بورصة البيضاء تبدأ التداولات بالأخضر    الذكاء الاصطناعي و"كابسولات الميوعة"..حين تتحوّل التقنية إلى سلاح لتفكيك الهوية المغربية    القضية ‬الفلسطينية ‬في ‬ضوء ‬بيان ‬اسطنبول    كأس العالم للأندية.. الوداد الرياضي يواجه العين الإمارتي وعينه على إنهاء مشاركته بانتصار    الدين العام الفرنسي يتجاوز 3.3 تريليون يورو متجاوزا 114% من الناتج المحلي    قرار أوروبي يلزم شركات الطيران بإلغاء الرسوم الإضافية على الأمتعة اليدوية    ندوة بلا نساء... وعدالة انتقالية بلا ذاكرة؟    أسعار الذهب ترتفع وسط تراجع الدولار الأمريكي    نحو عالم متعدد الأقطاب    بنك المغرب: ارتفاع القروض بنسبة 3,9 في المائة    عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    الجرف الأصفر : شركة 'كوبكو' تدشن أول وحدة صناعية لمواد بطاريات الليثيوم–أيون بطاقة إنتاجية تبلغ 40.000 طن    إدانة رابطة مغربية لتأخير رحلة Ryanair بمطار الرباط    الاحتيال يهدد زبائن تأجير السيارات    أمينة بنخضرة: المغرب يؤكد التزامه بدور ريادي في تنمية إفريقيا    تقرير: "تشظي المؤسسات" يعرقل تدبير الأزمات المائية في المغرب    قضيتنا الوطنية.. حين يشيخ الخطاب وتتمرد المرحلة    قتيلان جراء عواصف قوية في فرنسا    المجر تحذر سفراء أوروبيين من المشاركة في مسيرة محظورة للمثليين    إسرائيل تعتقل طالبا بتهمة التجسس    الاتحاد الاشتراكي يساند الفلسطينيين    مونديال الأندية: إنتر يقصي ريفر بلايت ويتجنب مواجهة دورتموند    مغاربة العالم يعقدون ندوة حوارية بباريس حول الورش الملكي الخاص بالجالية    "الحسنية" تأذن بسفر المدرب الجديد    الرباط تحتضن دوري الراحل بوهلال    الابتزاز وراء عقوبتين بالكرة النسوية    توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    حريق غابوي يندلع بغابة "ثندا إفران" بإقليم الحسيمة واستنفار للسيطرة عليه    كيوسك الخميس | المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    دراسة مغربية تعدد صعوبات تنفيذ الأحكام القضائية في التعرضات العقارية    تباين الموقف النقابي يربك "الجبهة الاجتماعية" في قطاع التعليم العالي    معرض يستحضر الأندلس في مرتيل    أكاديمية المملكة المغربية تكرم 25 سنة من الأدب الإفريقي في "غاليمار"    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    سوق الكوكايين العالمية تحطم أرقاما قياسية    تثبيت كسوة الكعبة الجديدة على الجهات الأربع مع مطلع العام الهجري    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلومينينسي يعبر إلى ثمن النهائي عقب تعادل سلبي أمام صنداونز    ما علاقة الإعلام بتجويد النقاش العمومي؟    تعيين عالمة الأحياء المغربية جنان الزواقي عضوا في الأكاديمية الإيبيرو-أمريكية للصيدلة    وفاة شاب إثر سقوط من سطح منزل بطنجة    حريق يُخلّف إصابتين في حي بوحوت بطنجة    طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة    أولمبيك الدشيرة يحرز لقب أول نسخة من كأس التميز    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    موازين.. الفناير تراهن على التراث والتجديد لمواجهة ضغوط السوشيال ميديا    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة        عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانقلاب الفاشل… نحو حل لغز مفتعل!!
نشر في هوية بريس يوم 19 - 07 - 2016

بالأمس اختلفت الآراء والمواقف والأفكار حول الانقلاب الفاشل في تركيا… فمن الناس من حمد الله أن جنب تلك البلاد سوءا مدلهما… ومنهم من فرح بحبور وانبساط لا حدود له في البداية ثم لما انجلى الغبار… كاد يمج دما من الغيظ والحنق…
وستعلم إذا انجلى الغبار***أفرس تحتك أم حمار
وبعد السكرة حضرت الفكرة… فتفتقت عبقرية الغاضبين من فشل الانقلاب وخاصة صعاليك الإعلام المصري ودجاجلته… عن فكرة جهنمية خطيرة وهي: هذا الانقلاب مصطنع…!!!
قلت لأحدهم حاورني: ما دليلك؟… فسرد علي معلومات كلنا نعرفها…
قلت: هذا لا دليل فيه ولا برهان.
قال: الدليل على ذاك هو انه فشل بسرعة…
قلت له: فماذا لو نجح بسرعة… هل كنت ستقول انه مصطنع…؟؟
فدارت عيناه في محجريهما من صدمة المفارقة…
فقلت سريعا: إن ميزة كل انقلاب هي المفاجأة والسرعة… وفي المقابل تكون النتيجة مفاجئة وسريعة… فلماذا تقبل بنتيجة النجاح وترفض نتيجة الفشل؟؟ أما أن الحقيقة لا تكون ألا كما ترون وتتمنون؟؟
قال: فما مبرر ما وقع… فإنه صادم ومفاجئ… خاصة أنهم في ليلة وصباحها أصدروا أمرا بتوقيف كذا وكذا قاضيا وتنصيب آخرين مكانهم… وهو أمر يحتاج إلى وقت طويل، مما يدل على أنهم هم من افتعل ذلك الانقلاب وأنهم كانوا متهيئين له ليتخذوه ذريعة لذلك وتبريرا؟…
قلت: إن الجواب عن تساؤلك متضمن في طبقات كلامك .
قال: كيف؟؟
قلت: لقد ذكرت معلومتين مختلفتين…
الأولى: أن أردوغان ومن معه افتعلوا الانقلاب…
والثانية: أنهم كانوا متهيئين له مستعدين بكامل جاهزيتهم… كأنهم على موعد معه..
وتفنيد فكرة الافتعال سهلة لمن له عقل ولب… فمن غير المعقول أن يغامر مدير مثلا بانقلاب مفتعل على بعض المسؤولين في الشركة أو الإدارة بوظيفته خاصة مع عناصر محدودة لغرض في نفسه يتغياه… خوفا من أن يقع فريسة لمغامرته المحدودة تلك فيخسر خسرانا متوقعا أو غير متوقع… فكيف يغامر رئيس دولة كبيرة ومن معه وسط أجواء شديدة الخطورة… وسريعة الاشتعال سياسيا وعسكريا في محيطها الملغوم ليفتعل انقلابا في دولة اعتاد عسكرها على الانقلاب نفسيا وعمليا…؟؟ سيكون أعمى وأضل سبيلا… بينما الأعداء متربصون بمخابراتهم وجواسيسهم وعيونهم التي لا تنام…
ولذلك لا يقبل هذه الفكرة إلا شخص لا يستطيع لضعف في مستواه العقلي والنفسي والمعلوماتي أن يفقه خطورتها وشدتها… أو شخص يعرف ولكنه يصدقها ذريعة للتنفيس عن حقده وغضبه لفشل الانقلاب…
وأما الفكرة الثانية: وهي أن أردوغان ومن معه كان متهيئا لذلك الانقلاب… فهاهنا معقد القضية ومربط فرسها ، لأنها من المتشابه الذي لا يفقهه إلا الحكماء وذوي التدبر العقلي المتسامي…
وأنا أقول: نعم !! لقد كان متهيئا له متحفزا ينتظره ويستعد له.. ولكن بغير المعنى المتهافت الذي اخترعه دجاجلة الإعلام شرقا وغربا…
كيف؟؟
لا يختلف اثنان أن السياسة الخارجية لتركيا سواء كانت في نظرنا صائبة أو خاطئة… قد دفعت كثيرا من الدول شرقا وغربا على الحفر المستمر سياسيا واقتصاديا ومخابراتيا… لإصابة تركيا بضربات مؤلمة تضعفها وتؤدي إلى زعزعة توازنها داخليا وخارجيا… فعمدوا إلى إثارة جهات داخلية للقيام بمظاهرات تقسيم ومحاولة تشويه الإسلاميين الحركيين وعلى رأسهم أردوغان وحزبه وحكومته… ثم الضربات الإرهابية… وآخرها لم يمض عليه وقت طويل… إضافة إلى نشر الشائعات عن علاقة تركيا بالتنظيم الإرهابي (داعش)… أمام هذا التكالب المحموم لا بدع أن تتسلح تركيا بيقظة فائقة ووعي مركز بكل ما يحيطها، وأن تجهز مخابراتها بكل ما يحفظ الدولة داخليا وخارجيا… ومن المعلوم أن المخابرات التركية من ارسخ المخابرات في الشرق ومن أشدها قوة تنظيم وتغلغل في تفاصيل الداخل والخارج وخاصة سراديب العسكر الذي لم تتورع مؤسسته عن تأسيس تاريخ انقلابي متراكم طيلة عقود… فهذه المؤسسة نظرا لخطورتها وموقعها كانت في إنسان عين مخابرات الدولة التركية الموالية للشعب والتجربة الديمقراطية… وفي بؤبؤ وشغاف اهتمامها… كما أن اهتمامها مسلط على بعض الهيئات أو الجهات التي قد تسبب قلاقل أو مشاكل للدولة وشعبها وسلامها… مثل الأكراد أو بعض الجماعات الصوفية والطرقية التي تعارض نهج حزب العدالة معارضة سافرة وعدوانية كجماعة فتح الله كولن الصوفية النقشبندية، ذات الولاء المديد للعلمانية الاتاتوركية ككثير من الطرق الصوفية كالبكداشية والرفاعية والمولوية… مما لا يعرفه الكثير من الإسلاميين الذين لا يرون من كولن سوى المفكر الإسلامي المسالم والمربي… كما يقع مع كثير من الشخصيات التاريخية أو المعاصرة… دون الكشف عن الوجه الاخر الخفي او المسكوت عنه، ولعل أهم ما زعزع الارتباط بين حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان والجماعة الصوفية هو انه متهم عندها بخروجه عن الخط الصوفي (الذي تخرج من بوتقته هو نفسه وقبله نجم الدين اربكان وعبد الله جول) عندما ساند جماعة الإخوان المسلمين في مصر (علما أن جماعة الإخوان ذات جذور صوفية /حصافية ) إضافة إلى موقف الحكومة التركية بقيادة أردوغان من القضية السورية… وهذا ما أكد عليه شيخ الطريقة الحبيبية في مصر عبد الباقي الحبيبي الذي أكد في حواراته مع الإعلام سنة 2013 أن الطرق الصوفية كانت تناصر الحكومة التركية لأنها كانت تناصر الطريقة التقشبندية… .فلما زاغت عن هذه الطريقة فإنها أي الطرق الصوفية سوف تشارك في الثورة على الحكومة وهذا من المعلوم الموثق في الشبكة العنكبوتية… قبل سنوات.
بعد هذه الجولة العابرة للواقع الذي يتربص بالحكومة والدولة التركية لا مفر من الإيمان بأن المخابرات التركية كانت تحيط وتتبع الكثير من الخيوط التي تكون نسيج المؤسسة العسكرية وكذلك الطرق الصوفية خاصة النقشبندية وتحركات فتح الله كولن وجماعته الصوفية في الداخل والخارج خاصة أمريكا مستقر منفى كولن… وبذلك نجد أنفسنا أمام خطين اثنين متناقضين سطحيا إلا إنهما متفقين في العداء للحكومة التركية والرئاسة الرجبية… ويسعيان حثيثا منذ مدة لإفشالها أو مواجهتها وإثارة الفتن في طريقها…
1- الخط الاتاتوركي العلماني الشرس في الجيش والقضاء
2- والخط الصوفي الموالي منذ عقود طويلة للتوجه العلماني والذي يسيطر على فئات لا بأس لها في الجيش والقضاء أيضا… .فهل المطلوب والمنتظر من المخابرات التركية أن تغض الطرف عن كل ذلك الحراك الاتاتوركي الصوفي وأعماله ونياته المناهضة للحكومة والتجربة الإسلامية الحركية المحنكة لحزب العدالة… أم انه ينبغي على المخابرات أن تحيط علما ومعرفة بسراديب وأنفاق ذلك الحراك خاصة في الجيش والقضاء…؟؟؟… وعلينا أن نعلم أن ذلك الحراك كان يفعل فعله منذ سنوات خاصة مع الأزمة السورية وداعش ومشكلة الإخوان المسلمين في مصر… ولا بد أن القائمين وراءه من الجيش والقضاء خاصة كانوا يطبخون ويعملون في الخفاء لإنجاح خططهم وترتيبها وتطبيقها ساعة الصفر…
إن ذوي التحليلات السطحية الغافلة او النيات المبيتة الحاقدة يلغون عمل المخابرات ويحجبون أو يتناسون دورها الخطير في المراقبة والتتبع لحفظ النظام والشعب… لذلك كان استغرابهم شديدا حين انكشف الانقلاب المخطط له سريعا… وحين أصدرت الحكومة أمرها بتوقيف عناصر من الجيش ومئات القضاة… وكأنهم لا يعلمون أو لا يفكرون واقعيا وعلميا أن المخابرات كانت تعرفهم قبل شهور وربما سنين… وأسماؤهم وأنشطتهم مسجلة بدقة في ملفات المخابرات كما هو حال جميع مخابرات الدول أم يريدون أن تكون المخابرات التركية بدعا وشذوذا صماء بكماء عمياء؟؟؟…
وهنا يتجلى الذكاء الأردوغاني الذي فاجأ الجميع وأربكهم… فلو أن أردوغان ألقى القبض على أفراد من الجيش والقضاء وعزلهم لضلوعهم في السعي لقلقلة الوضع في تركيا عن طريق التخطيط لانقلاب مستقبلي… لو حدث ذلك لكان بابا واسعا ينفتح لكل ذوي النيات السيئة والتوجهات المشبوهة والشخصيات الموتورة للطعن في قرارات ادوغان وتحميل حزبه وحكومته مغبة تلك الخطوة… ولثارت بذلك فئات المتربصين أو الغافلين ضده… لذلك كانت خطته في نظري المعزز بالأدلة هي أن يتركهم في عملهم وخططهم يعمهون مطمئنين… إلى أن تأتي لحظة الصفر… ويشرعون في تنفيذ مخططهم… فينقض عليهم في زمن ولادته قبل أن يستهل صارخا صرخته المنكرة…
فكان ما كان مما لم يستسغه اعداء التجربة الرجبية الإسلامية… من مرتزقة الإعلام الشرقي والغربي أو المغفلين الذين يهيمون مع كل صوت ويتبعون كل ناعق… أو من تنقصهم الحنكة الفكرية والسياسية والمعلومات الضرورية لتكوين تصور منضبط عن هذه النازلة وعناصرها وخيوطها…
وبعد؛
لا ندري ما ستأتي به الأيام بعد تعدد الأصوات وتداخلها في تقويم هذه الواقعة وما فيها وما بين يديها… إلا أنني على يقين أن تجربة الطيب أردوغان وقوته وحنكته ودهاءه لا يمكن المصادرة عليها كيفما كانت النتائج… وأننا لنرجو ونطلب من الله أن يكون الأمر إلى خير تركيا وشعبها المسلم… وأن تنقشع سحابة هذه الفتن عن الشرق الإسلامي كله… والله قدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.