فيما يشتكي الأُجَراءُ من ضُعف مراقبة ظروف عملهم داخل المؤسسات الإنتاجية من قِبل مفتشي الشغل، ومدى احترام أرباب العمل للحقوق التي يخوّلهم إياها القانون، يتشكي مفتشو الشغل بدورهم من عدد من العراقيل التي تُعيق عملهم وتحُول بينهم وبين تأدية مهامّهم كما يجب. في الجلسة الثانية لورشة العمل التي نظمتها وزارة التشغيل والتكوين المهني بشراكة مع وزارة العدل والحريات ومنظمة العمل الدولية اليوم بالرباط، تحت شعار "قطاعا التشغيل والعدل من أجل تعاون وتنسيق أمثل"، التي جاءت في إطار التنسيق بين الوزارتين لتقوية صلاحيات مفتشي الشغل وتذليل العراقيل التي تعترضهم، من أجل الوصول إلى العدالة الاجتماعية للعمالة داخل المؤسسات الإنتاجية، استعرضت تدخلات عدد من المشاركين في الورشة العراقيل والإكراهات التي تعترض عمل مفتشي الشغل، وتؤثر سلبا على مردودية عملية التفتيش والمراقبة. العربي عريش، نائب أوّل لوكيل الملك بالدارالبيضاء، قال في تدخّله إنّ المُشرّع خوّل ضمانة قانونية لمفتش الشغل لإنجاز مهامّه باعتباره موظفا عموميا بقوّة القانون، يخضع لمضمون الفصل 263 من القانون الجنائي، الذي يضمن له الحماية من الإهانة ومن العنف اللذين قد يتعرّض لهما أثناء مزاولة مهامّه، واللذان تصل عقوبة مقترفهما في حقّ مفتش الشغل إلى 6 أشهر وخمس سنوات حبسا على التوالي، كما أنّ محاضر المخالفات التي يحرّرها مفتشو الشغل هي بمثابة حالة تلبّس لا يُطعن فيها إلا إذا تقدّم الطرف الذي حُرّر ضده محضر المخالفة بشكاية تزوير المحضر. المتحدث ذاته أضاف أنّ مفتش الشغل لا يحق للشرطة أن تستدعيه للاستماع إليه، وأنّ الجهة الوحيدة المخوّل لها استدعاؤه هي النيابة العامّة، مؤاخذا وزارة التشغيل على عدم حذْو بعض الهيئات مثل المحامين والمفوضين القضائيين والموثقين والعدول، وتخويل الاستماع إلى مفتشي الشغل من طرف النيابة العامّة فقط. مندوب التشغيل بمدينة الدارالبيضاء تطرّق في تدخّله إلى عدد من المعيقات التي تعترض عمل مفتشي الشغل، والتي يكون لها انعكاس سلبيّ على مردودية المراقبة، كما تطرق إلى مسألة استدعائهم من طرف الشرطة، والتحقيق معهم وأخذ هوياتهم، في حال تقدَّم أحد أرباب الشغل بطعن في محضر المخالفة. وأضاف مندوب الشغل بالدارالبيضاء أنّ أرباب المؤسسات الإنتاجية يحُولون في أحيان كثيرة دون تمكّن مفتش الشغل من ولوج المؤسسة المُراد مراقبتها، متسائلا عمّا يجب أن يقوم به مفتش الشغل في هذه الحالة، هل يكتفي بتحرير محضر العرقلة في حقّ ربّ المؤسسة دون تحرير محضر المخالفات التي تعرفها المؤسسة، والتي توصّل بشكايات بشأنها؟ مضيفا أنّ من بين المعيقات التي تعوق عمل مفتشي الشغل امتناع أرباب العمل عن الإدلاء بالوثائق لمطابقة التصريحات بما هو مدوّن على السجلاّت. من جهته تطرّق مندوب التشغيل بطنجة إلى إشكال عدم معرفة مآل المحاضر التي يُحرّرها مفتشو الشغل بعد إيداعها لدى المحاكم، وهو ما يحول دون أن تمثّل هذه المحاضر وسيلة لردع أرباب الشغل المرتكبين لمخالفات، وهو ما يؤدّي إلى حالات العود. كما تطرق إلى مشكل بُطء وتيرة البثّ في المحاضر الزجرية المحالة على المحاكم، حيث توجد ملفات تستغرق مدّة البث فيها ما بين 5 و7 سنوات، وفي حالات يتمّ إرجاع المحضر بسبب وجود خطأ شكلي، داعيا إلى إحداث تنسيق بين المحاكم ومفتشيات الشغل، من أجل تجاوز هذه العراقيل. الدعوة إلى التنسيق بين وزارة الشغل ووزارة العدل والحريات، كان من أهمّ المطالب التي دعا إليها المتدخّلون، وكان من بين النقط التي تضمّنها التقرير الختامي لأشغال الورشة، حيث أعلن مدير الشغل بوزارة التشغيل والتكوين المهني عن إحداث لجنة وزارية بين وزارتي العدل والحريات ووزارة التشغيل والتكوين المهني، للتنسيق بين الوزارتين في هذا المجال، مضيفا أنه لكي يُطبّق القانون لابد أن يكون هناك تعاون بين الوزارتين "وفي غياب التعاون يستحيل تطبيق القانون"، يضيف المتحدث ذاته.