الحوار الاجتماعي بالمغرب بين الشكلية والفعالية    "مراسلون بلا حدود": حرية الصحافة عالميا في أسوأ حالاتها على الإطلاق    عيد العمال.. الكونفدرالية ببني ملال "تحتج" في مسيرة حاشدة    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    الجنرال يرمي جيرانه بالحجارة    "الأونروا": حصار إسرائيل على غزة يقتل مزيدا من الأطفال والنساء يوميا    الفاتيكان يثبت "مدخنة اختيار البابا"    التدخلات الإنسانية تتأزم بقطاع غزة    لجنة الأخلاقيات توقف العديد من المسؤولين عن كرة القدم بين سنة وثلاث سنوات بسبب اختلالات في التسيير    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    مطار برلين يضبط كيلوغرامات من الهيروين عند أربعيني    التبرع بالأعضاء يضع السعودية في المرتبة الثالثة عالميا    إحباط عبور "شحنة شيرا" إلى سبتة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    العثور على جثة شخص داخل منزل بشارع الزرقطوني بعد اختفائه لثلاثة أيام .    الفنان الممثل محمد الشوبي في ذمة الله    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    رحيل الفنان محمد الشوبي عن عمر 63 سنة بعد معاناة طويلة مع المرض    الفنان محمد شوبي يغادر الدنيا إلى دار البقاء    الساحة الفنية المغربية تفقد أحد أعمدتها برحيل الفنان محمد الشوبي    حين يتحول الانفعال إلى مشروع سياسي: في تفكيك خطاب بنكيران حول "القضية" و"الحمار"    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    اللاعب المغربي الذي أبهر العالم بأدائه المجنون … !    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    اسرائيل تشن هجوما على منطقة مجاورة للقصر الرئاسي في دمشق لحماية "الدروز"    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    "أشبال المغرب" يستهلون كأس إفريقيا بفوز شاق على منتخب كينيا    الدمناتي: مسيرة FDT بطنجة ناجحة والاتحاد الاشتراكي سيظل دائما في صفوف النضال مدافعا عن حقوق الشغيلة    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحة النفسية من خلال الوحيين
نشر في هوية بريس يوم 22 - 01 - 2016


هوية بريس – الجمعة 22 يناير 2016
تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية المنشورة في موقعها على شبكة الإنترنيت -بتاريخ 10/09/2007، بمناسبة اليوم العالمي للوقاية من الانتحار- أن ما يناهز: 3000 شخص في العالم ينتحرون يوميا، وحسب إحصاءات هذه المنظمة أيضا، فإن ما يقارب: 450 مليون شخص من سكان العالم يعانون من اضطرابات نفسية وعصبية، وأكثر من: 90 في المئة من حالات الانتحار سببها اضطرابات نفسية، وبالأخص مرض الاكتئاب، وتشير تلك الإحصاءات إلى أن معدلات الانتحار تقل بشكل واضح في المجتمعات الإسلامية بالمقارنة مع المجتمعات الأخرى. (منار التربية الإسلامية: ص:50).
ولقد فسر القرآن الكريم أحوال النفس البشرية بما يتصل بها من الخواطر والهواجس من فرح و حزن، ووحشة وأنس، وقلق واضطراب وغير ذلك، مما سجله العلماء بعد طول معاناة ودراسة وتأمل، وفى القرآن الكريم معلومات كثيرة وشاملة عن النفس البشرية، لأن مهمته الأولى هي التربية والتوجيه، فهو كتاب يخاطب النفس ويوجهها نحو الكمال النفسي والسلامة الروحية.
قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طيبة" (النحل:97).
أي: من آمن بوعد الله، وصدق بثوابه، عاش حياة هنيئة مطمئنة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنها السعادة، وقال الضحاك رحمه الله: من عمل عملا صالحا وهو مؤمن في فاقة أو ميسرة، فحياته طيبة، وقال بعضهم: عَنَى أنه يحييهم في الدنيا ما عاشوا فيها بالرزق الحلال.
تفسير الطبري: الآية السابقة.
وقال تعالى: "فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا" (طه:123124).
أي: من استقام على شرعي وما جاءت به رسلي من الحق والهدى، فإنه لا يضل في الدنيا، فيعيش مطمئنا مهتديا، ولا يشقى في الآخرة، لأنه من أهل الحسنى وزيادة، ومن أعرض عن ذكر الله وما جاءت به رسله، عاش حياة قاسية تعسة، وهذا من العقاب المعجل، وله يوم القيامة العذاب الأليم في دار الهوان والجحيم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا". رواح البخاري في الأدب المفرد رقم300.
ومعنى ذلك: أنه من أنعم الله عليه بالعافية في بدنه، والأمن في سربه، والكفاف في عيشه، فقد تحققت لديه مقومات السعادة في الدارين، وقد وجب عله الشكر، بصرف تكلك النعم المختلفة فيما يرضي الله عز وجل، ويشير الحديث أيضا: إلى أن الإنسان كلما تحققت له حاجاته المادية والوجدانية، كلما شعر بالاستقرار والاطمئنان النفسيين.
وقال صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر؛ فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيراً له". رواه مسلم.
عجبا: فإن المؤمن في قضاء الله وقدره بين أمرين، فهو في الحالتين يعتبر نفسه على خير، وبين نعمة الدارين، فيشعر براحة نفسية، وطُمأنينة قلبية، تنشله مما هو فيه من الهم والضيق، فيشكر الله على ذلك، قال ابن رجب -رحمه الله- في لطائف المعارف: كل نعمة على العبد من الله في دين أو دنيا يحتاج إلى شكر عليها، ثم التوفيق للشكر عليها نعمة أخرى تحتاج إلى شكر ثان، ثم التوفيق للشكر الثاني نعمة أخرى يحتاج إلى شكر آخر، وهكذا أبدا، فلا يقدر العبد على القيام بشكر النعم، وقال الشعبي رحمة الله عليه: الشكر نصف الإيمان، واليقين هو الإيمان كله.
أسئلة في فهم الجذور، واستكناه الوجود والمصير
قال الدكتور عدنان الشريف: "هناك ثلاثة أسئلة تطرح نفسها على تفكير كل عاقل …لماذا جئت إلى هذا الوجود ؟ ما وظيفتي و ما معنى حياتي في هذه الدنيا؟ وكيف سيكون مصيري بعد المو؟… وإذا لم يجد الإنسان جوابا شافيا لهذه الأسئلة فهو حتما مريض نفسيا بصورة طاهرة أو مستترة…." (علم النفس القرآني ص:62).
إن أغلب الأمراض النفسية سببها المعاناة الوجودية، التي تؤرق عقول الحائرين في فهم معاني الحياة والموت والمصير، بسبب افتقادهم لمرشد يرشدهم إلى الحق، ولا هادي للعقل البشري في سعيه الحثيث للإجابة عن هذه الأسئلة غير القرآن الكريم.
لأن هناك من يعتقدون بأن الله تعالى خلقهم دون غاية محددة، ومن غير قصد معين، فيعيشون حياتهم مليئة بالتخبط والعشوائية والاضطراب، يلهثون وراء الشهوات والملذات، معتقدين في ذلك أن السعادة الحقة هي في جمع المال واكتناز الدثور، وتحقيق حاجيات الجسد الفاني، ولا فرق بينهم وبين المخلوقات الأخرى، وكلما اقتربوا من تحقيق ذلك، كلما أحسوا بالفراغ الداخلي يتسع، لا تملأه المادة الفانية الآنية، وإن الفناء هو أقصى ما يرعب الإنسان، ويتعسه، وكل من يعتقد أن حياة الإنسان منتهية بالعدم يكون عيشه هولا، وفزعا لا يطاق.
قال تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ" (المؤمنون:115).
وقال تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" (الإسراء:70).
والله عز وجل خلق هذا الإنسان من مادة وروح، ودعاه إلى تحقيق التوازن بينهما، فإذا كان الجسد المادي قد خلق من تراب أرضي، فغذاؤه أرضي كذلك، فيهو يتغذى بكل ما ينبت من التراب، ومآل هذا الجسد في النهاية إلى التراب.
قال تعالى: "مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ" (طه:55).
وأما الروح فأصلها من السماء، من عند الله عز وجل، فهي تتغذى كذلك من السماء، من خلال وحي الله تعالى المنزل، ومآلها في النهاية إلى السماء، فيفتح لها فترقى، كما في السنة الصحيحة.
وقال تعالى: "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" (الحجر:29).
ومن أروع ما قيل في هذا المقام:
يا خادم الجسم كم تفنى بخدمته؟***أتطلب الربح فيما فيه خسرانُ؟
أقبل على الروح واستكمل فضائلها***فإنك بالروح لا بالجسم إنسانُ
وقد خلق الله –تعالى- هذا الإنسان في هذا الحياة لأهداف سامية، ومقاصد جليلة، من أهمها:
أ- عبادة الله تعالى.
قال تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الذاريات 56.
والعبادة هي الطاعة المطلقة، والعبادة تشعر بمعية الله عز وجل، فتسكن النفس، وتتخلص من الجزع والغم والقنوط، ويغمرها حسن الظن بالله واليقين بالفرج، فتصغر أمامها الأهوال، وتهون عليها المصائب.
ب- الاستخلاف، والإعمار.
قال تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" (البقرة:30).
والاستخلاف بشروط يشعر صاحبه بالتكريم الإلهي لهذا الإنسان، فيحس المؤمن بشرف الوجود الإنساني، ورفعة مقام هذا الكائن، الذي انتخبه الله من بين الموجودات، وهيأه ليقوم بمهمة النيابة والوكالة، ليدرك سمو هذا التكليف، ويشعر برفعة ذاتية، مما يفضي به إلى استعظام دوره في الحياة، وينأى به عن اليأس والعبث، فيكسبه قدرة على التكيف مع الواقع، وحل مشكلاته، وامتلاك مهارات التفاعل الاجتماعي، والتحكم الانفعالي.
وتتنمى هذه الصحة عند المؤمن: بتقوية صلته بخالقه، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، في السر والعلن، وتصحيح تصوره للوجود والمصير، وتوافقه مع نفسه ومع غيره، والصبر على الشدائد، واستعمال المرونة في مواجهة الواقع، انطلاقا من قول الله عز وجل: "…لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم" الحديد 23، وقوله تعالى: "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة:216).
في رحاب التربية الإسلامية: ص55 وما بعدها بتصرف.
ج- الابتلاء والاختبار.
فالعلاقة التي تربط الإنسان بالحياة الدنيا في التصور الإسلامي، هي علاقة ابتلاء؛ أي: اختبار وامتحان، وهي تعني اختبار طاعة الإنسان لله -عز وجل- واتّباع تعاليمه في جميع شؤون الحياة، وهذا الابتلاء هو المظهر العملي لعلاقة العبودية بين الله تعالى والإنسان، وعمر الإنسان هو الزمن المقرر لهذا الابتلاء؛ كما قال تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا. (الملك:2).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.