به مصاريف الدراسة ابتداء من مطلع سبتمبر المقبل. و لعلمكم يا سادة فاني قبلت سلفا للتسجيل في دكتوراة علم الاجتماع بإحدى الجامعات الفرنسية... و توجهت الى المولى بالدعاء الخالص من قلب خالص… إلهي، أرجوك، ساعدني يا إلهي!
قبلت و طار عقلي فرحا، و رقص فوادي رقصته الجنونية المعربدة حينما يستبد به الفرح. و الآن، وجب وضع إستراتيجية لخوض غمار أطروحة دكتوراه من غير منحة دراسية.
حمدت الله سرا و علنا لأنه يمكن لي أن أعمل و أعكف على مشروعي العلمي في الوقت نفسه، و عقدت العزم على البحث بكل قوة عن عمل بنصف دوام...
أرسلت من السير الذاتية العشرات، و ربى العدد الكلي على المئة و الخمسين... و عكفت على قراءة مصنفات و كتب كاملة في التحفيز و تنمية القدرات، لعلي استمد من تجارب الآخرين و من قصص نجاح الكبار فيضا من الأمل و طاقة دافعة إلى الامام.
و انتظرت...
هل كان الانتظار طويلا ؟ هل هذا فقط ما تخيلته ؟ هل الانتظار في الخيال المعذب الجامح يختلف عن نظيره في الواقع الموضوعي المجرد؟
المهم أني انتظرت... وطال انتظاري...
ومللت...
كنت كامرأة حامل في شهرها التاسع و هي تترقب المخاض في اية لحظة... مضحكة هذة الصورة التشبيهية لكنها حقيقية. ا ليس اسمي عبد الحق؟؟...
كان ثمة انتظار و ضجر و ضيق و ملل...
و جاء الفرج !
و اشتغلت منذ نهاية يونيو في جني العنب. كان عملا شاقا قصم ظهري وأرغمني على النهوض في الرابعة صباحا و افقدني يا سادتي عشرة كيلوغرامات، فغدوت و أنا أعمل تحت سياط الشمس اللاهبة في سرعة الثعلب ورشاقة النحلة و قوة النسر...
و كانت بداية معرفتي بفريد الذي اعتززت بصحبته لسنوات...
شاب عشريني، رائق السمرة، ممشوق القامة، مفتول العضل، في تقاسيم وجهه مرح إفريقي، و في ثنايا أحاديثه بهجة و أمل و إقبال جنوني على الحياة.
و كان فريد مثلي يطرح اسئلة كثيرة عن جدوى المكوث هنا أو الرجوع إلى الوطن. كان حلمي التعمق في بحار علم الاجتماع، وكان فريد مشروعا لمهندس طموح في قطاع المناجم...
و كنا معا نتقاسم فيضا من الأفكار في السياسة و المجتمع و الدين و حب الوطن. و علمت منذ مدة ليست بالقليلة أن فريد عاد ادراجه إلى منبته و مسقط رأسه و أنه بذلك قد اتخذ القرار الصحيح... علمت بالخصوص أنه سعيد و راض. ا ليس ذلك هو هدف الحياة ؟ سعادة و رضا و غنى عن الناس...
تهانئي الحارة يا صاح، و عقبى لي إذا أراد الله...
و جاء الفرج مرة أخرى....
و وجدت عملين بدل العمل الواحد و الوحيد الذي كنت عنه ابحث. و ذكرني ذلك بالتعبئة المضاعفة التي تسمح بها في الأعياد و المواسم بطاقات الهاتف الجوال ... و اشتغلت في بداية العام الجامعي بنصف دوام في توزيع الجرائد صباحا و في مطعم الجامعة ظهرا...
الزمن نسبي. و عندما أرى سرعة تحقق هدفي فاني لا يسعني إلى أن أحس بشعور غامر بالسعادة و النصر، و يلهج لساني لخالقي بعظيم الشكر...
وكانت حياة حلوة كلها عمل و إنتاج و علم و أسفار و إفادة و تشييد و بناء... كل ذلك كان رائعا، و يدهشني أن هذه القصة المعيشة كانت على هذا النحو...ولست ادعي أن سنوات الغربة كانت كلها نجاحا في نجاح، و لكني كنت دوما ميالا إلى المضي قدما نحو تجارب جديدة ومغامرات جديدة، لا يهم إن كللت بالنجاح أو بغيره.
ومرت السنوات بسرعة البرق، اشتغلت بالتدريس بفرنسا لسنوات ثلاث... و مللت من الغربة...
و وجدتني الآن، و أنا أدبج هذه الكلمات، أعمل أستاذا جامعيا بأرض الوطن.
أديب و أكاديمي / أستاذ باحث بالمعهد العالي للإعلام و الاتصال
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.