كشفت لجنة الحق في الحصول على المعلومات، في تقريرها الممتد من مارس 2019 إلى مارس 2024، عن حصيلة شاملة لتنزيل القانون 31.13، مبرزةً تقدماً ملحوظاً في عدد الطلبات المعالجة والتفاعل المؤسساتي، مقابل استمرار اختلالات بنيوية تعيق تفعيل الحق بشكل كامل. التقرير الذي يتوزع على ثلاثة محاور رئيسية يقدم صورة دقيقة عن سير عمل اللجنة، وتفاعل المؤسسات العمومية، والطلب الاجتماعي المتزايد على المعلومة. ووفق المعطيات الواردة، بلغ مجموع الطلبات الواردة على بعض القطاعات الحكومية 25.999 طلباً إلى حدود 31 مارس 2024، تمت معالجة 25.933 منها بنسبة تفوق 99%، فيما تلقت الوزارة نفسها 54 شكاية من أصل 61 منذ 2019، عولج معظمها في الآجال القانونية. وخلال الفترة الممتدة بين أبريل 2022 ومارس 2024، بلغ مجموع طلبات المعلومات 7275 طلباً، تمت معالجة 6904 منها عبر بوابة "شفافية"، بنسبة 94%. كما سجل التقرير في قطاع آخر توصل الإدارات ب239 طلباً بين 2019 و2024، تمت الاستجابة لأغلبها بشكل كامل، منها 50 طلباً سنة 2020 و98 سنة 2021 و43 سنة 2022 و35 سنة 2023 و13 طلباً خلال الأشهر الأولى لسنة 2024. وأشار التقرير إلى أن الشكايات التي تتوصل بها اللجنة تكشف مجموعة من الإشكالات، من بينها أن عدداً مهماً منها يرد خارج اختصاص اللجنة، إضافة إلى وجود صعوبات في تقدير "الصبغة الاستعجالية" للطلبات، ما دفع اللجنة إلى المطالبة بتدقيق المقتضيات القانونية المنظمة لهذا الجانب. كما أبرزت اللجنة لجوء بعض المؤسسات إلى التذرع الواسع بالاستثناءات لرفض تسليم المعلومات، وهو ما اعتبرت أنه يتطلب تقييد السلطة التقديرية وفرض جزاءات تأديبية عند إساءة استعمال الاستثناء. وبيّن التقرير أن إعمال الحق في الحصول على المعلومة ما يزال يصطدم بعدد من الإكراهات البنيوية التي تطبع الإدارة العمومية، وعلى رأسها محدودية الانفتاح الإداري واستمرار ثقافة السرية، وضعف شفافية المعلومات المالية المتعلقة بالمال العام ومصادر التمويل ومجالات الإنفاق، إلى جانب تعقّد المساطر الإدارية وتعددها، ومحدودية منظومة المساءلة والتقويم وضعف منهجية التخطيط والبرمجة. كما أبرز التقرير أن طبيعة المعلومات المطلوبة من المواطنين تتراوح بين المعلومات الإدارية والصحية والوظيفية والقضائية والطاقة والماء والكهرباء والبيئة والصفقات العمومية والثقافة والرياضة والضرائب وغيرها، وفق ما يبرزه التصنيف الإحصائي الوارد ضمنه. وسجل التقرير تفاوتاً لافتاً بين المؤسسات العمومية في التعامل مع مراسلات اللجنة، حيث تجاوبت بعض الجماعات الترابية والهيئات العمومية ومؤسسات رقابية مثل هيئة مراقبة التأمينات ومجلس المنافسة ووزارة العدل ووزارة المالية ووكالات مائية ترابية. وتؤكد هذه المؤشرات—بحسب التقرير—أن مستوى الامتثال يظل متفاوتاً، ويحتاج إلى تحسين وتوسيع دائرة الالتزام بالمقتضيات القانونية. وفي جانب النشر الاستباقي، كشف التقرير أن عدداً من المؤسسات التزمت بنشر وثائق التعمير والقرارات الإدارية وتقارير التدبير الحضري والصفقات العمومية والقوانين والمراسيم والبرامج التوقعية، خصوصاً على مستوى الوكالات الحضرية والإدارات المركزية، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن هذا الجانب ما زال يحتاج إلى تطوير ليصبح آلية محورية في تقريب المعلومة وتقليص حجم الطلبات. كما رصد التقرير دينامية قوية في التعاون المؤسساتي، من خلال سلسلة اتفاقيات شراكة، أبرزها تلك المبرمة مع اللجنة الوطنية لمراقبة المعطيات ذات الطابع الشخصي، ورئاسة النيابة العامة، والمديرية العامة للجماعات الترابية، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، إضافة إلى توقيع اتفاقيات مع وزارة الانتقال الرقمي لتعزيز أخلاقيات معالجة المعطيات، وبرامج مشتركة مثل "INFO TIKA" و"HIGH TECH". كما تم تنظيم لقاءات وطنية وندوات تواصلية، من بينها لقاء صفرو حول معايير تقييم الحق في الحصول على المعلومات، إلى جانب تعزيز الحضور الرقمي والبلاغات الإعلامية.
وخلص التقرير إلى أن المغرب قطع خطوات مهمة في تكريس الحق في الحصول على المعلومة، لكنه ما يزال يحتاج إلى مزيد من الإصلاحات والتنسيق المؤسساتي وتبسيط الإجراءات، وتعزيز الشفافية المالية، وتطوير أدوات النشر الاستباقي، ومراجعة بعض المقتضيات القانونية لضمان حماية أكبر لهذا الحق، بما يحقق الانسجام بين النص القانوني والممارسة الفعلية.