مصرع شخص بعد سقوطه من الطابق الرابع بطنجة    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    واشنطن : الاحتفاء بالتحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة    الطبقة العاملة باقليم الحسيمة تخلد ذكرى فاتح ماي    حكيمي بعد خسارة PSG مع دورتموند: لالي كان صعيب وثايقين فريوسنا غانتأهلو للفينال فالروتور    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط إلى سبع رحلات أسبوعيا    تخلف ورجعية. سلطات إيران استجوبت طاقم وممثلي فيلم "حبة الكرموس المقدس" اللي غادي يشارك ف مهرجان "كان"    الصحراء المغربية .. أكاديميون إسبان يؤكدون على أهمية مخطط الحكم الذاتي    دوري الأبطال.. دورتموند يهزم باريس سان جرمان ويقطع خطوة أولى نحو النهائي    رئيس كولومبيا يقطع العلاقات مع إسرائيل ويصرح: إذا ماتت فلسطين ماتت الإنسانية    دراسة تربط بين أدوية حرقة المعدة والإصابة بالصداع النصفي    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    أمطار استثنائية تؤدي إلى إغلاق أنفاق وجسور وتعليق الدراسة بعدة مناطق في السعودية    أرباب المقاهي يهاجمون مجلس المنافسة    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية.. وهذه توقعات الخميس    قاتل تلميذة صفرو.. اتهامات بالاعتداء على 7 تلاميذ آخرين تحاصر الجاني وهذا موعد محاكمته    من طنجة.. نقابات تدعو لتحصين المكتسبات وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العمل    فيديو: عادل تاعرابت يسجل ثنائية ويقود النصر إلى نهائي كأس رئيس الإمارات    حموشي يستقبل سفير باكستان ويناقشان تطوير التعاون الأمني بين البلدين    أسعار الذهب تتراجع إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    "النقد الدولي": اقتصاد المغرب مستمر في إبداء مرونة في مواجهة الصدمات    طائرة مغربية بطنجة تتعرض لحادث تصادم مع سرب طيور    «باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    آثار جانبية مميتة للقاح "أسترازينيكا".. فما هي أعراض الإصابة؟    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    السفير محمد لخصاصي، القيادي الاتحادي وقيدوم المناضلين الاتحاديين .. أنوه بالمكتسبات ذات الطابع الاستراتيجي التي يسير حزبنا على هديها    الوداد يغلق باب الانخراط ببلوغه لرقم قياسي    ميارة يثني على مخرجات الاتفاق الاجتماعي ويرفض اتهام الحكومة ب"شراء النقابات "    إسطنبول.. وفد برلماني يؤكد موقف المغرب الراسخ من عدالة القضية الفلسطينية    صحف أمريكية تقاضي "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" بتهمة انتهاك حقوق الملكية    لقجع "مطلوب" في مصر بسبب الشيبي    اختتام الوحدة الثالثة للدورة التكوينية للمدربين لنيل دبلوم "كاف برو"    مسيرات نقابية في مختلف المدن المغربية لإحياء يوم العمال العالمي    الإعلامي حميد سعدني يحل ضيفا على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك    توافد 3,3 مليون سائح برسم الفصل الأول من سنة 2024    ارتفاع الحصيلة في قطاع غزة إلى 34568 قتيلا منذ اندلاع الحرب    صفعة جديدة لتونس قيس سعيّد.. عقوبات ثقيلة من الوكالة العالمية للمنشطات على تونس    إدارة السجن المحلي بالناظور تنفي مزاعم تسبب التعنيف والإهمال في وفاة سجينين    فوزي الصقلي : المغرب بلد منفتح على العالمية    حريق بمحل لبيع المفروشات بسوق كاسبراطا بطنجة يثير هلع التجار    الحكومة تعلن عن مشروع لصناعة أول طائرة مغربية بالكامل        فاتح ماي فكازا. بركان حاضرة بتونيها عند موخاريق وفلسطين جامعاهم مع نقابة الاموي والريسوني والراضي ما غابوش وضربة اخنوش ما خلاتش العمال يخرجو    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    النفط يتراجع ليوم ثالث بضغط من تزايد آمال التوصل لتهدئة في الشرق الأوسط    هل تستطيع فئران التجارب التلاعب بنتائج الاختبارات العلمية؟    جمعية طبية تنبه إلى التهاب قناة الأذن .. الأسباب والحلول    في مواجهة الحتمية الجيوسياسية.. الاتحاد الأوروبي يختار التوسع    المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب    الشرطة تعتقل عشرات المحتجين المؤيدين لفلسطين في مداهمة لجامعة كولومبيا بنيويورك    رئيس جامعة عبد المالك السعدي يشارك بروما في فعاليات المنتدى الأكاديمي والعلمي    حارة نجيب محفوظ .. معرض أبوظبي للكتاب يحتفي ب"عميد الرواية العربية"    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيميائيون يبدأون مهمة شبه مستحيلة «لقتل» البلاستيك
نشر في كشـ24 يوم 20 - 08 - 2018

تبلغ كمية البلاستيك التجاري المستخدمة حالياً نحو 400 مليون طن سنوياً، ينتهي قسم كبير منها في مياه المحيطات وبطون الأسماك الهالكة.
كيميائيون من حول العالم أخذوا على عاتقهم «مهمة شبه مستحيلة» لاختراع بلاستيك قابل للتحلل والتحول، بما يخدم الأهداف التجارية والبيئية، لعلهم يطيلون من عمر الكوكب بضع سنوات. في مختبر بجامعة إلينوي الأميركية صنع الدكتور آدم فاينبرغ لوحاً رقيقاً من البلاستيك الأصفر الفاقع ثم مزقه إلى قطعٍ صغيرة.
اختار فاينبرغ قالباً على شكل حرف «I» نسبةً لشِعار جامعته، حيث يعمل كيميائياً. ثمَّ ملأ القالب بالقطع البلاستيكية وأدخله في فرنٍ ساخن. يقول فاينبرغ لصحيفة The New York Times: «فتحت القالب ووجدت أمامي حرف «I» ذا اللون الأصفر الجميل هذا». اجتاز البلاستيك الجديد الذي صنعه أوَّل اختبارٍ له؛ إذ تبيِّن أنه قابل للقولبة باستخدام الحرارة مثل البلاستيك العادي. لكنَّ ثمة خطوةً مهمة أخرى كانت متبقية لإنجاز مهمَّة وضع تصوّر جديد لعالم البلاستيك المتين.
وضع فاينبرغ قطعة البلاستيك تحت ضوءٍ أبيض، وبعد خمس دقائق، لم يتبقَّ سوى نصفها. أما نصفها الآخر فقد سقط على الأرض. عندما جمَّع فانيبرغ أجزاء القالب المشكَّل على صورة حرف I، وجد ثقباً في منتصفه، ومكان هذا الثقب مادة صفراء لزجة. ما حدث للبلاستيك لم يكن مجرد ذوبان؛ بل إن وَحدات البناء المكوَّنة له، أي البوليمرات الاصطناعية الداخلة في تركيبه، عادت إلى وَحداتها الجزيئية الأصلية. قال فاينبرغ في وصف التجربة الناجحة: «انتابني شعورٌ يفوق الوصف».
لم تُصمَّم معظم البوليمرات الاصطناعية -وهي كلمة يونانية تعني «أجزاء كثيرة» لأنَّها عبارة عن سلاسل طويلة من عدة جزئياتٍ متطابقة- كي تتفكك أو تختفي. بل كان الغرض من تصميمها أن تبقى لأطوَل فترة ممكنة بمجرد أن بدأ استخدامها بديلاً للمعادن والزجاج في الأشياء المصنَّعة لتظل صالحة لمدة طويلة مثل السيارات والطائرات.
لكنَّ البوليمرات الاصطناعية باتت شائعة الاستخدام وقابلة للتغيير بحيث يتم استخدامها في أشياء مختلفة لدرجة أنَّها، بعد عقود، أصبحت في قلب العبء العالمي الذي يزن مليارات الأطنان مِن مخلَّفات البلاستيك. ثم بدأت حملات لإيقاف المنتجات التي لا يتناسب عُمر استخدامها مع عُمر بقاء المادة
ولهذا أصبح أحدث ما تستهدفه حملات الحفاظ على البيئة هي منتجات البلاستيك المُعدَّة للاستخدام الواحد المصنوعة من البوليمرات الاصطناعية؛ مثل مصَّاصات الشراب، ومرشّحات السجائر، وأغطية أكواب القهوة، وخلافه. وعلى مدار العقود الأخيرة، أدَّى عدم التناسب بين عُمر استخدام المُنتَج وعُمر بقاء المادة المُصنَّع منها إلى تراكُم المخلَّفات البلاستيكية في مكبَّات النفايات وفي البيئات الطبيعية، وبعضها يطفو على سطح المحيطات ويجرفه التيَّار حتى وصل إلى أقاصي العالم وتبتلع حيوانات من الحياة البحرية قطعاً منه. لا تتم إعادة تدوير سوى النزر اليسير منه؛ إذ تشير بعض التقديرات في الواقع إلى أنَّ 10% فقط من البلاستيك يُعاد تدويره سنوياً.
وتقدَّم الاتحاد الأوروبي بمقترحٍ لمنع منتجات البلاستيك المُعدَّة للاستخدام الواحد، سعياً لخفض إنتاج بعض العناصر بدءاً مِن معدَّات الصيد وحتى أعواد تنظيف الأذن القطنية. وتحاول أيضاً بعض مدن الولايات المتحدة حظر استخدام بعض أنواع البلاستيك، مثل أكياس البقالة ومصَّاصّات الشراب المنتشرة التي أصبحت فجأة رمزاً لموطِن الخلل في ثقافتنا الاستهلاكية.
ساعدت الآثار البيئية لتكدُّس البلاستيك وانحسار شعبية منتجاته في دَفع الكيميائيين في مهمَّةٍ لصناعة مواد تحقِّق مطلبين متضاربين: أن تكون متينة، وقابلة للتحلُّل عند الطَلب. باختصار، ينشد العلماء صُنع بوليمرات أو أنواع من البلاستيك تحتوي آلية تدمير ذاتي في تركيبها. قال فاينبرغ: «إنَّهما معياران على طرفيّ النقيض ونحاول السير على حبلٍ مشدودٍ بينهما».
ويقول إنَّه من الأسهل تشكيل بلاستيك متين دون تدميره، ولكن في الوقت ذاته، لا ينبغي ألا يظل موجوداً إلى الأبد. ويقول مارك هيلماير، مدير مركز البوليمرات المستدامة بجامعة مينيسوتا: «البراعة الحقيقية تكمن في أن تجعل البوليمرات ثابتة أثناء استخدامها، وغير ثابتة عند عدم الرغبة في استخدامها». ومع أنَّ البلاستيك ذاتيّ التدمير لن يكون الحل الناجع لمشكلة مخلَّفات البلاستيك، إلَّا أنَّ بمقدوره أن يفسح المجال لتطبيقاتٍ جديدة في مجالات توصيل الأدوية، والمواد المُلتئِمة ذاتياً، بل وحتى بعض الإلكترونيات.
تتطلب الخطوة الأولى انتقاء بوليمرات غير مستقرَّة بطبيعتها، وعادةً ما يتم تجاوزها على مر التاريخ نظراً لهشاشتها. إذا ما خُيِّرت هذه البوليمرات، فإنَّها تميل لأن تبقى في هيئة جزيئاتٍ صغيرة. ما يقوم به العلماء هوَ أنَّهم يجبرون تلك الجزيئات على الارتباط ببعضها البعض في صورة سلاسل طويلة، ثم الإمساك بالبوليمرات الناتجة. أحياناً تسمَّى عملية حلّ تلك البوليمرات باسم «تفكّك البوليمرات»، لأنَّه بمجرَّد تعرُّض البوليمرات لحدث تنشيطٍ ينزع عنه تِلك العوامل الحابِسة، فإنَّ وَحداته تسقُط واحدةً تلو الأخرى حتى تعود البوليمرات بالكامل إلى حالتها الأولى في صورة جزئياتٍ صغيرة.
ويشرح جيفري مور، المُشرِف على فاينبرغ بجامعة إلينوي: «بمجرَّد أن تبدأ العملية، تستمر الجزيئات بالتفكُّك دون توقُّف». حُبِسَت بوليمرات فاينبرغ في حلقاتٍ دائرية، بدلاً مِن أن تكون في سلاسل مفتوحة الأطراف. كانت الحلقات مستقرة. وحتى يُصنَع البلاستِك ذاتيّ التدمير، خَلَط فاينبرغ البوليمرات بالقليل من الصبغة الصفراء الحسَّاسة للضوء. وعندما يسلَّط الضوء على البلاستيك، تنتزع جزئيات الصبغة المنشَّطة الإلكترونات من البوليمرات. تنكسر الحلقات، تاركةً أطراف البوليمرات مكشوفة، لتتفكّك.
يحبس علماء آخرون جزيئات البوليمرات خاصتهم بسدِّ أطراف السلاسل الطويلة أو ربط السلاسل ببعضها البعض في صورة شبكات. ومن خلال تصميم تقنيات الحَبس تلك لتنكسر البوليمرات فور مواجهة حدثٍ منشط ما مثل الضوء أو الأحماض، يمكن للعلماء التحكُّم بأوان وكيفية تفكّك البوليمرات. تقول إليزابيث غيليز، الكيميائية المختصَّة بالبوليمرات لدى جامعة ويسترن في لندن بإقليم أونتاريو بكندا: «يمكننا إحداث تغييرٍ كبير في خواص البوليمر أو إحداث تحلّل كليّ له جرَّاء حدثٍ واحد فحسب». وتقول إنَّ التفكيك السريع وعند الطلب يمنح البوليمرات المتفكِكة أفضلية على نظيرتها القابلة للتحلُّل الحيوي، إذ إنَّ التحلل الحيويّ عادةً ما يكون بطيئاً ويصعب التحكم به.
نظرياً، ربما يساعد هذا الجيل المقبل من البوليمرات في التخفيف من مشكلات التلوُّث المصاحبة لمنتجات البلاستيك. إذا جرى تجميع وَحدات بناء البوليمرات بعد تفكّكها لصِناعة بوليمرات جديدة، فإنَّ هذا قد يؤدي لإعادة تدويرها كيميائياً. ومُعظَم عمليات إعادة التدوير التي تُنفَّذ اليوم تتضمَّن إذابة البلاستيك وإعادة قولبته. وقال الدكتور هيلماير: «في رأيي هذه العملية واعِدة، وتكمُن المشكلة في جَعلها زهيدة التكلفة بما يكفي، وجعل خواص البوليمرات الجديدة تنافِس تلك الشائع استخدامها بدرجة تكفي لتكون ذات نفعٍ ولكي تتمكن من اختراق السوق والوصول إلى المستهلك». من الناحية الاقتصادية، يعد إحلال البوليمرات المتفكِّكة محل البوليمرات الأكثر استخداماً مثل البولي إيثيلين (أكياس البقالة)، أو البولي بروبيلين (شباك الصيد) أو البولي تيرافيسيليت (الزجاجات ذات الاستخدام الواحد)، أمراً غير ممكن.
قالت الدكتورة إليزابيث: «البلاستيك المستخدَم في التغليف والتعبئة هو أرخص شيء على الإطلاق». وبدلاً مِن التركيز على تِلك السِلَع الرخيصة، يولي العلماء من أمثال هيلماير اهتماماً بالمواد ذات القيمة الأكبر مثل رغوة البولي يوريثان التي يشيع استخدامها في المراتِب ومقاعد السيارات. وفي عام 2016، صنع هيلماير وفريقه «بولي يوريثان» مِن بوليمرات متفكَّكة قابلة لإعادة التدوير الكيميائي. تُشتَق الوحدات الجزيئية المكوِّنة له من السكر وتُربَط معاً لتكوِّن أجزاء البوليمر، التي توصَّل معاً بشكلٍ متشابِك لتكوِّن شبكاتٍ من البولي يوريثان. يبقى الإسفنج الناتج ثابتاً عند درجة حرارة الغرفة لكنَّه يتفكَّك إلى وحدات عند تسخينه لدرجة حرارة أعلى من 400 درجة فهرنهايت.
قال هيلماير إنَّ استخدام المواد القابلة لإعادة التدوير الكيميائي ربما يصبح حلاً عملياً لا سيما إذا بدأت الشركات تتحمَّل مسؤولية منتجاتها بعد تجاوزها لعمرها الافتراضي. شارك هيلماير في تأسيس شركةٍ ناشئة تُدعى Valerian Materials هدفها الاتّجار في البولي يوريثان القابل لإعادة التدوير. ويقول إنَّه إذا ما اضطُرَت شركات السيارات لاستعادة سيَّارة مستعملة، ربما يكون مفيداً أن يكون لديهم نظام داخلي لإعادة التدوير الكيميائي لصِناعة موادٍ جديدة مِن المواد القديمة. وقالت جينيت غارسيا، وهي كيميائية مختصَّة بالبوليمرات لدى شركة IBM للتكنولوجيا: «هذه العملية هيَ استخلاصٌ للمواد الخام بكل ما تعنيه العبارة من معنى».
يمكُن أيضاً استخدام البوليمرات متفكّكة في إنتاج مواد لاصقة يمكِن إبطال مفعولها. وربما يساعد هذا في فصل عناصر ومواد معقَّدة مثل الألعاب أو الأسطح المصنوعة من مادة الفورميكا إلى مكوِّناتها الفردية لإعادة تدويرها. وقال سكوت فيليبس، الكيميائي المختصّ بالبوليمرات في جامعة ولاية أيداهوا بمقاطعة بويسي: «أداؤنا بالغ السوء فيما يتعلق بإعادة تدوير الصفائح، والمواد المركَّبة، بل وحتى الإلكترونيات». أدخَل فيليبس بالتعاوُن مع هيونغوو كيم، وهو يعمَل الآن لدى جامعة تشونام الوطنية في كوريا الجنوبية، قدراً ضئيلاً من بوليمر متفكِّك في نوعٍ آخر من البوليمر الرخيص شائع الاستخدام.
ولا يكون أيّ من نوعيّ البوليمر لزجاً إذا ما استخدما بشكل منفصل. لكن عند خلطهما معاً، يتشابكان ليكوِّنا شبكات، ويتحولان إلى مادةٍ لزجة رمادية اللون. ولإبطال عمل المادة اللاصقة الناتجة، وضع فيليبس وكيم مركب الفلوريد على حوافّ شريحتين زجاجيتين مجهريتين مُلصقتين معاً، وانفصلت الشريحتان عن بعضهما البعض في غضون دقائق.
يعد وجود البوليمرات المتفكِّكة والمواد القابلة لإعادة التدوير كلياً خطوةٌ نحو الأمام، لكن لا يزال على المستهلكين إعادة تدوير المنتجات على نحوٍ صحيح. وقال ستيف ألكسندر، رئيس اتحاد مُعيدي تدوير البلاستيك في الولايات المتحدة: «التلوُّث حدث لأنَّ المادة لم تُجمَع. إذا لم تفرز أنواع القِمامة بشكلٍ سليم، فإنَّه سينتهي بها الأمر أن تكون مجرد نفايات، مهما بلغت قيمتها». ويقول ألكسندر إنَّ الجَمع والفرز لا يزالان المشكلة الكبرى التي تواجِه العاملين في إعادة التدوير اليوم. ويقول راماني نرايان، الكيميائي المتخصّ بالبوليمرات لدى جامعة ولاية ميشيغن، إنَّ العامل الأهم في ذلك هوَ امتلاك بيئةٍ واضحة ومحدَّدة للتخلُّص من أي غرضٍ بعد انتهاء عُمر استخدامه.
قال نرايان إنَّه يمكن القول إنَّ البلاستيك القابل للتحلُّل الحيوي يحتوي هوَ الآخر على آليةٍ التدمير الذاتي، شريطة أن تنتهي هذه الأنواع من البلاستيك في المكان الصحيح وفي وجود الميكروبات اللازمة. غير أنّ هذه الأنواع من البلاستيك عانت من أعوامٍ من الدعاية الكاذبة والارتباك من جانب المستهلك. ولهذا السبب، يقود نرايات حملةً رائدة للتوجُّه نحو البلاستيك القابل للتحوُّل لسمادٍ للبيئة، بدءاً مِن الأواني المنزلية ومنتجات التغليف المُعدَّة للاستعمال الواحد التي تصنِّعها الشركة المتفرِّعة من هذه الحملة، شركة Nature-Tec.
ولا يقتصر تأثير التحويل إلى سماد على تغيير مجرى البلاستيك المعد للاستخدام الواحد المرتبط بالطعام فحسب، بل يمكن أيضاً أن يحوِّل مسار مخلَّفات الطعام نفسها. يقول نرايان: «إنَّ استخدام مصطلح «قابل التحوُّل لسماد» أمرٌ يحدِّد مصير البئية من حولنا». ويضيف أنَّه تعريفٌ «حاسم» بالنسبة للمستهلكين الذين يحاولون اختيار السلة التي يلقون فيها بالقمامة.
وفيما يتعدَّى غرض إعادة التدوير، قال مور إنَّه يمكن للبوليمرات المتفكِّكة أن تفتح المجال لتطبيقاتٍ جديدة بدءاً من طرق إعطاء الأدوية وحتَّى تصنيع مواد ملتئِمة ذاتياً. وفي حين لا تزال الأجهزة المزروعة بمجال الطب الحيوي أو الإلكترونيَّات ذات خاصية التدمير الذاتي أمراً بعيد المنال، إلَّا إنَّ علماءٍ مثل إليزابيث غيليز يصنعون بالفعل مواد تغليفٍ وتعبئة ذكية من البوليمرات المتفكِّكة. لا لحَمل البقالة، بل لتحتوي حمولاتٍ مثل عقاقير لعلاج مرض السرطان يُمكِن إطلاقها فقط على الأورام أو سمادٍ يُرَش فقط عند الحاجة له في الحقول.
وبالنسبة لهذه التطبيقات، يجب أن تكون الوَحدات آمنة وغير ذات خطورة. وتقول إليزابيث إنَّ جزيّء الغليوكسيلات، وهو جزيّء يوجَد في الطبيعة داخل الكائنات الدقيقة الموجودة في التربة، مرشحٌ محتمل لهذه المهمة. وصنع فريق إليزابيث بوليمرات متفكِّكة مكوَّنة من وحدات الغليوكسيلات وحَبس تفكُّكها بأنواعٍ مختلفة من السدادات في أطراف السلاسل حتى يمكن توظيفها في سيناريوهات مختلفة. وقالت: «لدينا أساسٌ شاملٌ هنا ويمكننا فقط تغيير السُدادة الموجودة في طرف السلسلة حتى نغيِّر استجابتها للمحفِّزات المختلفة»، مثل الضوء في حالة الحقول الزراعية أو البيئة منخفضة الأكسجين فيما يخص الأورام.
وبالنسبة لمور، فإنَّ الهدف هو صنع مواد قابلة للالتئام الذاتي. في هذا الصدد يقول: «نريد للمواد التي نصنِّعها أن تكون قابلة للتعافِي من أي تلف يلحق بها وتحافظ على مستوى أدائها لفتراتٍ طويلة». يتصوَّر مور مستقبلاً صُنع كبسولاتٍ صغيرة مصنوعة من بوليمرات متفكِّكة مع حشوها بمركَّباتٍ ملتئمة ذاتياً ثم دَمج هذه الكبسولات داخل الطبقات الخارجية للمنتجات. ويقول إنَّه ربما تكون بوليمرات هذه الكبسولات تستجيب للضوء، بحيث أنَّه عندما تتشقَّق الطبقة الخارجية للهاتف الخلوي، على سبيل المثال، ينشِّط الضوء النافذ عبر الغلاف تحلل الكبسولات، ثم تنصبّ منها المركَّبات الملتئمة لتسد الشقوق. وبذلك تعود الطبقة الخارجية للهاتف إلى حالةٍ أشبه بالجديدة من تلقاء نفسها، بما يقلل الحاجة لشراء جهازٍ جديد.
وبينما ننتظر ظهور هذا الجيل الجديد من البوليمرات، يجري ضخُّ أنواع البلاستيك التجاري المستخدمة حالياً بكمٍ مهول يبلغ 400 مليون طن سنوياً. وتقول جينيت غارسيا إنَّ أنواع البلاستيك تلك مصنوعةٌ لتكون في أقصى صورة من القوّة والمتانة لتظل موجودة لأطول فترةٍ ممكنة. وقالت جينيت: «إنَّ تصميم بوليمرات جديدة سيكون أمراً ذا أهميةٍ بالغة وضرورةٍ قصوى». لكنَّها قالت أيضاً إنَّ المشكلة الأكبر ستتمثَّل في كيفية إحلال إرث الأرض الحاليّ من مخلَّفات بوليمرات البلاستيك بشكلٍ مشابه، بحيث تكون الصورة المثالية هي تفكَّكها لتعود إلى صورة جزيئاتها الأولية. وأضافت: «هذا الأمر يمثل تحدياً لتحقيق أمر شبه مستحيل».

عربي بوست


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.