المغرب يعزز ريادته بمبادرة ربط الساحل بالأطلسي والجزائر ترد بخطة غامضة    لجنة تؤطر النموذج الجديد للصيدليات    ترامب يوقع على قرار يغير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب رسميا    آلاف المغاربة يتظاهرون ضد الحرب على غزة والتطبيع... والدولة تواصل تعزيز علاقاتها مع إسرائيل            طقس السبت: أجواء حارة وزخات رعدية بعدة مناطق بالمملكة    ميلانو تُلقي النظرة الأخيرة على "الملك" أرماني    "اعتصام ليلي أمام محكمة بالراشيدية للمطالبة بكشف الحقيقة في مقتل الطفل الراعي محمد بويسلخن    افتتاح الدورة ال13 للمهرجان الدولي "ملحونيات" بأزمور    كأس العالم 2026 .. المغرب القوة الصاعدة في سماء كرة القدم العالمية    المفوضية الأوروبية تغرم "غوغل" 3,5 مليار دولار لانتهاكها قواعد المنافسة    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بالمصالح اللاممركزة للأمن الوطني في عدد من المدن    ترامب يقول إن أمريكا تجري مفاوضات متعمقة مع حماس    الركراكي: التأهل للمونديال تحقق وأشرف حكيمي يستحق الكرة الذهبية    عدد مستخدمي "شات جي بي تي" يتجاوز 20 مليونا في غشت        تلميذة تنال شهادة الباكالوريا الفرنسية في سن التاسعة    سمكة قرش تقتل رجلا قبالة شاطئ سيدني    ألمانيا تدشن الحاسوب الفائق "جوبيتر" لتعزيز قدرتها في الذكاء الاصطناعي    طنجة.. الدرك الملكي يوقف شابًا متورطًا في ترويج المخدرات وحبوب الهلوسة        ساكنة مدينة الجديدة تخرج لتجديد العهد على نصرة ف.ل.سطين    الزلزولي يتدرب منفردا مع ريال بيتيس    موهوزي كاينيروغابا .. جنرال أوغندي مثير للجدل يقود المعارك عبر "إكس"    سبتة المحتلة .. البحر يلفظ جثتين لطفلين مغربيين والمأساة تكشف أزمة الهجرة القاتلة    مسعد بولس يلتقي دي ميستورا في واشنطن ويؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو "الحل الوحيد"    نقد مقال الريسوني    الذهب يحطم سقف 3600 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه    المغرب أول منتخب إفريقي يحجز بطاقة التأهل لمونديال 2026    في لقاء مع دي ميستورا .. مستشار ترامب يجدد دعم الحكم الذاتي بالصحراء    حموشي يتفقد ترتيبات الأمن بملعب مولاي عبد الله قبل مواجهة المغرب والنيجر    ذي ايكونوميست: المغرب بقيادة الملك محمد السادس يرسخ مكانته كقوة تجارية وصناعية    مجعيط: الناظور يتصدر الاستثمار بجهة الشرق ولعامل الإقليم دور مهم في ذلك    العقوبات البديلة تسجل 80 قرارا قضائيا    المغرب... إحداث 56.611 مقاولة إلى متم يونيو 2025    ماذا كان وراء زيارة حموشي لملعب الأمير مولاي عبد الله؟    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    وزير الأوقاف: الذكاء الاصطناعي يجمع على إيجابية خطط تسديد التبليغ    حينما يتحدث جاد المالح، ينثر الابتسامات، يؤجج العواطف، ويؤكد ارتباطه العميق بالمغرب    سكان الدول منخفضة الدخل أكثر عرضة للظواهر المناخية القصوى مقارنة بسكان الدول الغنية    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    10 مليارات درهم عمولات سنويّة.. "الأوليغوبول البنكي" قد يعرقل دخول بنك "رفولي" الرقمي بخدماته المجانية السوق المغربية    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس        رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا            سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    غاستون باشلار: لهيب شمعة    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدخول المدرسي في زمن كورونا.. أو الدخول بصيغة اختيارين أحلاهما مر
نشر في كشـ24 يوم 25 - 08 - 2020

ليس من شك أن الرأي العام الوطني كان ينتظر القرارات التي ستخرج بها وزارة التربية التعليم بخصوص تدبير الدخول المدرسي برسم الموسم الدراسي 20202021 والذي يحل في ظروف تعرف تفشي غير مسبوق لفيروس كورونا المستجد في جميع جهات وأقاليم المغرب يوازيه ارتفاع لعدد الوفيات اليومية وضغط كبير على المستشفيات وأقسام العناية المركزة بالإضافة إلى إغلاق أكبر المدن المغربية والتي تعرف تجمعات سكانية كبيرة جدا.
وبالفعل، أصدرت الوزارة مساء يوم السبت 22 غشت 2020 بلاغا يتضمن مجموعة من القرارات المُؤطِرة لعملية الدخول المدرسي المقبل، وهي القرارات التي أثارت مجموعة من ردود الفعل على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي التي تعبر عن تخوف أولياء الأمور وغموض الرؤية بشكل عام، على اعتبار أن القرارات المذكورة سَتَطرَحُ عددا من الإشكاليات العملية التي من شأنها المساس بعملية التحصيل الدراسي ومبدأ تكافؤ الفرص وجودة التعليم والتكوين.
تتمثل أولى هذه الإشكاليات في إقرار الاعتماد على "التعليم عن بُعد" كصيغة تربوية في بداية الموسم الدراسي 20202021 والذي سينطلق بتاريخ 7 شتنبر 2020، حيث أبانت التجربة السابقة لهذا النوع من التعليم علىضعف جودته بشكل كبير وعدم استفادة نسبة كبيرة من التلاميذ منه لا سيما أولئك المنتمين للفئات الفقيرة والهشة غير المرتبطين بشبكة الانترنيت أو غير المتوفرين على حاسوب أصلا وكذا تلاميذ المناطق النائية الذين تعرف مناطقهم من عدم وجود صبيب للانترنيت بل وانعدام شبكة الربط بالكهرباء أصلا، كما أن فئة كبيرة من التلاميذ لا تسمح ظروف سكناهم بالدراسة حيث يتواجدون بأحياء شعبية تتميز بكثرة الضجيج والمرافق المشتركة بين العائلات و عادات وتقاليد الاختلاط الاجتماعي بسبب أو بدونه.
كذلك، من بين القرارات المتخذة، هناك تخيير أولياء الأمور بين التعليم عن بعد والتعليم الحضوري، وهو ما سيطرح إشكاليات أخرى لعل أبرزها هو انعدام مبدأ تكافؤ الفرصبين التلاميذ لا سيما في ظل انعدام جودة التعليم عن بُعد وصعوبات استفادة الجميع منه على قدم المواساة، بل الأكثر من ذلك فقد اشترطت الوزارة على الراغبين في الاستفادة من التعليم الحضوري التعبير اختيار هذه الصيغة على أن يتم وضع آلية تمكن الأسر الراغبة في ذلك من التعبير عن هذا الاختيار، بمعنى أن ولي الأمر الراغب في متابعة ابنه للتعليم حضوريا سيكون مُلزما بالتوقيع على وثيقة يتحمل بموجبها تبعات هذا الاختيار مما من شأنه إعفاء الوزارة بالنسبة لقطاع التعليم العمومي و مؤسسات التعليم الخصوصي بالنسبة للقطاع الخاص من تحمل مسؤولية إصابة التلاميذ بمؤسساتهم بعدوى فيروس كورونا المستجد لا قدر الله، لأن الوزارة و معها مؤسسات التعليم الخصوصي ستدفع أمام القضاء بمقتضيات الفصل 230 من قانون الالتزامات و العقود و قاعدة العقد شريعة المتعاقدين…
في نفس السياق، ستطرح إمكانية الاختيار المُتاحة لأولياء الأمور إشكاليات أخرى تتعلق بنتائج هذا الاختيار، وكمثال على ذلك يمكن طرح الأسئلة التالية : ماذا لو قام 90%من أولياء الأمور في منطقة تعرف تواجد عدد من الأحياء الشعبية المكتظة بالساكنة باختيار التعليم الحضوري ؟ فهل من الممكن عمليا فرض إجراءات التباعد الاجتماعي بين الطاولات داخل الأقسام وكفاية الطاة الاستيعابية للمؤسسة المعنية ؟ وماذا عن الأساتذة الذين سيكون مضطرين في نفس الوقت إلى تلقين الدروس حضوريا وعن بُعد في ظل اختيار محتمل لمجموعة من أولياء الأمور لصيغة التعليم عن بُعد لأبنائهم ؟ ثم إنه بالنسبة للدوس التطبيقية التي تتطلب حضور التلاميذ بالمختبرات لا سيما ما يتعلق بدروس الفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية فكيف يمكن تصور إستفادة التلاميذ من هذه الدروس التطبيقية عن بُعد ؟ وثم على النقيض من ذلك، ماذا لو اختار 95% من أولياء الأمور صيغة التعليم عن بُعد لأبنائهم بمؤسسة تعليمية معينة فهل سيتم تدريس 5% المتبقية من التلاميذ حضوريا وتشغيل المؤسسة التعليمية وأطرها التدريسية والتربوية من أجل تدريس ومراقبة عدد قليل جدا من التلاميذ ؟ أما بالنسبة لقطاع التعليم الخصوصي فهل من المتصور قبول أولياء الأمور لصيغة التدريس عن بُعد من جديد في ظل النزاعات التي تسبب فيها هذا النوع من التعليم لما طالب أرباب المدارس الخصوصية أولياء الأمور بأداء واجبات التمدرس و النقل والمطعمة طيلة فترة الحجر الصحي التي عرفت اعتماد صيغة التعليم عن بُعد، وهي النزاعات التي ما فتئت تتزايد في الأسابيع الأخيرة من خلال تسجيل دعاوى استعجالية من طرف أولياء الأمور في مواجهة المدارس الخصوصية التي رفضت تمكينهم من شواهد المغادرة والنتائج المتعلقة بأبنائهم التلاميذ ؟ ثم إن أغلب أولياء الأمور الذين يلجأون للتعليم الخصوصي فإن من بين الأسباب الدافعة لذلك هي رغبتهم في تكليف المؤسسة الخاصة بحضانة أبنائهم و مراقبتهم طيلة اليوم بينما هم في مقرات عملهم، وهو الأمر غير الممكن مع التعليم عن بُعد.. إلى غير ذلك من الإشكاليات العملية التي ستُطرح في الأيام والأسابيع المقبلة.
من ناحية أخرى، قررت الوزارة تأجيل امتحانات الأولى باكالوريا إلى وقت لاحق، بعدما كانت مقررة في بداية شهر شتنبر المقبل، وبررت الوزارة في بلاغها قرارها هذا بالحالة الوبائية المقلقة التي تعيشها بلادنا، وهو القرار الذي سيطرح إشكالية عملية أخرى بحيث سيجد هؤلاء التلاميذ أنفسهم تائهين بين التركيز على تحضيرات مواد امتحان الأولى باكالوريا – الامتحان الجهوي الموحد المؤجل إلى وقت لاحق وغير مسمى، وبين متابعة دروس السنة الثانية باكالوريا التي ستنطلق في شتنبر.
كذلك، يُلاحظ إغفال الوزارة اتخاذ أي قرار بخصوص الدخول الجامعي إذ لا زال الطلبة في انتظار يطبعه الخوف بخصوص مستقبلهم الجامعي لا سيما أنهم لم يجتازوا أصلا امتحانات الدورة الربيعية من الموسم الجامعي الماضي، زد على ذلك عدم وضوح الرؤية بخصوص طريقة وصيغة متابعتهم للدروس بالنسبة للموسم الجامعي المقبل الذي تفصلنا عنه أيام قليلة..
إذن، وأمام هذه الإشكاليات التي َستُمَيِز الدخول المدرسي المقبل، فإن المتتبع لأوضاع البلاد والقرارات المتخذة منذ بدء الرفع التدريجي للحجر الصحي سَيُلاحِظَ أن حال بلادنا وما وصلت إليه ما هو إلا نتيجة عادية لمجموعة من القرارات التي أعطت الأسبقية للثانوي على حساب الضروري، ذلك أن التطور المهور لأعداد المصابين والوفيات من جراء فيروس كورونا والضغط الذي تعرفه المستشفيات، حيث كان من الأجدر منع ولوج الشواطئ وإغلاق المطاعم والمقاهي التي لا تحترم البروتوكل الوقائي بشكل صارم وما أكثرها ، كما كان من الأجدر عدم إقامة عيد الأضحى هذه السنة باعتباره سُنَة مؤكدة أي غير واجبة شرعا حتى في الظروف العادية وبالتالي تفادي الطقوس المرتبطة بهذه المناسبة التي تتميز بكثرة التنقلات بين المدن والقرى والاختلاط في الأسواق والتجمعات العائلية، مما تسبب في انتشار واسع للفيروس التاجي في أقاليم ومدن وقرى كانت إلى الأمس القريب في منأى عنه كما هو الحال بالنسبة لبني ملال وصفرو وتازة وتادلة وسيدي قاسم والحسيمة والرباط وسطات والحاجب إلى غير ذلك، بالإضافة إلى تأزيم الوضعية الوبائية للمدن الكبرى التي كانت موبوءة فيما قبل كالدار البيضاء ومراكش وفاس وطنجة .. وبالتالي فإن إهمال الضروري ( تحضير الدخول المدرسي.. ) في مقابل التمسك بالثانوي ( العيد و العطلة و العادات و التقاليد المجتمعية البالية..) لا يمكن إلا أن يؤدي للوضع الوبائي المقلق الذي تعيشه البلاد و الذي سيطرح إشكاليات عملية متعددة سَتُصعِبُ كثيرا من عملية الدخول المدرسي لهذا الموسم.
بقلم : الأستاذ مروان اغرباوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.